دوليات

ترامب أعطى الضوء الأخضر لنتنياهو وزوّده بما يلزم لبدء الحرب على إيران | استشهاد باقري وسلامي وحجي زادة وقادة وعلماء نوويين وإصابة مفاعل نطنز| مئات الصواريخ على تل أبيب تدمّر عشرات المباني منها «الكريا» و50 إصابة| إدانات عربية ولبنانية للعدوان… وحردان: أميركا نسفت الثقة بالعلاقات الدولية

كتبت “البناء” تقول: كشفت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي أعقبت نجاح الغارات الجوية الإسرائيلية والضربات الاستخبارية باستهداف مفاعل نطنز النووي واغتيال عدد من القادة العسكريين الإيرانيين وفي طليعتهم رئيس الأركان اللواء الشهيد محمد باقري وقائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي وقائد القوة الجوفضائية العميد أمير علي حاجي زادة، وقائد مقر خاتم الأنبياء اللواء غلام علي رشيد، أن قرار الحرب كان أميركياً، حيث قال ترامب إن الضربات الإسرائيلية كانت موفقة في معاقبة إيران على امتناعها عن الاستجابة لقبول شروطه التفاوضية في مهلة الستين يوماً التي حدّدها، زاعماً أن الضربة جاءت في اليوم الحادي والستين عقاباً على عدم الإجابة، رغم أن ترامب أعلن عن المهلة في 20 آذار وانتهت في 20 أيار، وخلال أكثر من 18 ساعة تمكّنت خلالها “إسرائيل” من التفرد بالسيطرة على المشهد حيث استهدفت عشرات المواقع العسكرية والنووية والدفاعات الجوية والرادارات والطائرات، بينما كانت تصدر في طهران مواقف تعلن العزم على ردّ مؤلم بحجم الجريمة والعدوان، إلى جانب صدور قرارات مرشد الجمهورية الإسلامية الإمام علي الخامنئي لتعيين بدائل للقادة الذين استشهدوا، حيث عين اللواء عبد الرحيم الموسوي بديلاً للواء محمد باقري في رئاسة الأركان، واللواء محمد باكبور قائداً للحرس الثوري، واللواء علي شادماني قائداً لمقر خاتم الأنبياء. ومنذ مساء امس، بدأت مئات الصواريخ الإيرانية في السقوط في مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة، حيث نالت منطقة تل أبيب النصيب الأكبر وكان مبنى وزارة الحرب أول الأهداف، واعترفت بيانات جيش الاحتلال بفشل القبة الحديدية والدفاعات الجوية في اعتراض غالبية الصواريخ الإيرانية، وتدمير عشرات المباني وسقوط خمسين أصابة.

المشهد الراهن هو منازلة مفتوحة، رغم محاولات الرئيس ترامب العودة إلى دور المفاوض واتصاله بقادة دول الخليج طلباً للتوسط مع طهران تحت شعار ضبط النفس ومنع التصعيد، وجاء الجواب السلبي من إيران استباقياً على الدعوات الأميركية، فتحدث سفير إيران في الأمم المتحدة عن قرار أميركي وراء الحرب، وأعلنت إيران سقوط مسار التفاوض وعدم الاستعداد للمشاركة في المفاوضات المقرّرة الأحد في مسقط، وعلق وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على دعوة ترامب لضبط النفس بقوله إن هذه دعوات غير مناسبة، وبعد الردّ الإيراني توعّد بنيامين نتنياهو إيران بالردّ على الردّ، حيث تواصلت الغارات الإسرائيلية على طهران مع منتصف الليل. وهذا المسار قالت عنه مصادر متابعة إنه مسار حرب استنزاف مفتوحة، لن تتوقف بسهولة في ظل سقوط الدور الأميركيّ التفاوضيّ، والعجز عن تحقيق انتصار كامل لأي من الطرفين، بحيث يصبح العجز عن مواصلة الحرب لدى أحدهما سبباً لطلب الوساطة لوقف الحرب والقبول بحلول سياسية يفرض شروطها الأقدر على الصمود والتحمل. وهذا ما تبدو إيران نظراً لمساحتها وعدد سكانها وحجم قدراتها مهيأة له أكثر من كيان الاحتلال.

