متفرقات

خلل السياسة الأميركية في الشرق الأوسط

د.ناصر زيدان -الخليج الإماراتية

أبرز العدوان الذي يُشنُّ على الشعب الفلسطيني خللاً هائلاً في المعايير الدولية وفي طريقة تعاطي الدول الكبرى مع الأحداث، وتتحمَّل الولايات المتحدة المسؤولية الأساسية عن هذا الاختلال، لأنها تقف إلى جانب الظالم وضد المظلوم، وهي لم تحرّك ساكناً منذ فترة طويلة لمعالجة الأزمة الأطول والأخطر على المستوى الدولي؛ وهي قضية الشعب العربي الفلسطيني وحقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة على أرضه التاريخية.

حاولت الإدارة الأميركية تجنيد كل القوى لصالح الوقوف إلى جانب الحرب التي تخوضها ضد روسيا في أوكرانيا، ولكن واشنطن لا تُقدم شيئاً ملموساً لأصحاب الحق، ولا تمارس ضغوطات على إسرائيل بل تمدها بكل وسائل القتل والتدمير وترفض وقف إطلاق النار كي تواصل عملية الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين بما يتناقض مع كل مبادئ حقوق الإنسان، وحق تقرير المصير.

الدعم الأعمى الذي ظهر فيه قادة الإدارة الأميركية لإسرائيل أفقد هذه الإدارة كل مصداقية لدى شعوب المنطقة العربية والإسلامية ولدى الرأي العام العالمي، وهو لا يليق بدولة تأسست على مبادئ احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان.

الإدارة الأميركية وبعض دوائر الدول الغربية أخطأت في تقدير الموقف تجاه أهم ملف دولي على الإطلاق. وهؤلاء تجاهلوا المساعي التي بُذلت من أجل إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وفقاً للقرارات الدولية، أو بموجب المبادرات الأخرى، وأهمها مقررات قمة بيروت العربية للعام 2002، والتي نصَّت على قيام الدولتين، وعلى مبدأ الأرض مقابل السلام. واستمرَّت الإدارة الأميركية في تشجيع المعتدي، وتجاهلت الممارسات الاستيطانية المتتالية التي قضمت غالبية الأراضي الفلسطينية.

يتّضح الخلل في السياسة الأميركية الخارجية أكثر فأكثر، عند متابعة المسارات التفاوضية السرية التي تجريها مع أطراف فاعلة على المستوى الدولي، وفي منطقة الشرق الأوسط على وجه التحديد. وهي بالفعل ساهمت في تعميم الفوضى في دول عديدة، ولاسيما في العراق وفي سوريا وفي لبنان وفي اليمن.

الرئيس الأميركي جو بايدن عارض علناً في الأشهر الأخيرة سياسة رئيس وزراء «إسرائيل» اليميني بنيامين نتنياهو، ولكن المفاجأة التي أثارت العجب هو تحوّل بايدن إلى مدافع شرس عن مواقف نتنياهو المسؤولة عن الارتكابات بحق الشعب الفلسطيني.

فشلت إسرائيل وأصدقاؤها في طمس القضية الفلسطينية، وفي تحويل مسألة شعب له تاريخه الحافل، إلى مجرَّد قضية لاجئين، يكفي بالنسبة لهم تأمين الطعام والشراب والتعليم ذات المستويات المتدنية له. وبعض المقاربات الغربية التي تناولت ما حصل بخلفية تُذكِّر بالرؤى الاستعمارية؛ فاقمت الغضب الفلسطيني والعربي، بينما كان يجب عليهم أن يساعدوا في إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وعدم تشجيع المعتدي.

لقد تغير العالم، والولايات المتحدة تحاول تحشيد أكبر عدد من الدول والشعوب إلى جانبها في صراعها المستجد على الساحة الدولية، لكنها ما زالت أسيرة لميثولوجيا خفية تحركها الغرائز العقائدية والتي يشجع عليها اللوبي المؤيد لإسرائيل. وفي هذه الحالة؛ ستخسر الإدارة الأميركية ما تبقى من أصدقاء لها في المنطقة، وستفقد ثقة شعوبها.

الشعب الفلسطيني صاحب حق واضح، ولديه المشروعية في مقاومة الاحتلال إلى أن يصل إلى أهدافه في إقامة دولة مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى