ما يجري في الجنوب لم يبدأ منذ اشهر… بل يمتدّ الى عقود إجتياح “إسرائيلي” للبنان لن يتكرّر
كتب: كمال ذيبان
قبل ان يأتي الموفد الرئاسي الاميركي الى لبنان آموس هوكشتاين، كان يعلم بان زيارته لن تنجح، والتي من ابرز اهدافها: تهدئة الوضع في الجنوب وتخفيف التصعيد العسكري بين حزب الله وحلفائه في المقاومة والعدو الاسرائيلي، اذ بدأت العمليات الحربية تتوسع، وتستخدم فيها اسلحة متطورة، لان ما يجري في الجبهتين الجنوبية من لبنان والشمالية من فلسطين المحتلة، سببه دخول حزب الله حرب المساندة الى جانب غزة، التي شن العدو الاسرائيلي عليها حرباً تدميرية بعد عملية طوفان الاقصى، التي نفذتها كتائب القسّام في حركة حماس في 7 تشرين الاول الماضي، وان اليوم التالي كان في لبنان، وامتد الى كل ساحات محور المقاومة.
لم يأت هوكشتاين مبعوثاً اميركياً فقط، بل “اسرائيلياً” ايضاً، وهو اليهودي الذي يعتز بانه خدم في الجيش “الاسرائيلي”، وكان يركز في زياراته الى لبنان على ضمان “امن اسرائيل”، فابتدع حل تطبيق القرار 1701 من جانب لبنان فقط، لجهة انسحاب حزب الله الى شمال الليطاني، وتوسع انتشار الجيش والقوات الدولية، وهما موجودان في المنطقة، وهذا ما اثار غضب الطرف اللبناني، الذي دعاه الى مطالبة قادة العدو ان يوقفوا خروقاتهم واعتداءاتهم على السيادة اللبنانية. وما يجري في الجنوب لم يبدأ منذ اشهر، بل هو يمتد الى عقود، منذ نشأ الكيان الهصيوني الذي له اطماع في لبنان، ولم يكن له من يشكو اليه سوى الامم المتحدة، التي وقفت الى جانب الكيان الصهيوني ولم تنفذ القرارات الدولية، بدءا من القرار 194 الذي يعطي للفلسطينيين حق العودة، الى عدم ردع “اسرائيل” عن سرقة مياه لبنان ومنع استثمار نهري الليطاني والوزاني، كما الغارات العدوانية على لبنان وجنوبه تحديداً بتهجير اهله، كما قصف مرافق حيوية لبنانية، واغتيال قيادات فلسطينية.
ولم ترتدع “اسرائيل”، الا عندما قامت مقاومة في لبنان، وتحديداً بعد الغزو الصهيوني له في حزيران عام 1982، ومنذ ذلك الحين بدأ الكيان الغاصب يشعر بالضعف مع تصاعد عمليات المقاومة، التي فرضت عليه الانسحاب من بيروت في ايلول 1982، لتشهد المناطق اللبنانية الاخرى انسحابات لجيش الاحتلال بقوة وارادة المقاومة، التي انهت مقولة “قوة لبنان في ضعفه”، وان “حياده” عن الصراع مع العدو الصهيوني يحميه مع صداقات دولية، وهذا لم يحصل، وفق قراءة مصدر سياسي مخضرم واكب تلك المرحلة، التي كان الخلاف بين اللبنانيين وما زال، حول موقع لبنان من الصراع مع الكيان الصهيوني الذي له اطماع فيه، اضافة الى دور الجيش وعقيدته القتالية وتسليحه، فادى ذلك الى ان يتحول لبنان الى ساحة مواجهة ضد العدو الاسرائيلي، مع تمركز المقاومة الفلسطينية في منطقة العرقوب في الجنوب، ولاقت حاضنة وطنية وقومية لها، فادخل لبنان في صراع هوية ونظام.
إجتياح “إسرائيلي” للبنان لن يتكرّر، وهذا لم يعد في زمن المقاومة التي سجلت انتصارات منذ التحرير في العام 2000 الى الصمود في حرب تموز 2006، وتعزز توأم لها في فلسطين المحتلة، فشهدت غزة حروبا عليها في اعوام 2008 و2012 و2014 و2021 والحرب الحالية التي فاجأت قادة العدو باستمرارها تسعة اشهر، دون ان يحقق الجيش “الاسرائيلي” الاهداف التي دخل اليها الى القطاع الذي ما زال يقاوم رغم الدمار والقتل والتهجير.
من هنا، فان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كان واضحا كما في كل المناسبات، بان المواجهة العسكرية في الجنوب مع العدو الصهيوني مرتبطة بالحرب في غزة، وهناك الحل وليس في لبنان الذي يضيع هوكشتاين وقته فيه كما غيره من الموفدين، لان فتح جبهة الجنوب كان بسبب غزة ولاسنادها، يقول مصدر قيادي في حزب الله، وهذا ما ابلغه الرئيس نبيه بري لهوكشتاين الذي يعلم هو ذلك كما غيره من المسؤولين الاميركيين والاوروبيين، وهو ما ينطبق على اسناد العراق واليمن والعنوان واضح جيدا. فلماذا اعطاء الفرص لرئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو لعله يحقق نصرا في القضاء على حماس وتحرير الاسرى؟
لذلك، رسم السيد نصرالله خارطة طريق لمستقبل الصراع مع العدو الصهيوني دون قواعد اشتباك في ذكرى الشهيد ابو طالب، واعلن بان توسيع المعركة من قبل قادة العدو فان المقاومة استعدت لها مع بنك اهداف، وليس “فيديو الهدهد” الا رسالة واضحة عن الاهداف التي ستكون تحت مرمى صواريخ المقاومة ، والتي كانت جاهزة للانطلاق في حرب 2006، لكن تم تأجيل هذا الهدف الاستراتيجي الذي اذا ما قصفته المقاومة سيحدث زلزالا في حيفا وجوارها والمصانع الكيميائية والبتروكيميائية والنفط فيها، فكان تزامن تصوير الاهداف مع خطاب السيد نصرالله رسالة تحذير للعدو الا يقدم على مغامرة عسكرية في لبنان، لان وجود الكيان بخطر، وان دخول “قوات الرضوان” الجليل احتمال قائم.