قرى المواجهة مدن أشباح.. أبناؤها ينقذون ما تبقى من جنى العمر
ما إن انتهى ردّ حزب الله على اغتيال إسرائيل قائده العسكري فؤاد شكر، مع ما حمل هذا الردّ من غموض بالنتائج وسخرية على مواقع التواصل الإجتماعي من خصوم الحزب، بعد سقوط أحد صواريخه في مزرعة دجاج إسرائيلية، حتى خرج الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ليطمئن جمهوره والإسرائيليين معاً إلى انتهاء العملية، مع الحرص على عدم استهداف المدنيين في الداخل الإسرائيلي وحصر الردّ بالمواقع العسكرية، وقال نصرالله لبيئة الحزب الجنوبية “عودوا إلى منازلكم، العملية الانتقامية انتهت والأيام ستكشف نتائجها”.
ومع تصاعد اللهجة التهديدية من جانب القيادتين السياسية والعسكرية في إسرائيل، بقرب التحرّك على الجبهة الشمالية ضد لبنان، ضجّت مواقع التواصل الإجتماعي ووسائل الإعلام المحلية والعربية بمشاهد تظهر خروج الجنوبيين من قراهم، وسط معلومات عن ارتفاع أعداد النازحين إلى مئة وأربعين ألفاً، ولكن هل هناك موجة نزوح جديدة من الجنوب؟
في معلومات لـ “ليبانون فايلز” أن قرى الشريط الحدودي لا سيما تلك الأمامية الملاصقة للشريط الحدودي، قد خلت بنسبة 90% من سكانها منذ الشهر الرابع على اندلاع حرب الإسناد، التي فتحها حزب الله في الثامن من تشرين الأول الماضي، وخلت لاحقاً بنسبة 100%، وما يحصل راهناً ينحصر بأن بعض الجنوبيين الذي أيقنوا أن أمد التهجير سيطول، وهم إما يقطنون لدى أقاربهم أو يستأجرون منازل في أماكن آمنة، عادوا إلى منازلهم التي لم تُدمّر بعد، لإخراج مفروشاتهم وأدواتهم الكهربائية لإنقاذها أولاً ولاستخدامها ثانياً لخفض كلفة الإيجار، فكان تنسيق مع الجيش اللبناني والقوات الدولية لمرافقتهم في عملية نقل أغراضهم كي لا يتعرّضوا لعدوان إسرائيلي.
هذا على مستوى سكان الجنوب، أما على مستوى التجّار، فإن ميس الجبل تحتضن العديد من كبارهم مثل قبلان للسجاد، ونقيب صناعة وتجارة الذهب نعيم رزق، تجّار الأدوات المنزلية والمفروشات، وهم أساساً يسكنون في بيروت، فيما مخازنهم في ميس الجبل، فكان سعيهم إلى إنقاذ بضائعهم التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات، فأخرجوها بمساعدة الجيش؛ وباتت القرى تنظّم الخروج عبر حجز المواعيد، فمنذ يومين كان دور العديسة ورب تلاتين، وقد استهدف الجيش الإسرائيلي سيارات البيك آب الخارجة من العديسة بالقنابل الفسفورية والحارقة، ما أدى إلى سقوط أربعة جرحى بالإضافة إلى عدد من حالات الإغماء.
وتضيف المعلومات الخاصة أنه مع ارتفاع منسوب التوتير والتهديد الميداني في الآونة الأخيرة، نشهد نزوحاً من القرى الخلفية، أي غير الواقعة على خط المواجهة المباشرة كالقليلة والمنصورة والشعيتة، والجبين وطير حرفا وقد باتت نسبة النزوح منها 100%.
عدد من قرى الشريط الحدودي كشقرا وبرعشيت وبنت جبيل ومارون الراس، أبناؤها من كبار المتمولين المقيمين في الولايات المتحدة، حيث يُحسب لأصواتهم الانتخابية ألف حساب، بنوا قصوراً بملايين الدولارات في قراهم لكنها تحوّلت إلى ركام، ما ينذر بعدم عودتهم وعدم استعدادهم لتكبّد خسائر مماثلة إن أعادوا بناء من تهدّم من قصورهم، وهذا يدخل في خانة التهجير الدائم وإفراغ القرى من أبنائها.
باختصار، قرى الجنوب القريبة من خطوط الحرب بين حزب الله والجيش الإسرائيلي تحوّلت إلى مدن أشباح لا يتحرّك فيها سوى عناصر قليلة من حزب الله أو حركة أمل ومن فرق الإسعاف عند الضرورة
المصدر: ليبانون فايلز