متفرقات

سلامٌ مع إسرائيل قبل ٢٠٢٨؟

سيُطرح ملف السلام مع إسرائيل، أكثر فأكثر، على طاولة البحث في لبنان، على الصعيدَين الرسمي والشعبي. سيكون هذا الملف، حتماً، عنوان الانقسام بين اللبنانيّين في المرحلة القادمة.

تؤكّد المعطيات التي تتلاقى مع مصادر دبلوماسيّة على أنّ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تملك أجندة واضحة تنوي تنفيذها في الشرق الأوسط، تطبيقاً لشعاراتٍ وخطط وُضع بعضها منذ سنواتٍ عدّة، تحت عنوان “الشرق الأوسط الجديد”، من دون أن يُنفّذ بسبب التغييرات في السياسة الأميركيّة. على هذه الأجندة نقطةٌ بارزة: السلام بين لبنان وإسرائيل.
كانت تطبيق هذا المشروع مستحيلاً منذ سنوات، لكنّ الولايات المتحدة الأميركيّة باتت تملك اليوم عناصر ضغطٍ عدّة لتنفيذه، من بينها محاصرة حزب الله ماليّاً وإلزامه تسليم سلاحه، ولو تدريجيّاً، ومنع إعادة الإعمار. هذه العصا الأميركيّة تقابلها جزرة، هي مساعدة لبنان على النهوض ماليّاً واقتصاديّاً، وتأمين الاستقرار فيه، وحمايته من التهديدات على حدوده مع سوريا التي تتشكّل هويّتها من جديد.
من الطبيعي أنّ طريق السلام مع دولةٍ عدوّة بالنسبة الى لبنان الرسمي، كما الى الغالبيّة الساحقة من اللبنانيّين، لن يكون سهلاً، خصوصاً أنّ هذا العدو يقدّم هدايا مجّانيّة لمن يتمسّك بعد بسلاح حزب الله ويؤكّد جدواه، عبر استمرار انتهاكاته واحتلاله لأراضِ لبنانيّة وإصراره على عدم الانسحاب منها.
كما أنّ هذا السلام يحتاج الى شبه إجماعٍ لبنانيّ، يتيح للحكومة أن توافق على مفاوضاتٍ مباشرة، ولرئيس الجمهوريّة أن يقبل بالتوقيع على معاهدة بهذه الأهميّة التاريخيّة. وقبل ذلك، يحتاج أيضاً الى بلورة توجّه عربي تقوده المملكة العربيّة السعوديّة وتنضمّ اليه الجارة الأخرى سوريا.
وإذا كان القسم الأكبر من القوى السياسيّة اللبنانيّة يوافق على العودة الى اتفاقيّة الهدنة التي وُقّعت بين البلدين في العام ١٩٤٩، وصمدت حتى العام ١٩٦٧، فهي قد تكون الإطار المناسب لإخراجٍ يُسقط تعبير “السلام” عن العلاقة بين البلدين، مع احتمال إدخال تعديلاتٍ على الاتفاقيّة، مع ترسيم الحدود البريّة بين البلدَين.
لكنّ إدارة ترامب تريد، بالتأكيد، ما هو أكثر من اتفاق هدنة وهي تطمح لبلوغه قبل نهاية عهده في أواخر العام ٢٠٢٨، تماماً كما الحلّ الذي يُرسَم للأراضي الفلسطينيّة المحتلّة ومعبره الأساس القضاء نهائيّاً على حركة حماس، وهو ما قد يحصل هذا العام.
أمّا المعبر اللبناني فهو، بالتأكيد، تحجيم حزب الله، وهو أمرٌ متاح عسكريّاً وغير وارد سياسيّاً، ما قد يفسح المجال لسجالٍ داخليٍّ كبير باستطاعة الحزب أن يحوّله الى فوضى.

سلامٌ مع إسرائيل؟ لا يمكننا أن نذكر العبارة من دون أن نضيف اليها علامة استفهام. المخطّط واضح ومؤكّد. النجاح غير مضمون.

 

المصدر: mtv

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى