توافق أميركي – فرنسي كامل حول لبنان
كتب جوني منير في” الجمهورية”: الجنون الدامي في غزةمن المفترض أن ينتهي الشهر المقبل، لتبدأ مرحلة الترتيبات السياسية ومعها الافتراق بين إدارة بايدن وحكومة نتنياهو، وليس أبدا افتراقاً بين الولايات المتحدة وإسرائيل، والفرق كبير.
وهو ما يعني أنّ الملف اللبناني سيجد مكانه في العام الجديد، كأحد ركائز إعادة رسم خارطة النفوذ في المنطقة.
وخلال الاسابيع الماضية، ارتفعت الحماوة خصوصاً في البحر الأحمر، لتطال السفن التجارية، وفي جنوب لبنان، وطالت هذه الحماوة القواعد الأميركية في سوريا والعراق، إضافة لاستهداف السفارة الأميركية في بغداد.
وهنا سيأتي دور لبنان » المزنوق « بين إعادة رسم خارطة النفوذ السياسي وبين » حشرة « الحكومة الإسرائيلية.
ولذلك باشرت الحكومة الإسرائيلية في توجيه رسائلها الى لبنان باكراً. فهي تطمح لواقع جديد في جنوب لبنان. وهي قد تكون تعتبر أنّ الخارطة السياسية الجديدة في المنطقة سترتكز على مبدأ فك الارتباط بين اسرائيل وإيران، من خلال إزالة كل خطوط التماس بينهما، ويبقى حزب الله صاحب النفوذ الأقوى والحضور الأفعل والقدرة الأكبر على مستوى حلفاء إيران.
من هنا، تبدو الحدود اللبنانية كآخر خطوط التماس ما بين ايران واسرائيل، والتي تدفع اسرائيل لإدخالها في الترتيبات القائمة قبل إقفال ملف الحرب نهائياً. ويبدو أنّ واشنطن موافقة على ضرورة إدخال لبنان في الترتيبات الجديدة، ولكن ليس وفق المنظار الذي تطرحه إسرائيل.
فعلى سبيل المثال، فإنّ الاقتراح بجعل منطقة عازلة في لبنان، والذي اقترحه قائد المنطقة الشمالية للجيش الاسرائيلي على ما يبدو، لا يحظى بمواففة واشنطن التي ترى فيه اقتراحاً غير واقعي. وفي الوقت نفسه فإنّ ما جرى ترويجه عن اختلاف في النظرة حيال الملفات اللبنانية بين واشنطن وباريس ليس صحيحاً البتة. ففي الداخل اللبناني الكثير من » الغبار « سببه التناحر الداخلي، ولا علاقة له بحقيقة الواقع. وتشدّد الاوساط الديبلوماسية، أنّ التنسيق قائم بين واشنطن وباريس، وبينهما وبين بقية عواصم الدول الخمس المهتمة بالملف اللبناني. وتؤكّد هذه الأوساط، أنّ لودريان تحدث بما جرى التفاهم حوله بين العواصم الخمس، وأنّ برنارد إيمييه جرى تحوير كلامه في بيروت والخلط بين ما نقله
عن الاسرائيليين وبين التوجّه الدولي.
أما بالنسبة للحرص القائم على وجوب ضمان استقرار الجيش، فهو حرص دولي ثابت لأنّه يشكّل ضمانة لعدم انهيار وتفتت لبنان، لا بل ضمانة لاستقرار الجوار، وهو ما يشكّل إجماعاً دولياً بما فيه روسيا. وأنّ محاولة اللعب باستقرار الجيش هو عمل غير مسؤول، كانت ستنتج منه عواقب كبيرة.
في أي حال، ثمة مرحلة جديدة ستكون دقيقة وصعبة للبنان مع انطلاق العام المقبل، وقد يواكبها وصول السفيرة الأميركية الجديدة الى بيروت، بعدما أتمّت جلسة الاستماع اليها، وهو ما يعني قرب استلامها مسؤولياتها الجديدة.
وتبقى الإشارة الى خطورة الجرح المفتوح في الجنوب وأبواب المخاطر المشرّعة، خصوصاً أنّ اسرائيل التي حصلت ولا تزال على دعم أميركي مفتوح للذخائر النوعية، كانت قد حازت على 100 قنبلة زلزالية متخصّصة باختراق التحصينات، وهي
لم تستعمل أياً منها حتى الآن في غزة.