بعد فوزه.. هل تتبخر وعود ترامب بالسلام في الشرق الأوسط؟
كتبت يولا هاشم في “المركزية”:
منذ أيام، تعهد الرئيس دونالد ترامب بإنهاء “المعاناة والدمار في لبنان”، وقال: “خلال فترة إدارتي كان هناك سلام في الشرق الأوسط، وسوف ننعم بالسلام مرة أخرى قريباً جدًّا! سأصلح المشاكل التي تسبب فيها جو بايدن وكامالا هاريس، وأوقف المعاناة والدمار في لبنان”. كما صرّح ترامب مراراً بأنه إذا أعيد انتخابه، سيضع حدا للحرب بين روسيا وأوكرانيا “في غضون 24 ساعة” من دون أن يوضح بأي طريقة.
اليوم وقد فاز، هل تتلاشى الوعود؟ وهل كانت مجرد كلام معسول للوصول الى البيت الأبيض؟ أم أنه سيسعى فعلاً الى السلام في الشرق الاوسط؟ ماذا عن الصراع الاسرائيلي – الفلسطيني وحلّ الدولتين خاصة وأنه كان قد صرّح بأنّ مساحة إسرائيل الحالية ضيّقة ويجب توسيعها؟ وماذا عن الحرب بين روسيا وأوكرانيا؟
السفير السابق في واشنطن رياض طبارة يؤكد، لـ”المركزية”، أن “ثمة أمل مع فوز ترامب استناداً إلى أنه سعى بجهد للحصول على الأصوات العربية والأقليات. أعطى وعوداً لهذه المجموعات بأنه قادر على ايقاف الحرب وأن لن تحصل حروب في عهده. من هنا نأمل بأن يدخل من هذا الباب بشكل مختلف عن بايدن”.
ويضيف طبارة: “في حال لم يحقق وعوده باحلال السلام، سيكون في الحدّ الأدنى شبيهاً بالرئيس بايدن. لكن هذه يسمونها “windows of opportunity” أي أبواب قد تتمكن من تغيير الأمور نوعاً ما، ولو قليلاً. صحيح أنها وعود انتخابية أطلقها ترامب في أماكن عدة، وقال بأنه رجل السلام بينما بايدن رجل الحروب، وقد كرر هذه الأقوال مرات عدة. فكيف سيتمكن من التنصل منها؟ هناك أمل بألا يتنصل منها، وان يعمل على الأقل تجاه تحقيق السلام أكثر من بايدن الذي استسلم مئة في المئة. لذلك، نأمل ان تؤدي هذه الوعود الى إحداث فارق بسيط بينه وبين سياسة بايدن، لكن فارق مهم بالنسبة للبنان والمنطقة”.
ترامب لم يدعم حلّ الدولتين، فهل نتنياهو سيبيع السلام لترامب؟ يجيب طبارة: “ترامب كان يلعب على الحبلين في الانتخابات، فهو من جهة يرضي اللوبي الاسرائيلي ومن جهة أخرى يرضي الأقليات التي تجمعت من عرب أميركيين وشباب اميركي متعلم او طلاب جامعات. حاول إرضاء الطرفين، لذلك لم يعلن عن حل الدولتين بشكل واضح، ويقول بأنه لربما لم يعد وقتها. الآن، علينا أن ننتظر لنرى ما هو حلّه الآخر. أعتقد أنّ طريقة تعامل ترامب مع الشرق الأوسط هي من خلال التطبيع، وسيفتح هذا الباب مجدّداً. لكن كيف سيفتحه في ظلّ الحرب والقتل والدمار، لذلك هناك أمل بأن يتجه نحو السلام أكثر من بايدن”.
ويتابع: لا ننسى أن هذا آخر عهد لترامب. وفي آخر عهد يصبح رئيس الجمهورية “قبضاي”، ويعرف أنه لن يحتاج مجدّداً الى مساندة اللوبي الاسرائيلي وغيره، لكنه بالطبع سيبقى يسايره. لكن بما أن هذا آخر عهد له فبإمكانه ان يحقق وعودا أكثر من شخص ينتظر بأن يفوز بعهد آخر وسيواجه انتخابات ثانية”.
ماذا عن أوكرانيا، خصوصاً وأنّ الكرملين قال اليوم ردًّا على محاولة ترامب المحتملة لإنهاء حرب أوكرانيا: لا يمكننا التكهن، يجيب طبارة: “سياسة ترامب واضحة تجاه هذه القضية، وأكد ان هذه الحرب يجب ان تنتهي وبأنها كان يجب ألا تحصل. هذا إلى جانب صداقته مع الرئيس الروسي فلايمير بوتين، وكلما تحدث معه يقول عنه: هذا الرجل الذكي القوي ويمدحه، علاقته الشخصية مع بوتين أفضل بكثير من علاقة الأخير ببايدن الذي قال عنه بأنه ديكتاتور ويجب ألا يكون في الحكم. هناك كره شخصي بين بوتين وبايدن، بينما هي شهر عسل بينه وبين ترامب، شخصيًّا وسياسيًّا”.
ماذا عن لبنان، خصوصاً وأن صهر ترامب لبناني ومستشاره أيضاً، هل من الممكن أن يميل إلى لبنان ويقوم بخطوة ايجابية تجاهه كما وعد، يجيب طبارة: “لديه أيضاً صهر يهودي (جاريد كوشنير)، هناك توازن في العائلة. ترامب هو الوحيد الذي تحدث عن لبنان بشكل مباشر وايجابي، لذلك اعتقد أنه لن يعطينا أقل مما أعطانا بايدن. إذا جمعنا كلامه عن السلام وما قاله عن لبنان خاصة، فهذا يدعو الى التفاؤل نوعا ما”.
ويختم: “في الولايات المتحدة، يسيطر اللوبي الاسرائيلي على الكونغرس وعلى الانتخابات الأميركية، ولا يمكن الخروج منه. وترامب، في حال اراد القيام بخطوات ايجابية تجاه الشرق الاوسط يحتاج الى مساندة الكونغرس. لكن الامر الذي يعطي أملاً في هذه الحالة بالذات، هي ان الكونغرس سيكون أيضاً جمهورياً، أي انه سيكون هناك تجاوب بين الكونغرس ورئاسة الجمهورية، ليس كما في العهد الثاني للرئيس السابق باراك اوباما عندما كان الكونغرس جمهوري وهو ديمقراطي، فلم يستطع تحقيق أي شيء. هذه على الاقل نقطة ايجابية في الاتجاه الصحيح، بأن الطرفان من الخط نفسه والحزب نفسه، ولذلك اسهل لرئيس الجمهورية ان يتخذ قرارات حاسمة مما لو كان العكس”.