متفرقات

المرتضى من برج السباع- طرابلس: مثلما الحج موسم لقاء وتطهير علينا كلبنانيين التطهّر من التنابذ ودعاوى الفرقة لنجاة وطننا وخلاصه وانتصاره على أعداء الإنسانية

المرتضى من برج السباع- طرابلس: مثلما الحج موسم لقاء وتطهير علينا كلبنانيين التطهّر من التنابذ ودعاوى الفرقة لنجاة وطننا وخلاصه وانتصاره على أعداء الإنسانية.
ضمن فعاليات طرابلس عاصمة للثقافة وبمناسبة موسم الحج المبارك اقامت جمعية طرابلس حياة، بالتعاون مع وزارة الثقافة وبرعاية كريمة من سماحة مفتي طرابلس الشيخ محمد امام، حفلاً احتفاءً بهذا الموسم الديني المميّز في برج برسباي(السباع) في طرابلس التابع لوزارة الثقافة، تخلله اقامة متحف مؤقّت داخل البرج، بتنظيم من الخبير التراثي الدكتور خالد تدمري، اشتمل على قطع متعددة ونفيسة جداً، مرتبطة بمناسك الحج ورحلة الحجاج قديماً وكساء الكعبة الشريفة، جرى استعارتها من تركيا ومصر ومن مقتنين طرابلسيين ولبنانيين.
الحفل الذي انارت اضواؤه آفاق طرابلس كان على درجة عالية من الرقي والتنظيم ابتدأ بالوقوف دقيقة صمت وتضامن مع شهداء الجنوب اللبناني وغزّة في فلسطين وقراءة الفاتحة عن ارواحهم ومن بعدها كانت كلمات لرئيسة الجمعية سليمة اديب ريفي رحبت فيها بالحضور واستعرضت مراحل التحضير وفنّدت مغزى المناسبة تلتها كلمة لسماحة المفتي ممثلاً بسماحة الشيخ سمير درويش اثنى فيها على الجهود التي يبذلها وزير الثقافة في طرابلس وشدّد فيها على وجوب التمسّك بالقيم ثم كانت كلمة لوزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى قال فيها:””فيما يسعى حجاج بيت الله الحرام في مناكب حجهم، صلوات ومناسك تطهِّرُ وتَشْفي، نسعى نحن من ههنا في مسالك الزمان لنقرأ الحج بالأعين تاريخا جريحًا ممتدا ما بين بيت المقدس ومقادس الحرمين في جزيرة العرب”

وتابع:”إنه حقا تاريخ جريح، كموسم الفريضة الواجبة الله تعالى على من استطاع إليها سبيلا؛ تلك التي تبدأ بنحر الخطايا وتنتهي بنَحْرِ الذبائح، عابرة ما بينهما من سفر في أرجاء التطهير الروحي النوراني، والاستجابة والاتضاع، حتى يفتدي الله المؤمنين وإيمانهم بذبح عظيم .”
اضاف:” أما أول الدرب هنا في رحلة المكان والزمان، فأولى القبلتين وأكنافها، حيث تستعصي الجراح على التعداد. اليوم، في القدس وغزة وسائر فلسطين، في الجنوب وبعض البقاع، يحج الشهداء إلى أرواحهم الطاهرة، والمصابون إلى جراحهم النازفة، والناجون إلى أطلال أعمارهم المهدمة. لكنهم، كما يفعل حجاج بيت الله الحرام، لا يزالون يرجمون شياطين هذا الجيل بمدافع من سجيل، ومسيرات أبابيل، مؤمنين بأن النصر صبر ساعة على الألم الوبيل.
وأما آخر الدرب فمكة المباركة والمدينة المنورة حيث يلتقي الناس أعراقا شتى، ويؤدون معًا فرائض واحدةً زُلفى إلى الواحد الأحد. فالحج، بالإضافة إلى كونه ركنا من أركان الإسلام، هو أيضًا موطن لقاء، وإعلان إلهي بأن الاتحاد على الفضائل عنوان.”
واردف:” الوجود البشري المتنوّع في انتماءاته الإنسانية. وفي هذا المعنى تدخل التلبية: “لبيك اللهم لبيك”، ولباس الإحرام الأبيض، والتخفف من أثقال الدنيا، فإن المؤمنين على اختلاف أوطانهم يرفعون تلك الصلاةَ الموحدة ويرتدون اللباس الواحد، ويطرحون الذنوب الكثيرة على عتبات بيت الله الحرام، استجابة لمقتضيات الإيمان الذي يجمعهم، ويساوي بينهم، فلا غني بينهم ولا فقير، ولا قريب ولا غريب، ولا شيء من الصفات التي تفرِّقُ بين الناس على حسب معايير الناس، بل الكل واحد في ميزان الإيمان. هذا البعد الروحاني ألا نستحق أن يرافقنا كلبنانيين على الأقل في تفاصيل حياتنا الوطنية فنعيش وحدتنا في اختلافنا، بحيث يكون التنوع سبيلا إلى لقائنا مجتمعين، ويكون هذا اللقاء سبيلا إلى احترام قيمة الحرية واكتناه الغنى في التنوع.”
وتابع:” ولا اكتمكم أنني في هذه الظروف التي يمر بها لبنان والمنطقة، لا نكتب الا من محبرة القيم الوطنية والإنسانية التي أستعيرها وأستعيدها دائما، مناديًا بأن التزامنا إياها هو الباب إلى الخلاص الاجتماعي والثقافي، المفضي في النتيجة إلى بناء الوطن والدولة على أسس ثابتة لا تهزّها رياح الزمان وأنواء صروفه العاتية. فكل شيء في كيان الدولة هامش على متن الثقافة وتفصيل من تفاصيلها: السياسة ثقافة، الاقتصاد ثقافة، والدفاع والأمن والقضاء والقانون ثقافة والسيادة والمقاومة كذلك وطرائق العيش والتنمية، وكلُّ مظهر من مظاهر الوجود البشري ثقافة. من هنا أنا مقتنع حتى الصميم، بأن خلاص لبنان والمنطقة يبدأ من فعل الثقافة القائمة على ركيزتين: القيم العليا وعيش المعية الوطنية. وهاتان الركيزتان تكتنزهما طرابلس، ولذلك حَقَّ لها أن تكون عاصمة الثقافة العربية لهذا العام، وعاصمة الثقافة اللبنانية على الدوام، كما أعلنا منذ بضعة أسابيع .”

وختم:” مثلما الحج موسم لقاء وتطهير ، ليكن لقاؤنا الوطني تطهيرا لنا من التنابذ ومن دعاوى الفرقة والتباعد، فذلك السبيل الأوحد إلى صلاح أمرنا ونجاة وطننا وانتصارنا على عدونا وعدو الإنسانية جمعاء. كل التقدير لجمعية طرابلس حياة وللسيدة سليمة اديب ريفي وللدكتور خالد تدمري وكل عيد ولبنان منتصر واللبنانيون بألف خير.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى