محليات

تحويل واجهة المدينة والمحمية إلى كتلة إسمنتية / اعتراضات واسعة على مشروع تجاري محاذٍ لمحمية صور

بيروت ـ أحمد منصور

تشهد مدينة صور موجة من الاعتراضات ضد إقامة مشروع تجاري محاذ لمحمية صور الطبيعية على أملاك الدولة اللبنانية، والموضوعة بتصرف وزارة الدفاع، بعد عقد اتفاق مع إحدى الشركات، نالت بموجبه حق استثمار 8 عقارات، ويقوم متعهد بإنشاء عشرات المحال التجارية وسط رفض ومطالبات بتطبيق القوانين.

تتصاعد وتيرة الاعتراضات من قبل المؤسسات والناشطين والجمعيات التي تعنى بالبيئة، للحفاظ على محمية صور الطبيعية وحمايتها من أي تعدّ، وتتركز على عدم تقبل المشروع التجاري الذي سينفذه المتعهد لأكثر من 100 محل تجاري، إذ ستحجب هذه الكتلة الإسمنتية واجهة المحمية والمدينة وتلحق أضرارا اقتصادية بصور ومؤسساتها.

وفيما السجالات دائرة بين البلدية والمعترضين، حول التشديد بتطبيق القوانين ومنع المخالفات، أكد رئيس بلدية صور م.حسن دبوق لـ «الأنباء» «أن العقار الذي يبنى عليه المشروع ملك للجمهورية اللبنانية، وليس مشاعا، وهو مخصص قديما لصالح وزارة الدفاع، حيث قامت قيادة الجيش بمناقصة على طريقة BOT، اذ بعد سنوات من الاستثمار تعود الملكية إلى وزارة الدفاع».

ونفى دبوق «أن يكون المشروع في موقع المحمية»، مؤكدا «أنه قريب منها فقط، ويفصل بينها وبين المشروع طريق».

ولفت إلى «ان المؤسسات الرسمية تخضع لترخيص لاحق، ويجب أن تستوفى الشروط القانونية لناحية الاستثمار والتراجعات وغيرها. أما بالنسبة إلى المحميات، فهناك القانون 130 الذي يفصل ويحدد المنطقة الحزامية».

وأشار إلى «أنه أبلغ من وزارة البيئة، انها ستقوم بدراسة الأثر البيئي»، مشددا «على احترام القوانين».

كما أشار إلى «وجود نقطة عسكرية للجيش اللبناني (مقر الكتيبة 54)، وسيتم نقلها إلى الجهة الأخرى من العقار، وإنشاء ناد للضباط. وعند الواجهة سيتم انشاء محلات تجارية واستثمارها لمدة 28 سنة، على أن تعود الملكية بعدها إلى الجيش».

وقال دبوق «نحن لا نقبل بأي تعدّ على المحمية، وقد تم التجاوب مع طلبنا بنقل مجبل باطون المشروع بحدود الـ 300 متر، والمنطقة الحزامية هي من 200 إلى 500 متر، حسب نوع المشروع وبناء لدراسة الأثر البيئي».

من جهته، قال رئيس جمعية «الجنوبيون الخضر» د.هشام يونس لـ «الأنباء»: «اعتراضنا على المشروع يكمن في عدم استيفائه للشروط، فنحن وبشكل مفاجئ رأينا قطع الأشجار على العقارين 1574و 1575، فتواصلنا في 11 سبتمبر من العام الماضي مع وزير البيئة وقتذاك د.ناصر ياسين، وأخذ على عاتقه متابعة الموضوع. لكن سرعان ما بدأ العدوان الإسرائيلي يتوسع، ما أدى إلى توقف الأشغال بالمشروع».

وأضاف «بعد توقف الحرب الإسرائيلية، لاحظنا عودة الأشغال فوجهنا كتابا جديدا إلى وزارة البيئة، لاسيما أن المستثمر لم يقدم تقييما للأثر البيئي الملزم، بحسب قانون حماية البيئة رقم 444. والعقارات التي تجري عليها الأعمال هي ضمن المنطقة الحزامية لمحمية شاطئ صور الطبيعية، فضلا عن أن الموقع مصنف موقع أراض رطبة، وهو وأحد من أربعة مواقع في لبنان، ضمن إتفاقية الحفاظ والاستخدام المستدام للمناطق الرطبة».

كما أشار إلى انه «لم يتم إشراك الناس وأصحاب المصالح من خلال إطلاعهم على كل تفاصيل المشروع».

وختم يونس بالقول «نعول على الحكومة الجديدة ووزيري البيئة والثقافة لاتخاذ الإجراءات القانونية لوقف الأشغال، وعرضنا في كتبنا المسوغات القانونية لذلك، باعتبار ان المستثمر لم يتقيد بالقوانين المرعية الإجراء».

مدير المواقع الأثرية في صور د.علي بدوي أكد أن وزير الثقافة السابق محمد وسام المرتضى، وجه كتابا إلى قيادة الجيش حول هذا الموضوع في شهر أغسطس الماضي، عندما ظهرت بعض الآثار في الموقع.

وأشار إلى أنه «يتم التعامل مع مطلبنا بكل إيجابية، فيستمعون إلى توصياتنا، وابتعدوا عن مواقع المخزون الأثري الموجودة، حيث ظهرت بعض الآثار، ونحن وإياهم على تنسيق تام بهذا الأمر»، كما لفت إلى «ان وزير الثقافة الجديد غسان سلامة يتابع أيضا المسألة».

وشدد بدوي على «ان القانون هو الحكم في أي مسألة أو قضية»، مؤكدا ان «الاعتراض هو على هذا العدد الكبير من المحلات التجارية التي يضمها المشروع، اذ ستقفل واجهة المنطقة بكتلة إسمنتية».

من جهته أوضح رئيس جمعية «الأرض ـ لبنان» بول أبي راشد أنه تم تصنيف محمية شاطئ صور الطبيعية بتاريخ 18 يناير 2025، ضمن قائمة المناطق ذات الأهمية الخاصة في البحر الأبيض المتوسط SPAMI من قبل مركز الأنشطة الإقليمية للمناطق المحمية الخاصة SPA RAC.

وقال: للأسف لم نسمع اي موقف من وزارة البيئة أو من المركز الوطني لعلوم البحار، اللذين حضرا التقييم لتصنيف المحمية، كما لم نسمع اعتراض لجنة المحمية على هذه المخالفة البيئية.

واعتبر أبي راشد أن الأشغال تتم في المنطقة الحزامية Buffer zone، وهي المنطقة التي تحوط الحدود الخارجية للمحمية، وتمتد من 200 إلى 500 متر من حدود المحمية، وهذا أمر مخالف لقانون المناطق المحمية رقم 130.

ورأى ان «عدم دعوة أهالي المدينة وأصحاب المصالح في المنطقة إلى جلسة استماع عامة لعرض المشروع، وللاستماع إلى ملاحظاتهم وآرائهم ضمن عملية إعداد تقييم الأثر البيئي وفقا لأحكام مرسوم أصول تقييم الأثر البيئي رقم 2012/8633، يحمل علامات استفهام كبيرة حول المشروع من عدة نواح».

واعتبر ان الأخطر في المشروع هو «الطلب الذي جرى تقديمه إلى بلدية صور بإنشاء جسر للمشاة يصل إلى شاطئ المحمية، مما يفتح المجال مستقبلا لتجزئة الشاطئ وتخصيص جزء منه، والقضاء على التنوع البيولوجي المحمي».

وأمل أبي راشد أن «تلقى هذه الصرخات آذانا مصغية لوقف المخالفات البيئية والقانونية».

 

المصدر: الانباء

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى