الميثاق الوطنيّ مع “غصن الزيتون”… نهْج يتوخَّاه المسيحيون
كتب مجد بو مجاهد في” النهار”: يوطّد المسيحيون أهمية الإبقاء على الميثاق الوطنيّ ويتمسّكون به حفاظاً على التوازنات اللبنانية. وكانت أكثر من وثيقة وطنية أعدّت حديثاً ونقّحت انطلاقاً من ضرورة الحفاظ على الميثاق اللبنانيّ ومندرجاته. ولا يمكن الحديث عن روحية الميثاق من دون التأكيد على المناصفة بين المسیحیین والمسلمین في وظائف الفئة الأولى أو ما يعادلها، من دون تخصيص وظائف للطوائف. ويفاقم الشغور الرئاسيّ وغياب انتظام عمل المؤسسات الهواجس المسيحية. وتطرح استفهامات مقلقة لدى المسيحيين حول تأثيرات انعدام الحلّ السياسي على التوازنات الوطنية واحترام التعدّدية في البلد.
إحصائياً، يصل عدد الوظائف في الفئة الأولى سواء في الإدارات العامة أو المؤسسات العامة وبعض المراكز الأساسية إلى 157 وظيفة من بينها 72 وظيفة للمسيحيين، تتوزّع كالآتي: 43 وظيفة للموارنة، 13 وظيفة للروم الكاثوليك، 11 وظيفة للروم الأرثوذكس، 3 وظائف للأرمن الأرثوذكس، وظيفتان للأقليات المسيحية. 81 وظيفة للمسلمين، تتوزّع كالآتي: 34 وظيفة للسنة، 33 وظيفة للشيعة، 12 وظيفة للدروز، وظيفتان للعلويين. وهناك 4 وظائف من الفئة
الأولى لم تشغل، لذلك لم تتوزّع طائفياً حتى الآن. ويشغل موظّفون من الطائفة المارونية مراكز أساسية كمركز قائد الجيش، حاكم مصرف لبنان، رئيس إدارة التفتيش المركزي، رئيس مجلس القضاء الأعلى، رئيس مجلس شورى الدولة ورئيس المجلس الدستوري. ويتولّى موظفون من طائفة الروم الكاثوليك مواقع أساسيّة شمولاً بمركز محافظ الشمال ورئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي. ويحوز موظّفون من طائفة الروم الأرثوذكس وظائف رئيسية أيضاً، كمنصب محافظ بيروت ورئيس المركز التربوي للبحوث والإنماء.
وتبيّن في الدراسات الأولية لـ”الدولية للمعلومات” أنّ الشغور في مراكز الفئة الأولى يشمل كلّ الطوائف، لكنّ الإشكالية التي اتضحت أن وظائف الفئة الأولى المحسوبة على المسيحيين والتي يتولّاها موظفون مسلمون بالإنابة أو الوكالة حالياً بعدما شغرت، أكثر من وظائف الفئة الأولى المحسوبة على المسلمين والتي يديرها موظفون مسيحيون بالإنابة أو الوكالة حالياً بعدما شغرت. وتشمل المراكز المسيحية الأكثر أهمية التي شغرت ويتولاها موظفون مسلمون إنابةً أو وكالةً حالياً: منصب حاكم مصرف لبنان (ينوب عنه موظف شيعي)، مدير عام وزارة الأشغال (ينوب عنه موظف شيعي)، مدير عام التنظيم المدني (ينوب عنه موظف شيعي) ومدير عام المحفوظات الوطنية (تتولاه حالياً الطائفة السنية).
تدقّ إحصاءات “الدولية للمعلومات” ناقوس الخلل الديموغرافيّ في لبنان ما يترك تبعاته على التقدّم لوظائف الدولة خصوصاً بعد مرحلة الانهيار الاقتصادي، طالما أن نسبة المسيحيين المقيمين في لبنان وفق “الدولية للمعلومات” باتت 28% من اللبنانيين، بينما يشكّل المسيحيون المسجّلون 32% من عدد اللبنانيين وسط تسارع ظاهرة الهجرة التي تقلّص الحضور المسيحي. والحال هذه، إنّ الحلّ الأساسي للمشكلة يبدأ من وضع سبل استراتيجية تخفّف من الهجرة أولاً وتسترجع ثقة المسيحيين خصوصاً في المؤسسات وكذلك ثقة الانتماء إلى دولة لبنانية موجودة.