محليات

التجاذبات والكيديات السياسية تحول دون تشغيل معملي الجية والزوق الجديدين

التجاذبات والكيديات السياسية تحول دون تشغيل معملي الجية والزوق الجديدينإقليم الخروب في انتظار «عدالة» توزيع كهرباء المعامل الكهرومائية

بيروت – أحمد منصور

بعد أن باءت المحاولات والتحركات الاحتجاجية بالفشل، لاتزال منطقة إقليم الخروب وبقية المناطق اللبنانية الأخرى، في انتظار «عدالة» مؤسسة كهرباء لبنان في توزيع التيار الكهربائي، الذي تنتجه المعامل الكهرومائية، الواقعة على نهر الليطاني، والتي تعمل في تشغيلها على قوة وضغط المياه العالي، وتستفيد منها عدة بلدات في أقضية البقاع الغربي وإقليم الخروب (الشوف) وجزين وإقليم التفاح.

تكتسب منطقة إقليم الخروب أهمية في هذا المجال عن غيرها من المناطق الأخرى، كونها تحتضن 4 معامل لإنتاج التيار الكهربائي، اثنان منها على مجرى نهر بسري المتفرع من نهر الليطاني، وهما معمل «بول أرقش» في بسري، و«(الرئيس) شارل حلو» في جون، واثنان ضمن حرم معمل الجية الحريراي، واحد قديم، والآخر بني حديثا، ويعملان على مادة الفيول، إضافة إلى معمل إبراهيم عبدالعال على الليطاني في منطقة البقاع الغربي.

وكانت ارتفعت في الفترة الأخيرة أصوات وأطلقت صرخات ونداءات، في المنطقة وجوارها، وترافقت مع تحركات شعبية أمام تلك المعامل مطالبة بإنصافها، انطلاقا من مبدأ تعميم الكهرباء على الجميع أو على قدر كبير من المناطق.

وكان رفض لحصر الكهرباء في مناطق معينة، على خلفية الانقطاع التام للتيار الكهربائي، ونشر العتمة من المعامل التي تشتغل على الفيول لأسباب اقتصادية في ظل ارتفاع أسعار النفط بشكل جنوني. بينما بقيت المعامل الكهرومائية تعمل وتشع بأنوارها في العديد من بلدات إقليم الخروب ومناطق في جزين وإقليم التفاح والبقاع الغربي.

هذا الوضع انعكس غضبا عارما لدى الأهالي، لاسيما داخل البلدة الواحدة، التي تتغذى أحياء فيها من معامل الليطاني، حيث تراها مشعة، بينما تغرق الأحياء الأخرى التي تتغذى من معامل الفيول في ظلام دامس.

وعكست هذه الأوضاع تشنجات وتجاذبات، وتسببت بإشكالات في بعض القرى، وترافقت مع تهديدات وتحذيرات وجهت للمعامل الكهرومائية. وخشية تفاقم الأوضاع وتدهورها نحو الأسوأ، تسارعت الاتصالات واللقاءات على مستوى الأحزاب والقوى الأمنية لضبط الوضع ومنع الإخلال بالأمن، ونجحت في لجم الوضع وحماية المنطقة من أي قطوع أمني، فانهالت الضغوط على مؤسسة كهرباء لبنان ومطالبتها بإيجاد الحلول لهذه المشكلة.

مشروع الليطاني الذي بوشر العمل به في 1950، للاستفادة من مخزون بحيرة القرعون التي يبلغ 122 مليون متر مكعب، يستفيد منها 3 معامل كهرمائية. وقسم من هذه المياه يذهب إلى ري المزروعات على منسوب الـ 900 متر، والمنطقة الساحلية حيث ينتج معمل إبراهيم عبدالعال في البقاع الغربي (34 ميغاواط)، وتصب المياه المنتجة منه، إضافة إلى مياه عين الزرقا والسيول في بركة أنان (قضاء جزين)، عبر نفق بطول 17 كيلومترا، ومنها باتجاه نهر بسري حتى معمل بولس أرقش الذي ينتج (108 ميغاواط). والمياه المنتجة منه، إضافة إلى مياه نهر بسري، يتم إدخالها في نفق بطول 7 كيلومترات وصولا إلى معمل شارل الحلو فوق نهر الأولي، الذي ينتج (48 ميغاواط).

وبحسب عدد من الخبراء في هذا الشأن، وانطلاقا من الواقع على الأرض، فإن الأوضاع الاقتصادية هي الحائل بوجه مؤسسة كهرباء لبنان، التي عليها التفتيش عن حلول ومخارج لهذه المشكلة.

ويلفت الخبراء إلى «ان الأمر لا يتم بسحر ساحر، إنما يتطلب أموالا طائلة لتنفيذ توسيع توزيع الكهرباء من المعامل الكهرومائية من خلال برنامج تقنين عادل في التوزيع. ودفعت هذه المستجدات بمؤسسة كهرباء لبنان إلى وضع دراسة مع مصلحة مياه الليطاني، لزيادة التوزيع من المعامل، بغية إعطاء طاقة كهربائية لثلاثة خطوط إضافية، تستفيد منها مناطق في إقليم الخروب وجزين وإقليم التفاح. وهذا المشروع يتطلب خلايا ومحولات وشبكة جديدة، انطلاقا من واقع المعامل القديمة العهد والمحدودة الإنتاج».

مصادر معنية ومتابعة لهذه الأوضاع، أكدت لـ «الأنباء»: «حاليا ليس هناك من إمكانية فنية لتزويد قرى أخرى في إقليم الخروب من معامل الكهرباء على نهر الليطاني، وهذا الأمر يتطلب مشروعا جديدا عبر استحداث شبكة جديدة ومحولات وخلايا جديدة. والمعامل الثلاثة ليس لديها هذه الإمكانية، إذ ان معدلات إنتاجها القصوى بحدود (70 ميغاواطا) وقد تراجع إنتاجها من 150 ميغاواط بسبب انخفاض منسوب مياه النهر في فصل الصيف».

وشددت المصادر على انه «يتم الاحتفاظ بكمية من المياه كاحتياط، ولا تقل عن 60 مليون متر مكعب لغاية ديسمبر من كل سنة في حال تأخر تساقط المطر».

وأكدت «ان عمل المعامل يرتبط ارتباطا كليا بمخزون المياه وتدفقها وقوتها المخزنة في بحيرة القرعون». وشددت على «أهمية وضرورة المحافظة على المعامل المائية، وتشغيل بقية المعامل المقفلة في قاديشا ونهر ابراهيم ونهر ابوعلي في طرابلس وغيرها».

واعتبرت «ان الخطة الإنقاذية لواقع الكهرباء المزري، تتمثل بتحسين الإدارة في مؤسسة الكهرباء ورفع اليد السياسية عنها، وتفعيل الجباية في المناطق، لاسيما المخيمات الفلسطينية والسورية، وقمع التعديات عليها».

وأشارت «إلى انه تم وضع دراسة بين مصلحة مياه الليطاني ومؤسسة كهرباء لبنان لزيادة التوزيع وإعطاء طاقة كهربائية لثلاثة خطوط إضافية من المعامل الكهرومائية. وتتضمن الدراسة خطين لإقليم الخروب، وخطين مماثلين لمنطقة جزين، وخطين لمنطقة إقليم التفاح، بدل الواقع الحالي الذي يضم ثلاثة خطوط فقط لتلك المناطق».

وتابعت: «المعامل بحاجة إلى تحديث لضمان استمرارية عمل مجموعاتها».

واقع المعامل التي تشتغل على مادة الفيول، ليس أفضل حالا، فمعظمها قديم وقد باتت خارجة عن الخدمة لغياب الصيانة والتأهيل، ومنها معمل الجية الحراري القديم، الذي أنشئ في الستينيات، ويضم 5 مجموعات لإنتاج (350 ميغاواط). والمعمل متوقف عن العمل نتيجة قدمه وغياب الصيانة، وصدور قرار عن مجلس الوزراء في العام 2016 بوقفه عن العمل وتفكيكه، والمباشرة بمعمل جديد. ومنذ ذلك الحين والمعمل يشتغل من اللحم الحي، ووصل إنتاجه مؤخرا إلى حدود 50 ميغاواط، وحاليا توقف عن العمل فسي شكل كلي».

وأشارت المصادر المعنية إلى «ان إنتاج الطاقة الكهربائية في لبنان يقتصر حاليا على إنتاج معملي الزهراني ودير عمار». وأكدت «ان المشكلة كبيرة وأعمق من عدم توافر مادة الفيول». ولفتت إلى «ان المعملين الجديدين اللذين بنيا في الجية (78 ميغاواط) وفي الزوق (200 ميغاواط) منذ أعوام وعلى جهوزية تامة لإنتاج الكهرباء، توقفا عن العمل بسبب تجاذبات سياسية حول تجديد عقود التشغيل».

وسألت المصادر: «إلى متى يبقى الوطن يعيش تحت رحمة هذا المحتكر أو ذاك؟ فلو تم تشغيل المعملين في الجية والزوق مع معملي الزهراني ودير عمار، لكانت ساعات التغذية بحدود (1000 ميغاواط)».

واعتبرت المصادر «ان التجاذبات والكيديات السياسية هي السبب الرئيسي في توقف المعملين في الزوق والجية».

ورجحت «ان الموضوع اصبح في خواتيمه النهائية لجهة تجديد عقد تشغيل المعملين الجديدين، في انتظار توافر الاعتمادات اللازمة». لكنها أشارت «إلى ان الشبكة هزيلة وغير ثابتة وبحاجة إلى إنتاج كبير. والمعامل القديمة استنفدت في شكل كامل وباتت غير قادرة على تأمين الإنتاج. والآمال معقودة على تشغيل المعامل الجديدة، وعلى مادة الغاز الصديقة للبيئة والوضع الاقتصادي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى