الشيباني في بيروت.. محادثات ثنائية بأبعاد إقليمية – دوليّة

يزور وفد سوري، وزاري وأمني رفيع المستوى، برئاسة وزير الخارجية السورية أسعد الشيباني، لبنان، نهاية الشهر الحالي. الملفات التي ستكون حاضرة على طاولة البحث بين الطرفين، كثيرة. هي تبدأ بأمن الحدود وضرورة مكافحة التهريب على أنواعه عبرها، ولا تنتهي بعودة السوريين الموجودين في لبنان.
مصادر دبلوماسية لبنانية تقول لـ”نداء الوطن” إن التنسيق الأمني في مسألة ضبط الحدود، يسير قُدماً، حيث تراجَعَ إلى حد كبير حجمُ تهريب البضائع والأسلحة والممنوعات، والذي كان نظام بشار الأسد يرعاه لصالح “حزب الله” والمحور الإيراني، وتوضح أن النقطة الأبرز التي سيتم التوقف عندها في هذا الإطار، هي ضرورة إطلاق مسار ترسيم الحدود بين الجانبين، وحسم هوية مزارع شبعا. فمسألة ترسيم الحدود باتت مطلباً دولياً إذ إن الحدود السائبة لا تُشبه التسويةَ الإقليمية الكبرى التي يعمل عليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ويُفترض أيضاً أن تكون أولوية لدى لبنان لإنقاذ اقتصاده وتحصين سيادته. كما أن الانتهاء، مرّة لكل المرات، مِن “مسمار جحا” مزارع شبعا، ضرورةٌ أيضاً، فإما هي لبنانيّة، وعلى الإسرائيليّ الإنسحاب منها بموجب القرار 425، أو هي سورية (وهذه على الأرجح وجهة نظر دمشق)، وبالتالي يجب على “حزب الله” وقف استخدامها حجة من حججه للاحتفاظ بسلاحه.
وكانت باريس سلّمت في أيار الماضي، عبر سفيرها في لبنان، وزارةَ الخارجية اللبنانية خرائط للحدود اللبنانية – السورية يعود تاريخها إلى فترة الانتداب الفرنسي على لبنان، وذلك بهدف تثبيت الحدود بين البلدين، الأمر الذي يساهم في تحقيق الاستقرار على طول الحدود المشتركة، وهي وثائق سيستعين لبنان بها لتحديد هوية “شبعا”.
ووفق المصادر، فإن القضايا اللبنانية – السورية التي لها أبعاد ومفاعيل إقليمية – دولية، هي التي ستتصدّر المحادثاتِ الثنائية وهي التي دفعت الوفدَ السوري إلى زيارة بيروت، سيما وأن إدارة الرئيس السوري أحمد الشرع، همُّها الأول، تثبيت دورها المُسهّل لخطط ترامب – بن سلمان الإنمائية والسلمية للمنطقة.
غير أن ملفات أخرى ستكون أيضاً موضع نقاش. فالدولة اللبنانية أعدّت خطة جديدة لإعادة السوريين إلى ديارهم، وهي ستثيرها مع الشيباني وستطالبه بالتعاون وبالتجاوب مع مطلب بيروت. والأخيرة ستبلغ الوفدَ السوري أن لا مبررات بعد اليوم لبقاء السوريين في لبنان خاصة أن قطار نهوض سوريا وُضع على السكة وانطلق، بينما لا يزال لبنان يعاني ويتخبّط في أزماته، ويُشكّل الوجود السوري عبئاً إضافياً عليه، هو بغنى عنه. كما أن القضايا التي كان رئيس الحكومة نواف سلام اتفق عليها مع نظيره السوري خلال زيارته دمشق، سيتم طرحها، وعلى رأسها قضية الموقوفين السوريين في لبنان والذين تطالب دمشق بالإسراع في محاكماتهم، وتسليمُ سوريا المطلوبين بجرائم اغتيال وقتل في لبنان والفارّين إلى أراضيها، إلى الدولة اللبنانية.
وتشير المصادر إلى أن هذه الزيارة لن تكون الأخيرة بل هي حلقة في مسلسل طويل، رُعاتُه الرياض، التي ستستضيف قريباً إجتماعاً ثنائياً جديداً، والعواصمُ الكبرى، لبناء علاقاتٍ جديدة مِن دولة إلى دولة، بين لبنان وسوريا، تقوم على احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدين، وعلى التعاون لما فيه خير الشعبين، لا خير هذا النظام وذاك الحزب، على حساب الشعبين.