 

وفيما خطف العدوان الإسرائيلي على إيران والرد الإيراني الأضواء العالمية، سيطرت حالة من الترقب والحذر وحبس الأنفاس على المشهد الداخلي في ظل مخاوف من تداعيات الحرب على لبنان، إلا أن مصادر مطلعة استبعدت اندلاع الجبهة اللبنانية مع «إسرائيل» في الوقت الحاضر، لأسباب متعددة، موضحة لـ»البناء» أن حزب الله لن يقوم بعمل عسكري ضد «إسرائيل» دعماً لإيران التي لم تطلب ذلك أولاً وتستطيع الدفاع عن نفسها وتملك الإمكانات لذلك، وما قامت به من ردود أولية على الكيان الإسرائيلي يؤكد ذلك. ولفتت المصادر الى أن العدو الإسرائيلي بدوره لن يفتح جبهة ثانية ضد لبنان، فهو يريد التركيز على الجبهة مع إيران.
ووفق مصادر رسمية لـ”البناء” فإن لبنان ينأى بنفسه عن ما يحصل من تبادل ضربات بين إيران و”إسرائيل”، وهو بطبيعة الحال يقف مع إيران وهي صديقة للبنان ويدين العدوان الإسرائيلي عليها، لكنه لن يتدخل أو يدخل في سياسة المحاور، وهو عانى ما عاناه من الحرب الأخيرة وظروفه لا تسمح بالدخول في حرب جديدة، وبالتالي حزب الله حريص على حماية لبنان من نار الصراع في المنطقة ويحترم قرار الدولة وهو جزء من الدولة وقرارها. وشدّدت المصادر على أن لبنان ملتزم بتطبيق القرار 1701 وإعلان وقف إطلاق النار والجيش اللبناني يقوم بتنفيذ التزامات لبنان وفق القرارات الدولية بخاصة في جنوب الليطاني، وبالتالي لا خطر من اشتعال الجبهة الجنوبية على نطاق واسع، إلا من الاعتداءات الإسرائيلية اليومية على لبنان والتي يعمل لبنان مع لجنة الإشراف الدولية والأميركيين والفرنسيين وبعض الدول العربية المؤثرة الى وقف الخروق والانسحاب من الجنوب وبدء مسار الحوار بين رئيس الجمهورية وحزب الله حول حصرية السلاح واستراتيجية الأمن الوطني.

وبقي لبنان في منأى عن تبادل الضربات الإسرائيلية – الإيرانية، مع هدوء يشوبه الحذر، لكنه شاهد بالعين المجرّدة في الأجواء اللبنانية الصواريخ الإيرانية المتجهة الى كيان الاحتلال، فيما سقطت شظايا من صواريخ القبب الحديديّة في بعض المناطق اللبنانية، حيث أعلنت قيادة الجيش في بيان عن “سقوط بقايا صواريخ اعتراضيّة”، ودعت المواطنين إلى “عدم الاقتراب منها حفاظًا على سلامتهم”. وأشارت إلى أنّ “الوحدات العسكريّة المختصّة تعمل على نقل هذه البقايا وإجراء اللّازم بشأنها”. وبدورها، أعلنت مديرية الطيران المدني، بناءً على توجيهات وزير الأشغال العامّة والنّقل فايز رسامني، إقفال المجال الجوّي اللّبناني بدءًا من السّاعة العاشرة والنّصف مساء اليوم، وحتّى السّاعة السّادسة صباح اليوم.
في المواقف، أدان حزب الله بشدّة العدوان الإسرائيلي الغاشم الذي استهدف الجمهورية الإسلامية في إيران، ‏والذي يشكّل ‏تصعيداً خطيراً في مسار التفلّت الصهيوني من كل الضوابط والقواعد بغطاء ‏ورعاية أميركيتين كاملتين، ويؤكد أن ‏هذا العدو لا يلتزم أي منطق أو قوانين، وأنه لا يعرف إلا ‏لغة القتل والنار والدمار، وبات يجمح إلى ارتكاب حماقات ‏ويقوم بمغامرات تنذر بإشعال المنطقة ‏برمّتها، خدمة لأهدافه العدوانيّة، ولإنقاذ نفسه من أزماته الداخلية‎.‎
وأكد الحزب أن هذا العدوان لم يكن ليحصل لولا الموافقة والتنسيق والتغطية الأميركية ‏المباشرة، والتي ‏تسعى واشنطن للتنصل منها درءاً لأي تداعيات عليها. وإذ يُعرب حزب الله ‏عن تضامنه الكامل مع الجمهورية ‏الإسلامية في إيران، قيادةً وشعبا، في وجه هذا الاعتداء ‏الخطير، يؤكد أن مثل هذه الاعتداءات لن تُضعف إيران، ‏بل ستزيدها قوة وصلابة في مواجهة ‏الأخطار، وإصراراً على الدفاع عن سيادتها وأمنها‎.‎

بدوره، رأى الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم‏ في بيان “أن لا يوجد أي مبرر لهذا العدوان “الإسرائيلي” سوى إسكات صوت الحق الداعم والمساند للشعب الفلسطيني في غزّة ‏الصمود والإباء وقضيته في تحرير فلسطين والقدس والمقاومة في لبنان والمنطقة. سيترك هذا العدوان آثاره ‏الكبيرة على استقرار المنطقة فهو لن يمرّ دون رد وعقاب فالجمهورية الإسلامية الإيرانية شُعلة الأحرار والكرامة ‏والعزة وستبقى في الموقع المتقدم للنموذج الاستثنائي الأصيل والحر والداعم للشرفاء والمستضعفين في منطقتنا ‏والعالم”.‏ وشدّد على أنه “لن يتمكّن العدوّ “الإسرائيلي” ومعه أميركا من التأثير على خيارات الجمهورية الإسلامية الإيرانية ولا التأثير على ‏دورها ومكانتها، بل ستزداد عزة وصلابة وسيندم الكيان “الإسرائيلي” على همجيته ووحشيته”.‏
وقال: “إننا في حزب الله ومقاومتنا الإسلامية وشعبنا المجاهد مُتمسكون بِنهجنا ومقاومتنا، ونُؤيد الجمهورية الإسلامية ‏الإيرانية في حقوقها وموقفها، وفي كلّ ما تتّخذه من خطوات وإجراءات للدفاع عن نفسها وخياراتها. ولن يجني ‏العدو “الإسرائيلي” المجرم وراعيته الطاغوتية أميركا إلاَّ الخزي والعار والخسران”.‏

رسمياً، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون الذي عاد أمس، إلى بيروت من الفاتيكان “ان الاعتداءات الإسرائيلية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، لم تستهدف الشعب الإيراني فحسب، بل استهدفت كل الجهود الدولية التي تبذل للمحافظة على الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والدول المجاورة وتفادي التصعيد فيها”، معتبراً أن “مثل هذه الاعتداءات ترمي إلى تقويض كل المبادرات والوساطات القائمة حالياً لمنع تدهور الأوضاع والتي كانت قطعت شوطاً متقدماً بهدف الوصول إلى حلول واقعية وعادلة تبعد خطر الحرب عن دول المنطقة وشعوبها”. ودعا الرئيس عون المجتمع الدولي إلى التحرك الفاعل والسريع لعدم تمكين “إسرائيل” من تحقيق أهدافها التي لم تعد خافية على أحد والتي تنذر، في حال استمرت، بأخطر العواقب. وقدم الرئيس عون تعازيه إلى القيادة الإيرانية بالذين قضوا نتيجة الاعتداءات الإسرائيلية التي وقعت فجر اليوم من قياديين عسكريين ومدنيين متمنياً الشفاء العاجل للمصابين.
من جهته، أدان رئيس مجلس النواب نبيه برّي العدوان “الإسرائيلي” الذي استهدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية، فجر اليوم الجمعة، مؤكدًا أنّ هذا العدوان يشكّل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي ولسيادة الدول المستقلة واستقرار جوارها الإقليمي، وهو فعل مدان بكلّ المقاييس.
كما رأى الرئيس برّي أنّ الكيان “الإسرائيلي”، من خلال حروبه العدوانية المتواصلة في قطاع غزّة ولبنان، واليوم ضدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وسلوك مستوياته السياسية والعسكرية والأمنية، يمثل تهديدًا عابرًا لحدود الدول المستقلة وللأمن والاستقرار الدوليين.

وأكد الرئيس برّي تضامن لبنان الكامل ووقوفه إلى جانب الجمهورية الإسلامية الإيرانية، قائدًا وشعبًا وثورة، ومشاطرة ذوي الشهداء الذين ارتقوا جراء هذا العدوان الغادر بأسمى آيات العزاء، متمنيًا للجرحى الشفاء العاجل.
ودعا الرئيس برّي المجتمع الدولي إلى موقف جاد وصريح، وقبل فوات الآوان، يلجم ويوقف العدوانية “الإسرائيلية” التي لا تغتال فقط الإنسان والطفولة والأمن والاستقرار والقوانين والقرارات الدولية، أيضًا تغتال كلّ مسعى أو جهد يُبذل من أجل إرساء قواعد السلام العادل والشامل في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط.
بدوره، تابع رئيس الحكومة نواف سلام تداعيات الضربات الإسرائيلية على إيران مع وزراء الدفاع ميشال منسى، الداخلية أحمد الحجار، الخارجية يوسف رجي والأشغال العامة والنقل فايز رسامني، بالإضافة إلى قائد الجيش العماد رودولف هيكل. وشدد الرئيس سلام على ضرورة اتخاذ كل الإجراءات لضبط الاستقرار، لا سيما في ظل التوترات الإقليمية الراهنة. كما جرى استعراض الخطط الطارئة الموضوعة من قبل الأجهزة الأمنية والوزارات المختصة للتعامل مع أي انعكاسات مباشرة أو غير مباشرة على الوضع الداخلي.

على صعيد آخر، أبلغت قيادة القوات الدولية في الجنوب مراجع رسمية وفق ما علمت “البناء” تمسكها بوجودها في الجنوب ومهماتها في حفظ الأمن على الحدود ومراقبة وقف إطلاق النار إلى جانب أعمالها الإنسانية والإغاثية، وشددت على ضرورة تسهيل مهمتها وعدم اعتراضها والإعتداء عليها، كما أبلغت المراجع بأن القوات الدوليّة تبلّغ الجيش اللبناني عن جميع المهمات الأمنية التي تقوم بها اليونيفيل ودورياتها لكن الجيش في بعض الأحيان ليس لديه العديد الكافي والإمكانات المتوجبة لمرافقة اليونيفيل في كل دورياتها ومهماتها.
ووفق معلومات “البناء” فقد شرحت قيادة اليونيفيل لوفد نيابي زارها أمس، تفاصيل مهماتها ودعمها للجيش اللبناني في انتشاره في جنوب الليطاني والمهمات التي يقوم بها، وعملها لجهة تسجيل الخروقات الإسرائيلية للهدنة واتفاق وقف إطلاق النار حيث سجلت ثماني عشر خرقاً جوياً يومياً، وأبدت اليونيفيل تفهمها لبعض ردات فعل الأهالي على دوريات اليونيفيل بسبب الظروف الصعبة التي يواجهونها في ظل دمار القرى وتأخر إعادة الإعمار واستمرار الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية.

وعلمت “البناء” أنه سيصار إلى التجديد للقوات الدولية بقرار مجلس الأمن الدولي في آب المقبل، من دون توسيع الصلاحيات أو نطاق المهمات. كما علمت أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لن تنسحب من الأراضي التي تحتلها في الجنوب، وأن النقاط المحتلة هي خمس نقاط الى جانب منطقتين عازلتين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى