أرقام البنك الدولي لخسائر الحرب والإعمار.. بزيادة أو نقصان؟

قاسم مشترك بين كل الأرقام التقديرية الصادرة حتى اليوم بشأن حجم خسائر الحرب الإسرائيلية على لبنان وتكلفة إعادة الإعمار، هو أن الأرقام كبيرة ومرعبة، ومرشحة لسلوك المنحى التصاعدي طالما إسرائيل ماضية في نهجها التدميري لأجزاء من الجنوب.
والمؤكد حتى اليوم أن الدولة اللبنانية لا تملك بعد رقما دقيقا ونهائيا، لذا طلبت من البنك الدولي أن يضع تقريرا بالخسائر، فصدر قبل أيام وفيه أن الخسائر تقدر بـ 14 مليارا وتكلفة الإعمار11 مليارا.
بالأمس، قال رئيس الحكومة نواف سلام إن «كلفة إعادة الإعمار لم تكن في الحسبان»، وإن «أول رقم تقديري لإعادة الاعمار كان 8 مليارات دولار في البداية، ثم أصبح 11 مليارا، وفي اللقاء الأول مع البنك الدولي قالوا إن التقدير الأولي هو 14 مليار دولار، وفي المرة المقبلة يمكن أن يزيد الرقم، وهذا يشكل عبئا اضافيا على البلد لم يكن في الحسبان».
وفي مقاربة لتفاوت الأرقام في بعض الأحيان ورقم الـ 14 مليارا كخسائر في آخر تقرير للبنك الدولي، قال الباحث في «الدولية للمعلومات» محمد شمس الدين في حديث إلى«الأنباء» إن «رقم الـ 14 مليارا الذي شمل الفترة الممتدة من 8 أكتوبر 2023 حتى 20 ديسمبر 2024، موزع بين 6 مليارات و800 مليون دولار كخسائر مادية مباشرة، منها 4 مليارات و600 مليون في البيوت، ومليار دولار في البنى التحتية (طرقات وتجهيزات)، و7 مليارات و200 مليون دولار كخسائر اقتصادية غير مباشرة نتيجة النزوح وتعطل الأعمال والبطالة».
وذكر شمس الدين أن «التقرير الأول للبنك الدولي الذي صدر في نوفمبر 2024 غطى الفترة الممتدة من 8 أكتوبر 2023 ولغاية 20 أكتوبر 2024، أي قبل شهر من وقف الأعمال الحربية، وهو قدر الكلفة بـ 8.5 مليارات دولار منها 3.4 خسائر مادية و5.1 مليارات عبارة عن خسائر غير مباشرة في الاقتصاد».
وبحسب شمس الدين، فإن «ثمة تقليلا من حجم الخسائر المادية المباشرة في تقرير البنك الدولي الصادر حديثا، لأن الإعمار يحتاج كلفة أكبر، مقابل زيادة في التقرير في تقدير حجم الأضرار غير المباشرة»، مشيرا إلى أن «المسوحات بينت تعرض 53 ألف وحدة سكنية لدمار كلي و317 ألف وحدة سكنية لإضرار مختلفة، من دون تقدير أضرار المؤسسات التجارية والصناعية والزراعية والسياحية».
وأضاف «رقم إعادة الإعمار بحسب تقديري لن يقل عن 10 مليارات دولار، وهذا رقم مرعب بطبيعة الحال. والمشكلة الكبرى أنه ما من آلية بعد لإعادة الإعمار، والمأزق كبير بوجود نحو 150 ألف لبناني خارج بيوتهم من أصل 4 ملايين لبناني، وهذا رقم كبير جدا».
بدوره، الخبير الاقتصادي د.محمود جباعي رأى في حديث إلى «الأنباء» أن «أرقام البنك الدولي هي مختلفة في كل مرة»، وقال «كنا انتقدنا أرقامه في البداية حين قدر بـ 8.5 قيمة كل الخسائر، أما اليوم فحديثه عن خسائر بـ 14 مليارا هو قريب من الواقع، وكنت أتيت شخصيا على ذكر هذا الرقم وقلت إن هناك 7 مليارات دولار عبارة عن خسائر مباشرة و7 مليارات غير مباشرة بين تأثير على الناتج المحلي والسياحة وخسائر اقتصادية».
وتابع د.جباعي «الأرقام لاتزال ضمن هذا النطاق وقد تكون أكثر أو أقل بقليل، ولكن في كل الأحوال نحن بحاجة إلى لجنة منبثقة عن الحكومة للقيام بمسح حقيقي ودقيق لحجم الخسائر، وهذا أمر يحتاج وقتا ولا يتم بين ليلة وضحاها».
ورأى أن «الإعمار لن يتم إلا من خلال قرار حكومي بإنشاء صندوق مستقل من خارج الموازنة يدعمه المجتمع العربي والدولي، وهذا صندوق كان أشار اليه البيان الوزاري».
ولاحظ «مؤشرا إيجابيا وفاتحة خير، حين تعهد البنك الدولي أمام وزير المال ياسين جابر بدفع مليار دولار لإزالة الردم، عبارة عن 250 مليون دولار يوفرها مباشرة البنك الدولي ثم 750 مليون تحصل من الدول الأعضاء، وهي خطوة أولى نحو إعادة الإعمار في انتظار بعض الإصلاحات الحقيقية المرتبطة بالمسائل السياسية والاقتصادية وتنفيذ القرارات الدولية، في موازاة استمرار السياسة اللبنانية الانفتاحية على المجتمع العربي والدولي، لأنه لا أمل بعودة لبنان إلى التعافي من دون الالتزام بالقرارات الدولية والعودة إلى هويته العربية ودوره الفاعل في إطار جامعة الدول العربية».
كما دعا د.جباعي إلى «تأسيس لجنة مشتركة بين لبنان والدول المانحة لإعادة الإعمار من أجل التأكد من الشفافية المالية والعدالة في الإعمار وذهاب المبالغ إلى أصحابها».
بولين فاضل – “الأنباء الكويتية”