محليات

عماد عثمان وعلي إبراهيم «يضبضبان» ملف فساد!

انصاع المدير العام لقوى الأمن الداخلي، اللواء عماد عثمان، لضغوط المرجعية السياسية التي عيّنته في منصبه ومدّدت له، فأمر بوقف التحقيق في ملف فساد في وزارة التربية لحماية فاسدين يتبعون للمرجعية نفسها. ولحماية هؤلاء، ارتكب عثمان مخالفة فاضحة لأحكام قانون أصول المحاكمات الجزائية متدخّلاً في عمل القضاء، فلم ينتظر إشارة من النائب العام المالي القاضي علي ابراهيم لإقفال الملف المتعلق بتلقّي رشى مقابل تسريع تسليم شهادات للطلاب العراقيين، بل طلب من فرع المعلومات وقف التحقيق وإقفال الملف وتحويله إلى النيابة العامة المالية. وإذا كان ذنب عثمان عظيماً، فإن خطيئة إبراهيم أعظم، بموافقته على وقف الضابطة العدلية التحقيقات، وطلبه أن يحوّل إليه الملف مع هواتف الموظفين والسماسرة الموقوفين والمطلوب الاستماع إليهم. فالضابطة العدلية تعاون القضاء وتأتمر به ولا تأمره، ولا قدرات بشرية وتقنية لدى القضاء على التحقيق مع الموقوفين وفحص هواتفهم وغيرها من الإجراءات التي هي من وظيفة الضابطة العدلية أساساً. وكان يجدر بالمدّعي العام المالي أن يقتدي بالمحامية العامة الاستئنافية القاضية نازك الخطيب عندما أراد عثمان نفسه حماية المديرة العامة لهيئة إدارة السير والآليات والمركبات، هدى سلوم، أثناء التحقيق معها في تهم فساد، فحاول إقفال الملف. يومها رفضت الخطيب الأمر، وهدّدت عثمان بتوقيفه إن أوقف التحقيق!السبب في كل هذه المعمعة، على ما يبدو، هو محاولة ضبضبة الملف قبل وصول الموسى إلى أمينة سر لجنة معادلات ما قبل التعليم الجامعي، رئيسة دائرة الامتحانات الرسمية في وزارة التربية، أمل شعبان، ابنة شقيق جورج شعبان، مدير مكتب الرئيس سعد الحريري (وقبله الرئيس رفيق الحريري) في موسكو.

وكان فرع المعلومات قد أوقف موظفين يعملون في مكتب شعبان هم (ر. ب.) و(م. ف.) و(م. س.) و(ح. ش.)، قبل أن يخلي سبيل الثلاثة الأخيرين ويبقي على الأول الذي اعترف، وفق ما ورد في التحقيق، الذي اطّلعت «الأخبار» على جزء منه، بأنه كان يتقاضى رشى، بالاتفاق مع شعبان، لحجز مواعيد وتسريع معاملات تسليم المعادلات للطلاب العراقيين، بدلاً من التأخّر لأكثر من شهرين في انتظار موعد على المنصة. وأضاف أن شعبان كانت تمرّر المعاملات في اليوم نفسه، وكان هو يتولّى قبض 250 دولاراً من صاحب المعاملة، يعطي شعبان 200 منها ويحتفظ لنفسه بـ 50 دولاراً. وفيما كان منتظراً أن تتوسّع التحقيقات لتطاول أشخاصاً آخرين في لجنة المعادلات ودائرة الامتحانات الرسمية، وكان عدد الموقوفين مرشّحاً للارتفاع، ومع ظهور اسم شعبان واتهامها بتقاضي رشى، تدخل عثمان على الفور وقطع الطريق على أيّ توقيف يمكن أن يطاولها والتوسع في التحقيق لمعرفة ما إذا هناك تورط في ملفات أخرى غير الرشى.

وفي التفاصيل التي حصلت عليها «الأخبار» من مصادر قضائية مطّلعة على الملف الموجود في قلم النيابة العامة المالية، فإنّ فرع المعلومات حقق في ملف معادلات الشهادات الجامعية وعددها نحو ٣٠ محضراً، أُحيل منها ٢١ محضراً إلى القاضي إبراهيم الذي أحال بدوره، وقبل إنجاز كامل التحقيقات، نحو 12 ملفاً منها إلى قاضي التحقيق في بيروت أسعد بيرم. فبادر الأخير، بسرعة غير معهودة، إلى إصدار قرارات ظنية بحق موظفين ومعقّبي معاملات وسماسرة قبل انتهاء التحقيق مع عدد منهم، وطلب الظنّ بهؤلاء بموجب جرائم الجنح وليس الجنايات كما يُفترض. وتضمّنت القرارات الظنية اتهامات بتلقي مبالغ مالية تصل إلى 5 آلاف دولار من طلاب عراقيين مقابل تسريع إنجاز معاملات رسمية وتصديق شهادات وتعديلها، وارتكاب جرم الإثراء غير المشروع. تجدر الإشارة إلى أنّ جزءاً من الملفات التي ادّعى فيها إبراهيم (ملف أمل شعبان ليس من بينها) وأحالها إلى بيرم، عاود استئنافها قبل أن تحال إلى رئيس الهيئة الاتهامية في بيروت القاضي ماهر شعيتو الذي صادق على قرار بيرم.
وتشير مصادر مطّلعة على الملف إلى أن رضوخ النيابة العامة المالية والقبول بختم قوى الأمن التحقيقات من دون مبرّر وتحويل جزء من الملفات إلى قاضي التحقيق لتصدر القرارات بسرعة قياسية مؤشر على وجود ضغوط للفلفة التحقيق في الملفات. والتبرير الوحيد لقبول إبراهيم بختم عثمان التحقيقات، هو تقاطع المصالح لكون شعبان محسوبة على الرئيس الحريري، فيما عدد من الموقوفين محسوبون على حركة أمل.
فهل أتى التمديد للمدير العام لقوى الأمن الداخلي ليغطّي على الفساد أم ليطبق القانون؟ وما هو موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي أكد في بداية التحقيقات في الملف رفع الغطاء عن الموظفين، وكيف رفع الغطاء عن جميع الموظفين والسماسرة في تزوير الشهادات في الجامعة الإسلامية ولم يرفع عندما وصل التحقيق إلى شعبان؟ وما هي التخريجة التي سيلجأ إليها القاضي إبراهيم المحسوب بالسياسة على بري؟ هل سيحوّل الملف إلى مكتب الجرائم المالية، حيث الفاخوري الذي يركب أذن الجرّة كما يريد؟ وأين وزير التربية، عباس الحلبي، من كل هذه التطورات؟ هل هو مع توقف التحقيقات، علماً أنه أكّد سابقاً أنه لن يغطي أيّ موظف؟ وما هي الإجراءات الإدارية التي اتخذها بحق شعبان في انتظار التحقيق؟ ولماذا استقبل عثمان أخيراً؟ ولماذا زار جورج شعبان في مكتبه أخيراً أيضاً؟ وهل لا تزال النائبة بهية الحريري التي زارت الحلبي قبل يومين تمسك بالملف التربوي بعد خروجها من لجنة التربية النيابية؟

المصدر : الاخبار

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى