المقاومة اللبنانية

الوزير السابق : جوزف الهاشم
سلّموا سلاماً ، أوْ سلّموا جَـدلاً .. وتوقّفوا عن هذا الجـدَل العقيم حول أجناس الإنتصار والإنكسار ، مع أنّ السلطان محمد الفاتح لا يزال يطوّق القسطنطينية .
صـدَق الرئيس نبيه بـرّي : “اللحظة اليوم هي لحظة تاريخية وليست لحظةً للمحاكمة …” أيْ لو شئنا أنْ نفتح أبواب المحاكم إزاءَ الذين ارتكبوا المعاصي السياسية والخطايا الوطنية لكان معظم الذين جلسوا على كراسي الحكم ، يجلسون اليوم على الكرسي الكهربائي .
حسَناً ، لقد حقّقنا انتصاراتٍ ومكاسب ، فتعالوا نستثمر ما نعتبره انتصاراً ونستخلص ما نعتبره عِبَـراً .
بعد البيان الأميركي معطوفاً على القرارات الدولية ، وبسْطِ سلطة الدولة المطلقة على الأرض وحصر السلاح ونـزع السلاح .
فهل تظلّ “المقاومة حاضرةً لمنعِ العدّو من استضعاف لبنان …؟”
ولأنّ موضوع سلاح المقاومة يشكّل مادة جدال وانقسام ومشاحنات ، فلا بـدّ من توضيح مفهوم المقاومة نشأةً وتشكيلاً ، دوراً ومهمات :
1 – المقاومة في المطلق هي حركة مدنيّة تقوم على مواجهة الإحتلال برعاية شرعية ، ومن مهمتها الدفاع عن الوطن حصراً وليس الهجوم ، وعندما تتخطّى المقاومةُ حدودَ الوطن للدفاع عن أوطان الآخرين تصبح مرتزقة لا مقاومة .
2 – المقاومة في لبنان ، ليس من مصلحة لبنان ، وليس من مصلحة حزب الله أن يحتكرها وحـده ، حتى لا تدّعي إسرائيل – وقد ادّعَتْ – أنها لا تستهدف اللبنانيين بل تحاربُ حزبَ الله الذراعَ الإيرانية في لبنان ، والأذرع قد تسبّبُ الذرائع .
3 – مع التسليم ، بأنّ إسرائيل لا تحتاج إلى ذريعة لشنِّ عدوانها ، إلاّ أنها حين تبادر هي إلى الإعتداء على لبنان ، يصبح على اللبنانيين جميعاً أنْ يواجهوا إسرائيل ، ومن يتخلّف عن هذا الواجب يكون ساعتئذٍ خائناً .
4 – أنْ تكون الحرب الإسرائيلية على لبنان ، والجيش اللبناني هو الذي يتولى مسؤولية الأمن في الجنوب ، فإنّ العدو الإسرائيلي لا يعود يستهدف طائفة معينة ومناطق معيّنة ، وقادة حزب الله دون غيرهم .
مع الملاحظة بأن الجيش يمتلك قـوةً شرعية وحصانةً دولية والتفافاً شعبياً، ويحظى بطاقة لبنانية مؤازرة في المغتربات لدى المجتمع الدولي .
5 – عندما تكون المقاومة إسلامية في لبنان ، فقد تبدو كأنها تدافع عن وطـن مسلم ما يُثيـرُ حفيظةَ الطوائف الأخرى ويطرح في المقابل جدَلية التوازن حيال عسكرةِ الطوائف .
من هنا ، يقتضي الفصل بين ازدواجية المقاومة من حيث المنطلق والهويّـة والإنتماء والأهداف .
إذا كان هناك موجبٌ تاريخي قومي عربي أخلاقي ديني لتحرير فلسطين من إسرائيل فهذه مسؤولية إسلامية قومية عربية جامعة ومشتركة .
وعندما يكون هناك موجب قومي وطني ومصيري لوجود مقاومة في لبنان ، فيجب أن تكون المقاومة مقاومة لبنانية حصراً ، لا تُختَصر بحزب ، ولا تُحتكَر بطائفة ، ويقتصر دورها على الدفاع عن لبنان ومساندة لبنان ، إنطلاقاً من الوحدة الوطنية ووحدة ساحات لبنان .
أمّـا بعد ، وقد تجلّت مؤشِّراتٌ متفائلة في ارتفاع وتيـرة الخطاب الوطني ، مع بروز العلم اللبناني إلى جانب علم حزب الله في بعض المشاهد والإطلالات ، فهذا يعني تجديد الخيار وتحديد وجهة الإنتشار .
فتعالوا إذاً ، إلى لبنان الوطن النهائي ، إلى كلمةِ سواء مع “الأخ الأكبر” الرئيس نبيـه بـري ، وقد رأى أنّ الإمتحان الأكبر “هو امتحانٌ لكلِّ لبناني ، للشيعي قبل أيِّ لبناني آخر ، إمتحانٌ كيف ننقـذُ لبنان وكيف نبنيـه وكيف نحميه …؟”
إنها الفرصة الأخيرة أمام مرآة التاريخ ، لننقذَ لبنان ونبني لبنان ونحمي لبنان.
أمَّا أن نحميه من أنفسنا ، فقد يحلّ إذ ذاك بلبنان مهـدِ الحضارة والرسالة ، ما حـلَّ في ألمانيا النازية ذات يـوم ، وهي البلد الذي أعلنه الفيلسوف الإلماني “هيغل” مهداً للحضارة والفكر .
عن جريدة الجمهورية
بتاريخ : 6/12/2024