محليات

القطاع العقاري في غيبوبة تامة في انتظار إنعاشه بتسوية تنقذ المنطقة

كتبت سلوى بعلبكي في” النهار”: يوم أقفلت المصارف أبوابها وانكفأت خلف الأبواب الموصدة بفعل فقدان السيولة، وحملة التشكيك والإتهامات والإعتداءات التي طاولتها، تعالت أصوات عاقلة تطالب وتحذّر من مغبة سقوط ليس القطاع المصرفي بما هو مؤسسات تجارية ومالية ونقدية فحسب، بل من سقوط أحد أهم وأكبر أبواب وآليات التسليف والتمويل للقطاعات الاقتصادية على اختلافها، والأفراد على تنوّع حاجاتهم بما فيها القروض السكنية، أكثر التسليفات ضرورة.

إدراك العارفين لخطورة غياب التمويل والتسليف عن الأسواق لم يأتِ من فراغ، بل من إطّلاع وثيق على الدور المحوري الذي تؤديه القروض التجارية والشخصية، في صناعة نشاط إقتصادي يعود بمردود إيجابي على النمو الوطني. بَيد أن ما كان يحذّر منه البعض حصل، وها هي أعمال التسليف والتمويل المصرفي متوقفة على أنواعها، وما الجمود القاتل في حركة السوق العقارية إلا الدليل الحسّي الذي يؤكد حقيقة أن إقفال أبواب التسليف والقروض المصرفية أو غيرها، سيؤدي حتما إلى إقفال السبل بوجه الراغبين في تطوير استثماراتهم أو اقتناء “شقة العمر”. لطالما كان العقار في لبنان يوصف بـ”الملاذ الآمن” وكانت معظم التوصيات الاقتصادية تؤكد ذلك، ولطالما أيضا كان امتلاك بيت أو عقار تجاري أحد أكثر أحلام اللبنانيين رواجا وخصوصا الشباب منهم، لما لهما من مردود بعيد الأمد من جهة، ونسبة مقبولة من العائد الشهري من جهة أخرى.

ولكن في ظل توقف جهات أساسية عن التسليف العقاري، على خلفية الأزمة المالية وغياب التشريعات اللازمة لحماية قيمة التسليفات، فقد السوق المعين الأساسي له، وبات مشهد المباني الخالية من السكان والشقق الجديدة الفارغة، إشارة فاقعة الى حجم الجمود وضمور الحركة العقارية بيعا وشراء.
عملت المصارف والمؤسسة العامة للإسكان ومعهما مصرف الإسكان، على النهوض بسوق العقارات منذ التسعينات حتى تشرين الأول 2019 وساهمت في إنعاشه ودعم مقدراته، لكنها لاحقا تحملت بمفردها تبعات الخسائر التي تسبب بها إنهيار النقد الوطني، إذ إن معظم القروض كانت بالليرة، مع إصرار الدولة على الإبقاء على قانونية تسديد القروض الممنوحة بالدولار على سعر صرف 1507 ليرات.
ما سبق ذكره من أسباب تعثّر القطاع العقاري لم تكن بمفردها العوامل الوحيدة، بل تضافر إضراب موظفي القطاع العام، وتوقيفات قضائية في الدوائر العقارية، إلى تجميد ملفات تسجيل وإفراز ما لا يقل عن 150 ألف ملف، يعاني أصحابها الأمرّين في مستنقع الإنتظار. وّمعظم تلك الملفات تقع تحت صلاحيات الدوائر العقارية في جبل لبنان، حيث تُعتبر المحافظة الأكثر نشاطا في التطوير العقاري، وحركة البيع والشراء.
تحوّلُ لبنان إلى اقتصاد الـ “كاش” يمكنه أن يساهم في إعادة إطلاق السوق العقارية، حيث يتحرر العديد من اللبنانيين من مسؤولية حفظ أموال طائلة في منازلهم وخطر فقدانها لعوامل عدة، فيلجأون إلى الإستثمار في العقار، وكذلك يسارع الكثير من المغتربين إلى شراء شقق وبيوت لتدنّي أسعارها بعد الأزمة، وللإفادة مستقبلا من الربحية المتأتية حكماً بعد الإنفراج الموعود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى