بيروت تنجو من كارثة جراء حريق في مكب نفايات الجديدة بالمتن
بيروت – أحمد منصور
نجت العاصمة بيروت من كارثة جديدة الخميس، بفعل ألسنة النيران والحريق الذي اندلع في مكب نفايات الجديدة في ساحل المتن الشمالي قرب البحر، والذي استمر حتى ساعات متقدمة من الليل، وتمت السيطرة عليه بعد استنفار واسع لجميع أجهزة الإطفاء والدفاع المدني، بمساندة القوى الأمنية والجيش.
وتكثفت الاتصالات على أكثر من صعيد على مستوى كبار قيادات الدولة والحكومة للسيطرة على الحريق، مع خشية واضحة من تفاقم الأوضاع نحو الأسوأ، وتمدد النيران إلى خزانات الوقود المحيطة بموقع الحريق في منطقتي الدورة وصولا إلى نهر بيروت جنوبا. وأفاد شهود عيان بأن حريقا اندلع وامتد بقوة بعد قيام البعض بحرق الإطارات المطاطية للإفادة من شرائط النحاس الموجودة في داخلها.
وعاش أبناء العاصمة على وقع اصوات صفارات انذار آليات الإطفاء، وسيارات الإسعاف التي هرعت إلى موقع الحريق لإجلاء المواطنين أو نقل المصابين، فيما تحولت بيروت ليلا إلى كتلة نارية نظرا إلى ضخامة الحريق.
وغطت سحب الدخان الأسود والأبيض سماء المدينة وجوارها، وعكست معها أجواء من الغضب والاستياء لدى المواطنين، الذين تنشقوا مع عائلاتهم وأطفالهم سموم وغازات الحريق الخطيرة والمميتة بحسب رأي عدد من الخبراء، وسط استنكار واسع وشجب لطريقة إدارة هذا الملف.
وأعاد الحريق بالذاكرة لدى الأهالي مشهد انفجار مرفأ بيروت، الذي لا يزال ماثلا في أذهان الجميع، وسط مخاوف من تكرار صورته، حيث كادت النيران تحرق الأخضر واليابس. إلا ان جهود رجال الإطفاء والدفاع المدني والقوى الأمنية المتواصلة واندفاعهم في حماية وطنهم وأهلهم، أعادت الهدوء ونفست الاحتقان والمخاوف لدى المواطنين في المنطقة، الذين يعتبرون انهم يعيشون في جوار «قنبلة موقوتة».
الاهالي القاطنون في محيط المطمر، والرافضون أساسا لوجوده في المنطقة نتيجة لمخاطره البيئية، أضحوا اليوم في حال من التضعضع والريبة من تكرار اندلاع الحرائق فيه، الامر الذي يهدد حياتهم وحياة عائلاتهم، في حال تجدد المشهد وتعذرت السيطرة عليه.
رائحة الحريق امتدت إلى برج حمود ومنطقة النهر في بيروت، وكذلك إلى الجديدة – البوشرية – السد (بلدية واحدة) صعودا إلى الفنار وعين سعادة ورومية، وصولا إلى ساحل جل الديب وانطلياس.
وانتشرت صور النيران عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي تحولت بدورها إلى منصة لردود الفعل.
وأشار المكتب الإعلامي لوزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي في بيان، إلى أن الوزير أجرى اتصالا بمحافظ جبل لبنان القاضي محمد مكاوي، طالبا العمل على إبعاد المواطنين من محيط المكب وتوجيه الإرشادات اللازمة للمواطنين لعدم تنشق المواد المنبعثة جراء الحريق، والعمل على استقدام شاحنات نقل الرمال لاستخدامها في عملية الاطفاء، وفق ما تقتضيه الحاجة.
من جهته، كتب النائب سامي الجميل على حسابه على منصة «إكس»: «جريمة بيئية جديدة مسرحها ساحل المتن حيث اندلع حريق ضخم في جبل النفايات في برج حمود، موزعا الأمراض على سكان هذه المنطقة التي حكمت عليها المنظومة المجرمة مجتمعة لحظة إقرارها هذا الحل الأرعن الذي حذرنا من خطورته ووقفنا في وجهه بصدورنا منذ ثماني سنوات، غير أن الجشع وقلة المسؤولية كانا أقوى، وها نحن اليوم أمام جبلين من السموم والغازات المضرة تفتك بسكان بيروت والمتن. أغلقوا هذه المطامر الآن وعودوا إلى خيارات أصبحت معلومة لدى الجميع».
وذكرت هيئة قضاء المتن في «التيار الوطني الحر» في بيان على «إكس»: «مرة جديدة يدفع أهالي المتن الثمن نتيجة إهمال الدولة وتغاضيها عن رفض المتنيين توسعة المطامر في ساحل المتن.
إن المطلوب اليوم وبعد السيطرة على النيران المندلعة في مكب برج حمود (الجديدة حيث المكب المحدث منذ أعوام)، إيجاد الحلول اللازمة والدائمة لإزالة الخطر الذي يتهدد منطقة المتن الشمالي، ووضع هذا الموضوع على سلم أولويات الحكومة والوزارات المعنية التي يجب ان تجد الحلول الدائمة بعيدا من سياسة الترقيع والسمسرات التي تفوح من ملف النفايات».