المعادلة «الاسرائيلية»: التطبيع مع الطوائف اذا فشل مع الدولتين اللبنانية والسورية

كتبت صحيفة “الديار”: اين 8 و14 آذار عام 2005 من 8 و 14اذار 2025؟ الحركتان طواهما النسيان بعد تفرق «العشاق» وتبدل المعطيات والتحالفات والادوار والمراحل ودخول البلاد في حقبة جديدة ربما تكون مغايرة للمراحل التي عاشتها البلاد منذ الاستقلال حتى الان، وأولى البشائر انتخاب الرئيس جوزاف عون وتشكيل حكومة نواف سلام.
الخطر الاساسي والاول على المرحلة الجديدة في لبنان وسورية هو اسرائيل، وخلافا للنفي الرسمي عن أي طلب اسرائيلي بالتطبيع مع لبنان فان مراجع حزبية عليمة وبارزة ومشاركة في الحكومة ابلغت المقربين منها، ان المسؤولين الاميركيين فاتحوا المسؤولين اللبنانيين بموضوع الاتصالات المباشرة بين البلدين خارج اطار لجنة الإشراف على وقف اطلاق النار، وان الرئيس جوزاف عون رفض الامر وحذر من خطورته على استقرار البلد، وطالب بتنفيذ الانسحاب الاسرائيلي الشامل.
وتؤكد المصادر نفسها، أن المطلوب اسرائيليا من لبنان، مطلوب من سورية، والا الفوضى وعدم الاستقرار، لان اسرائيل تريد ثمنا لانجازاتها ضد حزب الله وسورية، والثمن هو التطبيع والعلاقات المباشرة، والا فان الخيار الاسرائيلي يتجه الى التطبيع المباشر مع الطوائف كبديل عن الحكومتين اللبنانية والسورية، وأولى الخطوات بدأت في سورية وهذا النهج تقوده واشنطن ودول عربية مع اغراءات كبيرة تنقل الطوائف من مرحلة الى مرحلة.
ولذلك، تجزم المصادر، ان لبنان يعيش أخطر مرحلة في تاريخه، وهذا يتطلب وحدة الصف والالتفاف حول الدولة ومراجعة بعض الوزراء لتصريحاتهم الخلافية، والاهتمام بشؤون الناس، واولها قيام وزارة الاقتصاد بعملها بعد الارتفاع في الايام الاخيرة لأسعار الخضر واللحوم بشكل جنوني مستغلين شهر رمضان المبارك، وتجاوزت نسب الغلاء الـ 50 %. كما ان الناس يريدون تحسنا في ساعات التغذية بالتيار الكهربائي قبل موسم الصيف والسياحة، ويريدون حلا لمشكلة المياه مع موجة التصحر وارتفاع اسعار «خزانات» المياه، وإجراءات لرفع نسب التقديمات من قبل الضمان الصحي وتعاونية موظفي الدولة مع تضخم حجم الفاتورة الصحية وتراجع مستوى خدمات المستشفيات الحكومية مع تسهيلات بانجاز المعاملات الإدارية من دون رشى والتخفيف من ازدحام السير واصلاح الطرقات، ومعرفة مصير الودائع وضرب الفساد والتلزيمات بالتراضي، بينما ينتظر أهالي الجنوب والضاحية والبقاع وعودا جدية بالبدء بالاعمار، ويبقى الأهم عند الناس الاستقرار الذي يؤمنه الجيش اللبناني بشكل فاعل، هذه الملفات عاجلة ولا تحتاج الى تاجيل.
وتتابع المصادر، هذا ما يريده الناس سريعا بعد ان «ملوا» الخلافات والتصريحات والرهانات الخارجية، ويريدون تعاملا مختلفا مع الملفات المعقدة، لان سلاح حزب الله تعالجه الدولة وليس التصاريح الاستفزازية الخلافية، فحل سلاح الحزب يكون بالحوار والبديل الحرب الأهلية وتقسيم البلد، والمطلوب ايضا اجراءات تخفف الشحن الاعلامي الطائفي، حتى التوافق بين الرؤساء الثلاثة على التعيينات العسكرية تعرض لحملات التشكيك، ومن المستفيد من ربط الطائفة الشيعية ووجودها ومصيرها بالملف الإيراني حربا ام سلما؟ لماذا التحريض بهذا الشكل على حزب الله وادخاله بالملف السوري؟ وعلى البعض في لبنان ان يعلموا، ان الجماعة الإسلامية تقوم بدور الوسيط وحل بعض الخلافات بين حكومة الشرع وحزب الله، وان تركيا تقوم بدور الوسيط بين الحكومتين الإيرانية والسورية، والاتصالات ستؤدي الى فتح السفارة الإيرانية في دمشق مجددا، وبالتالي العلاقات ليست مقطوعة، هل يصدق احد ان غرفة وفيق صفا حركت الأحداث في سورية كما يدعي البعض من اللبنانيين، وهل استطاع حزب الله استعادة عافيته لإدارة الأحداث في الساحل السوري بهذا الشكل؟ هل استطاع الجيش السوري ترتيب أوضاعه بهذه السرعة للقيام بانقلاب ضد احمد الشرع المدعوم عالميا؟ ورغم ذلك عملت «ماكينة» على هذا التحريض، والاصرار على توريط الحزب ومن خلاله لبنان في الاحداث السورية التي أدّت فيها الخلافات العربية والدولية الدور الاكبر.
الحملة على الثنائي الشيعي الى تصاعد
فحزب الله، حسب المقربين منه، يعرف ان الحمله عليه ستاخذ ابعادا مختلفة وتصاعدية من خلال التصاريح اليومية عن نزع سلاح حزب الله شمال الليطاني وحرمانه من التعيينات وابعاده عن الاعمار. وتشمل الحملة حركة امل حتى الانتخابات النيابية بهدف تقليص كتلة الثنائي والمجيء بشخصيات شيعية معادية له، والاختيار من بينهم رئيس المجلس النيابي المقبل بعد الانتخابات النيابية عام 2026، بعد ان ثبت للعاملين على الحل اللبناني استحالة أضعاف الطائفة الشيعية وحزب الله بوجود الرئيس بري في رئاسة المجلس النيابي، وبالتالي فان المعركة الكبرى ستكون على قانون الانتخابات والوصول إلى قانون لتحجيم الثنائي الشيعي في لبنان. ولذلك فان ولادة القانون ستشهد معارك متفرقة وعنيفة وعالية السقف قبل عام على موعد الانتخابات النيابية التي تقرر النهج الذي يقود البلد في السنوات المقبلة، وستبدا الحكومة بدرس قانون جديد للانتخابات النيابية قريبا في ظل نهج يدعو الى اعتماد صوتين تفضيليين ويعتبر البعض ان هذا القانون يخدم الطائفة الشيعية، فيما تدعم القوات اللبنانية القانون الحالي، وهناك اتجاه يقوده رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لحصر اصوات المغتربين بكتلة من 5 نواب فقط، فيما يطالب البعض بالكتل المتوسطة او القضاء وغيرها من القوانين، فهل يتم التوصل الى قانون توافقي ام تجري الانتخابات على القانون الحالي؟
ذكرى 16 آذار غدا
تواصلت الاستعدادات في الجبل للاحتفال بالذكرى ال 48 لاستشهاد كمال جنبلاط في 16 آذار بالمختارة بالتزامن مع أخطر ظرف يمر على أبناء الطائفة الدرزية منذ أن ارسلهم الوالي العباسي ابو جعفر المنصور لحماية الثغور العربية والاسلامية. وحسب مصادر درزية، فان التاريخ الوطني والقومي للدروز مهدد اليوم نتيجة المتغيرات الكبرى في المنطقة والاصرار الاسرائيلي على التدخل بشؤون الطائفة الدرزية والادعاء بحمايتها وتنظيم زيارات لشخصيات درزية سورية الى فلسطين المحتلة تحت ستار ديني ولقاء موفق ظريف كما حصل امس. واللافت ان الزيارة حظيت بنقل اعلامي عالمي من أهم المؤسسات الكبرى والتركيز على دور الدروز ومعتقداتهم الدينية وقبولهم التطبيع مع اسرائيل، وان هذا النهج يؤيده دروز لبنان وسورية والاردن. وكان لافتا تصدي مشيخة عقل الطائفة الدرزية في لبنان للدعوات الصادرة من قبل البعض لتقديم طلب الى الحكومة اللبنانية بالسماح بالزيارات الدينية الى فلسطين المحتلة بالذكرى السنوية لزيارة مقام النبي شعيب في فلسطين المحتلة. وحذر شيخ العقل في لبنان سامي ابي المنى من هذه الدعوات ومن مشاركة اي شيخ من لبنان في الزيارة، كما اصدر اهالي حضر في الجولان بيانا نددوا فيه بزيارة وفد درزي الى اسرائيل، والسؤال: ماذا يحضر للدروز عربيا ودوليا في ظل لعبة الامم؟
وتضيف المصادر الدرزية، ان كل المحاولات لتطبيع العلاقة بين احمد الشرع والشيخ حكمت الهجري شيخ عقل الدروز في سورية باءت بالفشل رغم المحاولات لإعلان اتفاق بين الإدارة السورية الجديدة والشيخين سليمان عبد الباقي وليث البلعوس وهذا ما رفضه الشيخ الهجري واعتبره التفافا عليه، ورد باعنف هجوم على أحمد الشرع ووصفه بانه غير موجود، واستشهد بكلام الشهيد كمال جنبلاط «نكون او لا نكون»، وهذا ما يهدد بانقسام درزي حاد عاشه الدروز طويلا ودفعوا جراء انقساماتهم دماء كثيرة، باستثناء مرحلة وليد جنبلاط منذ عام 1977، لكن هذه الوحدة مهددة اليوم بفعل التدخلات الاسرائيلية وتصريح نتنياهو بان اليد التي ستمتد الى الدروز ستقطع، وانه حرك طائراته الاسبوع الماضي لحماية دروز السويداء، رغم ان احمد الشرع قدم اكبر خدمة لمنطق نتنياهو بعد مجازر الشمال السوري.
وتؤكد المصادر الدرزية، ان التحذيرات من خطر مشروع الكانتون الدرزي نقله مؤخرا الملك الاردني عبدالله الثاني الى الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وأبدى قلقه من امتداد الكانتون الدرزي الى منطقة الزرقا ء في الأردن حيث يوجد أبناء الطائفة الدرزية.
في ظل هذه المخاطر، تأتي الذكرى ال 48 لاستشهاد كمال جنبلاط،، ومن المتوقع ان يكون يوم الأحد في المختارة تاريخيا واستثنائيا لجهة الحشد الجماهيري والرد على كل الطروحات الداعية لسلخ الدروز عن ثوابتهم وعروبتهم، في ظل استنفار شامل من الاشتراكي لانجاح المناسبة. ويبقى اللافت حجم الحملات الخارجية على وليد جنبلاط وثوابته من» لوبي درزي يقيم في واشنطن وبعض الدول لاوروبية، علما ان الجيش اللبناني قام بتوقيف جميع الذين أطلقوا النار في إحدى المناسبات التحضيرية للمهرجان، ومن المتوقع حضور وفود حزبية كبيرة من تيار المستقبل وحركة امل ومختلف القوى السياسية.