“المنبر القانوني للدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين”: لعدم إقرار مراسيم تخالف الدستور وتضرب مبادئ العدالة والمساواة

وزع “المنبر القانوني للدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين” نص مطالعته حول المقترح المقدم من مجلس الخدمة المدنية لإفادة العاملين في القطاع العام من الحافز اليومي المالي، وجاء فيه:
“بعد الإطلاع على الكتاب الموجه من قبل رئيس مجلس الخدمة المدنية لجانب دولة رئيس مجلس الوزراء الأستاذ نجيب ميقاتي والذي تضمن مقترحا جديدا لإفادة العاملين في القطاع العام من الحافز المالي اليومي، وبعد مقارنة المقترح مع القوانين ذات الصلة تبين أن هذا المقترح هو مرفوض قطعا كونه لا يصون مبادئ العدالة والمساواة بين الموظفين من جهة والعسكريين والمتقاعدين من جهة أخرى، ولا يشكل حلا عادلا ومستداما لتصحيح الرواتب والأجور، كما لا يلحظ الحد الأدنى للزيادة لأصحاب الرتب والفئات الدنيا التي تعيش تحت خط الفقر، لذا يهم المنبر القانوني للدفاع عن حقوق العسكريين المتقاعدين توضيح بعض النواحي التي ارتكز عليها المقترح بالإضافة الى بعض المغالطات التي جعلته لا يحقق الاهداف المبتغاة من طرحه وهي التالية:
أولا، ان معاش المتقاعد يوازي في الأصل 85 % مما يتقاضاه مثيله في الخدمة الذي يوازيه في الفئة الوظيفية والدرجة، لذلك في حال قررت الحكومة منح زيادة على طريقة رواتب ومعاشات إضافية ، عندها يجب منح المتقاعد عدد معاشات مساوية تماما لعدد رواتب مثيله في الخدمة، كونه لا يجوز منحه نسبة ال ٨٥٪ من ال٨٥٪ التي يتقاضاها عند إحالته على التقاعد، وهذه من المغالطات القانونية والحسابية الواردة في المقترح.
ثانيا، ارتكز المقترح على فكرة جوهرية تضرب حق المتقاعد بالعدالة والمساواة والتي أصبحت تشكل قاسما مشتركا ـومرفوضا قطعاـ في كل المقترحات المطروحة والتي تتمحور حول هدف واحد يتمثل بكيفية حرمان المتقاعدين من الزيادات التي ستمنح للموظفين، وهذا ما ورد في البند (2) الفقرة (1) ” ….ان هذا المقترح لن تكون كلفته مرتفعة، سيما وان هذه الزيادة لن يستفيد منها المتقاعدون …” . كما ان استبدال مسمى بدل الانتاجية ببدل النقل ما هو الا تجسيد صارخ لهذا الهدف بطريقة ملتوية. وقد تضمن المقترح منح المتقاعدين نحو ٦ معاشات وبالتقسيط ، فيما تم منح موظفي الخدمة ٨ معاشات، وفي عملية حسابية بسيطة، نرى أن موظف الخدمة من الفئة الخامسة سيمنح زيادة على الراتب بقيمة ١٦ مليوناً وبدل نقل بقيمة ٢٠ مليوناً أي ما مجموعه ٣٦ مليوناً، فيما سيمنح غالبية العسكريين المتقاعدين من الرتب الدنيا زيادة لن تزيد عن 6 مليون ليرة لبنانية حد أقصى ومؤجلة الدفع الى حين، اي سدس الزيادة الممنوحة للقطاع العام فأي عدالة هذه؟
ثالثا، تضمن المقترح تقسيط الزيادات التي ستمنح للمتقاعدين على مدى عام وهذا امر مرفوض كونه لا يجوز دستوريا ان تؤجل العدالة الى حين، فالمتقاعد تحمل بالأمس ويتحمل اليوم كموظف الخدمة أعباء الانهيار المالي والتضخم الهائل والرسوم والضرائب التي تضاعفت عشرات المرات.
رابعا، شاب المقترح المقدم وجميع المقترحات الأخرى عيب جوهري يمس بمبدأ العدالة عند مقاربة ازمة تصحيح الرواتب والأجور، والتي يجب ان ترتكز وبالدرجة الأولى على تحديد قيمة معاش الحد الادنى الذي يجب ان تناله الفئات والرتب الدنيا من المتقاعدين، بحيث يؤمن لهم الحق والقدرة على أبسط مقومات العيش الكريم، وبالتالي فإن المقترح غير واقعي كونه لم يأت على ذكر او تحديد لهذه القيمة، التي يجب ان تكون المرتكز لتحديد ما هو متوافر وتوزيعه على الجميع.
خامسا، وللأسف تضمن المقترح أيضا اقتطاع ما يوازي 100 دولار أميركي من المعاشات الثمانية التي ستمنح للعسكريين، علما انه سبق واقتطعت الحكومة قيمة هذه المساعدة عندما منحت سابقا اربعة معاشات لموظفي الإدارة وثلاث معاشات للعسكر بحجة تقاضيهم المئة دولار، مع الإشارة الى أن هذه المئة دولار لا يتقاضاها جميع عسكريي الاسلاك العسكرية والأمنية بل لعناصر الجيش فقط، وهي مؤقتة ومن خارج الخزينة ولا تدفع شهريا، وهناك معلومات تشير الى احتمالية وقفها نهائيا من قبل الجهات المانحة.
سادسا، إن فارق بدل النقل كما ورد في المقترح بين الموظفين المدنيين والعسكريين يساوي ١٠ ملايين ليرة شهريا لمصلحة الموظفين المدنيين، وبالتالي هذا أمر غير عادل، وتبرير ذلك في المقترح بأن العسكريين يتقاضون قسائم محروقات، هو ادعاء غير صحيح، إذ لا يستفيد كل العسكريين من المحروقات، كما لا تجوز المقارنة اساسا بين تكلفة بدل النقل للعسكريين والمدنيين، فالعسكريون كما يعرف الجميع ونتيجة طبيعة عملهم يتنقلون من أقصى الوطن إلى أقصاه ، وقد يستدعون للخدمة في اي وقت خلال مأذونياتهم، وهذا ما يرتب عليهم أعباء إضافية لا يتكبدها سواهم.
إذ يؤكد المنبر القانوني على وجوب التضامن الكامل مع المطالب المحقة لموظفي الإدارة العامة ومطالب كل القطاعات الاخرى ومن دون استثناء، يرفض المنبر القانوني في الوقت نفسه ازدواجية المعايير في العطاءات التي تميز بين قطاع وآخر وبين مؤسسات وأخرى. ويعتبر المنبر القانوني ان المطالب المحقة والمشروعة لكل الموظفين يجب ان تكون رافعة لإطلاق مسار مستدام لتصحيح الرواتب والأجور.
يعتبر المنبر القانوني ان الحل المستدام لتصحيح الرواتب والأجور لموظفي القطاع العام ومتقاعديه من عسكريين ومدنيين يجب ان يشارك في صناعته ممثلون عن أصحاب الحق، ويجب ان يرتكز على وحدة المعايير، دستورية القوانين وعدالة التشريع.
ويطالب المنبر القانوني بوقف كل العطاءات والتقديمات لجميع القطاعات التي اقرت مهما اختلفت تسمياتها، وان تتم مراجعة القيمة الفعلية للرواتب قبل عام ٢٠١٩ وما يوازيها بالدولار الأميركي وان يصار الى احتساب الزيادة وفقا لما يلي:
– إقرار نسبة زيادة موحدة وعادلة من القيمة الفعلية للرواتب لما كانت عليه قبل الانهيار المالي ولكافة القطاعات والاسلاك والمؤسسات ومتقاعديها من دون استثناء او تمييز.
– ان لا تقل هذه الزيادة للفئات والرتب الدنيا للموظفين وللمتقاعدين عن الحد الأدنى الذي يصون امنهم الاجتماعي وحقهم في العيش الكريم.
– ان يستكمل التدرج في التصحيح المستدام للأجور وفقا لتطور مداخيل الدولة ولانتظام المالية العامة.
اخيرا، يهيب المنبر القانوني بكل المعنيين في السلطتين التشريعية والتنفيذية عدم إقرار مراسيم تخالف الدستور ومقدمته وتضرب مبادئ العدالة والمساواة وتحرم الموظف والمتقاعد من حقه بالراتب او المعاش الذي يفترض ان يؤمن له ولعائلته الحد الادنى للعيش الكريم”.