الدمار في القرى الحدودية كبير جدا وهي باتت بحاجة الى تخطيط جديد وتأكيد على ان سلاح الوحدة والعيش المشترك أقوى سلاح بمواجهة الإحتلال

بيروت – أحمد منصور
يجمع أبناء البلدات الجنوبية على قدسية التمسك بأرضهم مهما كان حجم العدوان الإسرائيلي، الذي يريد إفراغ القرى الحدودية من سكانها، وتحويلها الى أرض محروقة خوفاً من البشر والحجر في تلك القرى، التي تمتاز بتاريخ طويل، ويختزن حقبات العصور المتعاقبة، فيما طال العدوان جميع تلك البلدات المتنوعة طائفيا ومذهبيا، نالت دور العبادة من مساجد وكنائس نصيبا كبيرا من هذا الإجرام .
وفي موازاة حجم الدمار الكبير للقرى والبلدات، والذي يفوق كل تصور، يشدد الأهالي والفاعليات، على أنه رغم الآلام والجراح الكبيرة، والتضحيات الجسام، “أن أبلغ سلاح لمواجهة العدو الإسرائيلي هو تماسك الوحدة الوطنية والعيش المشترك، الذي يمتاز به الجنوب، من مسلمين ومسيحيين .”
وتأتي بلدة “دير ميماس” في قضاء مرجعيون في مقدمة هذه البلدات، والتي تضم مختلف الطوائف المسيحية من الأرثوذكس المشرقيين والكاثوليك واللاتين والموارنة والبروتستانت، وهي جارة بلدات كفركلا والطيبة وبرج الملوك، والمقابلة لقلعة الشقيف، حيث نالت قسما كبيرا من الإعتداءات الإسرائيلية، وقد شهدت توغلا في أطرافها للدبابت الإسرائيلية، وصولا الى دير “ميما” القِدِّيس “مَامَا”، الذي دخله جنود الإحتلال ودنسوه محتفلين بوجودهم فيه، في رسالة إستفزاز وتأكيد على ان براثن العدوان لا تميز بين دين واخر، وبين مسلم أومسيحي ..
وقد أكد رئيس بلدية دير ميماس الدكتور جورج نكد الذي أكد ان جنود الإحتلال توغلوا في الأطراف الغربية للبلدة، ومن ثم تراجعوا بعد يومين وتمركزوا في تل النحاس .
وقال :” نحن لم نتقبل جنود الاحتلال في اطراف البلدة، فنحن تذوقنا مرارة الإحتلال الإسرائيلي، الذي نخشى ان يبقى في البلدة زارعا الخوف والرعب لدى الأهالي .”
وأشار الى أن نسبة عودة الأهالي الى البلدة حوالي 30 بالمئة، بسب عامل الخوف وعدم الإستقرار نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية، وعدم توفر مقومات الحياة من ماء وكهرباء، وانه يتابع مع مصلحة مياه الجنوبي ومجلس الجنوب لتأمين تشغيل بئر المياه، بعد تدمير انظمة الطاقة الشمسية بالغارات الاسرائيلية، وانه حضر الى البلدة مع عائلته لتشجيع الناس على العودة .”
وتحدث عن حجم الدمار الذي طال المنازل الواقعة في أطراف البلدة، جراء الغارات الإسرائيلية، فيما أصيب العديد من المنازل بالتصدع والأضرار .
وعن انتهاك جنود الاحتلال لدير “الماما”، إعتبر “انهم لا يقيمون أي وزن أو إحترام لدور العبادة والمقدسات، أكان مسجدا أو كنيسة، والدليل على ذلك ما قاموا به من خلال تفجير المساجد وتدنيس كنيسة الدير في بلدتنا، والذي كان تعرض للتدمير الكلي في حرب (يوليو) 2006.”
وشدد على “أن موضوع الأرض مقدس بالنسبة لأبناء الجنوب عامة، وهم يتمسكون بجذورهم وبأرض الأجداد والأهل، رغم كل التحديات والتضحيات والمخاطر . فأنا أعمل في مستشفى النجدة الشعبية في النبطية، وها انا اليوم بين أهلي، لأن الأرض غالية علينا، وعلى الرغم من ان دير ميماس من البلدات التي يحذر الاحتلال من العودة اليها، إلا ان الاهالي لم يخافوا وكسروا الإرادة الاسرائيلية”، مؤكدا “ان عامل الخوف هو المسيطر..”
وأشاد نكد “بالعلاقات الطيبة وحسن الجوار والمودة التي تسود بين ابناء القرى والبلدات الجنوبية”، وقال:” سيبقى الجنوب ملكا لأهله بمختلف طوائفهم ومذاهبهم، ونتمنى ان يعود الأمن الى الجنوب وينسحب الإحتلال من ترابنا الجنوبي العزيز علينا .”
وختم ” نحن بفارغ الصبر ننتظر انتشار الجيش اللبناني في الجنوب لحفظ الأمن”، ولفت الى “همجية الإحتلال في تدمير القرى التي يريدونها ارض ممسوحة، كي لا يعود اليها سكانها بسهولة، وان تطول فترة اعمارها بهدف الهاء الناس وعدم التفكير باسرائيل …”
وأما رئيس بلدية طيرحرفا في قضاء صور، قاسم حيدر، فأشار الى “ان حجم الدمار في البلدة يبلغ بحدود 85 بالمئة، ناهيك عن التعمد في جرف الطرقات والبنى التحتية من كهرباء ومياه وأعمال تخريب وجرف مساحات واسعة من الأراضي وحقول الزيتون المعمّر.”
وقال :” لم يتركوا شيئا في البلدة إلا ووضعوا بصماتهم الحاقدة عليها، والتي سيكتبها التاريخ، فالهمجية الإسرائيلية تجلت أبهى صورها في تصوير عملية تدمير مسجد البلدة بجرافة إسرائيلية، وعملوا على نشر شريط الفيديو، وهم يتباهون بهدم أماكن العبادة . وجرفوا أيضا الساحة العامة للبلدة وصبوا حقدهم في جميع أنحاء البلدة وغيروا معالمها بشكل كامل، حتى بتنا بحاجة الى إعادة تخطيط للعقارات والطرقات والأراضي.”
وإعتبر حيدر “أن غطرسة الكيان الصهيوني الذي تأسس على الإجرام والتدمير، يريد منها توجيه رسائل للدول العربية وترهيبها، من ان من يقف بوجه غطرسة الكيان الصهيوني سيكون مصيره كغزة ولبنان”.
واشار الى “ان اعادة اعمار البلدة يتطلب سنوات طويلة، وان الحياة مستحيلة فيها في ظل عدم توفر مقومات العيش، فنحن لا نأمن للعدو بسبب خروقاته اليوم واستمرار تنفيذه لمسلسل المجازر المتنقل ..”
وتحدث حيدر “عن اضرار نفسية لدى اهالي البلدة من خلال حجم الاضرار، وقال :”نحن بحاجة الى مواكبة اهلنا على مستوى عقد جلسات توعوية ونفسية، خاصة عندما يشاهدون منازلهم وجنى عمرهم، وأرزاقهم مدمرة ومحروقة، وهذا سيكون له اثرا سلبيا عليهم، لذلك نحن امامنا مشاكل عديدة سنواجهها خلال العودة، حيث سيكون بإستطاعته الحضور الى بلدته، ولكنه لن يتمكن من السكن بفعل دمار منزله.”
وأضاف “نحن بصدد العودة الى البلدة بعد انتشار الجيش اللبناني، نحن بحاجة الى اعادة اعمار البلدة واقامة بنى تحتية جديدة، ونسعى مع الجهات والمنظمات الدولية للمساعدة في الاعمار .”
وأكد “أن عمليات التدمير تزيدنا صلابة في التمسك بأرضنا، وسنعمنل على اعادة بناء البلدة، لأن هذا الموضوع نوع من المقاومة بوجه المحتل، حيث سنصنع من الضعف قوة .
واكد على التمسك بالتنوع والوحدة الوطنبية والعيش المشترك في جنوب لبنان، الذي نعتبره نوعا من المقاومة، ونتمسك بأفضل العلاقات بين مختلف قرى الجنوب المتنوعة طائفيا ومذهبيا” …مشددا على “ان سلاح الوحدة الوطنية والعيش المشترك أقوى سلاح في مواجهة العدو الإسرائيلي .”
وفي هذا الصدد قال رئيس بلدية الناقورة عباس عواضة:” لقد دمروا كل مقومات الحياة في الناقورة ومعظم القرى الحدودية، من دور عبادة ومرافق عامة”، مؤكدا “انها حرب ابادة للبشر والحجر سوياً .
وأضاف ” ان بلدتنا تحت الإحتلال، ونحن في انتظاردخول الجيش اللبناني بعد انسحاب الاحتلال، لانه عامل اطمئنان للناس، الذي سيقوم بالكشف الميداني ونزع كل العناصر التي تشكل خطرا على سلامة المواطنين .”
وقدّر رئيس البلدية حجم الدمّار في الناقورة بحدود 60 بالمئة”، مؤكدا “ان الواقع على الأرض، يظهر بوضوح الدمار بشكل أوضح الذي تعرضت له الناقورة ومنازلها .”
واكد ان البلدية وضعت خطة للعودة عبر فتح الطرقات وتأمين الناس، وأنها تجري إتصالات مع الفنادق الموجودة في المنطقة والبلدة، لتأمين الاهالي بشكل مؤقت، المتضررة بيوتهم ولا تصلح للسكن.
ولفت عواضة الى “ان الانتهاكات الاسرائيلية تدل على خوف اسرائيل من القرى الجنوبية، لذلك تحاول ترويع وإخافة الناس وتحويل القرى الحدودية الاى ارض محروقة .”
وشدد على “العودة واعادة الإعمار مهما كان حجم الدمار”.