متفرقات

هل سقط “مسلسل الهدن” أمام “حرب موقتة” أم العكس؟

كتب جورج شاهين في” الجمهورية”: ظهر الخلاف الاميركي ـ الاسرائيلي جلياً عندما جمعت المنصّة الاعلامية كلاً من وزير الأمن الاسرائيلي يوآف غالانت ووزير الخارجبة الاميركي انتوني بلينكن، قبل ساعات قليلة من سقوط الهدنة الاخيرة فقال الاول “إنّ العمليات العسكرية ستُستأنف بعد سقوط الهدنة وانّ حرباً سنخوضها لأشهر عدة”. فقاطعه بلينكن ليقول: “من قال إنّ أمامكم مهلة اشهر”، نظر الوزير غالانت الى ضيفه من دون اي إشارة ايجابية واكمل حديثه عن الاستعدادات المقبلة وكأنّه لم يسمع بالملاحظة.

عند هذه الدلالات التي تشير الى تفلّت اسرائيل من اي عقال حتى اليوم، فوجىء بلينكن بشروط رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الذي فّند الشروط التي ينبغي تحقيقها قبل التفكير بإحياء دور السلطة في قطاع غزة بطريقة تبدو انّها اصعب من شروط “حماس” واسرائيل معاً. فقد رفض عباس مباشرة ومن دون مواربة مثل هذه المهمة، قبل أن تنسحب اسرائيل من القطاع. فليس هناك من مسؤول في السلطة يمكن ان يدخل اليه تحت رعاية الدبابات الاسرائيلية التي توغلت في احيائه.
ولذلك ارتفعت نسبة التحدّيات التي على الادارة الاميركية مواجهتها من الزاويتين الاسرائيلية والفلسطينية، الى درجة ليس من السهولة بمكان الوصول الى ما يريده الأميركيون ومعهم اركان الرباعية الاميركية ـ الاسرائيلية ـ المصرية والقطرية التي كانت منعقدة في الدوحة بحثاً مما هو أبعد من مسلسل الهدن التي كانت مضمونة بفعل التفاهم السرّي على تمديدها حتى الاثنين المقبل في الرابع من كانون الجاري، كما كشف وزير العلوم والتكنولوجيا الاسرائيلي أوفير أكونيس الذي سخر من الحديث عن “العقبات امام تمديدها كل يوم او يومين بعدما تمّ التصويت في الحكومة على الموافقة المسبقة الممنوحة الى “حكومة الحرب” بتمديد الهدن حتى ذلك التاريخ من دون العودة إليها”.
والى مجموعة الملاحظات المهمّة المتعددة الوجوه السياسية والعسكرية والانسانية، تجدر الاشارة الى انّ التصميم ما زال قائماً بشهادة البيت الأبيض لإحياء مسلسل الهدن الانسانية، وهو الذي أكّد بعد تجدد العمليات العسكرية أمس أنّ “العمل متواصل على تمديد الهدنة الإنسانية في غزة”، لتردّ اسرائيل عبر جريدة “وول ستريت جورنال” التي نقلت عن مسؤولين إسرائيليين انّ “رئيس الحكومة طلب من المخابرات مطاردة قادة “حماس” في عدة دول لقتلهم حيثما وجدوا”. وهو امر يزيد من التعقيدات امام ما بلغته المفاوضات الجارية في الدوحة، وليعطي دليلاً ساطعاً على حجم وصعوبة التوافق على اي صيغة تحاكي الانتقال الى تثبيت وقف النار والتمهيد للحل السياسي في ظل انشطار المواقف مما هو مطروح في شأن مستقبل القطاع والتي تسير في خطين متوازيين لا يمكن ان يلتقيا في اي نقطة حتى اليوم.
وبالاستناد الى هذه المعادلة المعقّدة تحتار المراجع الديبلوماسية والعسكرية في الفصل بين مشروعي تمديد الهدن المؤقتة او الاستمرار في جولات العنف المتقطعة في انتظار ما ستحمله الساعات المقبلة من مشاريع تتلاطم بتناقضاتها وسط امل ضئيل في احتمال الانتقال الى مرحلة وقف النار، بعدما حمّل بلينكن ليل أمس المسؤولية لحماس، كما بالنسبة الى سيناريو “فرض الحلول” التي يمكن ان تقود الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني في آن واحد اليها. وهي عملية تحتاج الى معجزة لا يمكن ان ترى النور سوى بتفاهم دولي كبير ما زال تكوينه ينتظر تحقيق حلم ليلة صيف.

المصدر : الجمهورية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى