لهذه الأسباب لن ينجح هوكشتاين في مُهمّته التي يُقدّم فيها “أمن إسرائيل” فريق المقاومة لا يعتبره وسيطاً نزيهاً… والمشكلة عند إدارته بوقف الحرب على غزة
كتب: كمال ذيبان
قبل ان يصل الموفد الرئاسي الاميركي لشؤون الطاقة آموس هوكشتاين الى لبنان، وهو يأتي في زيارات دائمة، منذ بدء الترسيم البحري بين لبنان والعدو الاسرائيلي، استبشر رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي خيراً بقدومه هذه المرة، وربط تفاؤله بأن هدنة ستحصل في غزة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الاسرائيلي، وتبدأ قبل بدء شهر رمضان وتستمر خلاله، وهذا ما كان اعلنه الرئيس الاميركي جو بايدن، وحدد يوم الاثنين (امس الاول) في 6 من آذار الحالي موعداً للهدنة، مستقياً معلوماته من مستشاريه، لا سيما مستشاره للامن القومي جيك سوليفان، الذي ابلغه عن احراز تقدم في اجتماع باريس الاخير، الذي حضره رؤساء الاجهزة الامنية لكل من اميركا و”اسرائيل” ومصر وقطر، وان اتفاقاً حصل على تبادل للاسرى بين الفلسطينيين و”الاسرائيليين” ووقف للاعمال العسكرية، بحيث مع كل يوم لوقف اطلاق النار تحصل فيه عملية تبادل اسرى، فيطلق سراح اسير “اسرائيلي” مقابل عشرة اسرى فلسطينيين، وتم تحديد مواصفات الاسرى وعددهم فبلغ 40 اسيراً “اسرائيلياً” و400 اسير فلسطيني.
هذا التفاؤل الاميركي، بدده رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، ورد على بايدن ان لا اساس لمثل هذا الاتفاق، الذي وبعد اكثر من اسبوعين على حصوله ما زال خارج التنفيذ، لان كلا الطرفين حماس والعدو الاسرائيلي ما زالا عند شروطهما ومواقفهما،فحماس وحلفائها من فصائل المقاومة يطالبون وقف شامل لاطلاق النار وانهاء الحرب، وانسحاب قوات الاحتلال الاسرائيلي خارج غزة، ومن ثم تبدأ عملية اطلاق الاسرى في المرحلة الاولى، لان حماس وضعت شرطاً وهو تبييض السجون، اي اخلاؤها من كل الاسرى الفلسطينيين الذين ارتفع عددهم الى نحو 15 الف اسير منذ طوفان الاقصى وحرب الابادة الجماعية “الاسرائيلية” على غزة.
بينما يريد نتنياهو ان يحصل من اي اتفاق على اطلاق سراح الاسرى “الاسرائيليين” ليخفف عنه الضغط الداخلي، في وقت يطالب وزراء في حكومته ومن ابرزهم ايتمار بن غفير، بان لا يكترث للاسرى ويستمر في الحرب للقضاء على حماس وترحيل الفلسطينيين من غزة، بعد السيطرة العسكرية الكاملة على القطاع وادارته عسكرياً من قبل العدو الاسرائيلي، الذي يطالب قادة تيارات دينية يهودية متطرفة، بالمباشرة ببناء مستوطنات، وان خطأ ارتكبه ارييل شارون عند انسحابه من غزة، وتفكيك 21 مستوطنة في العام 2005
فمهمة الموفد الاميركي مرتبطة بما سيحصل في غزة، حيث حاول هوكشتاين وفي زيارات سابقة، ان يفصل بين ما يجري من مواجهات عسكرية عند الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة بين حزب الله والعدو الاسرائيلي، حيث فتحت الجبهة من لبنان لاسناد المقاومة في غزة واشغال العدو الاسرائيلي، وهذا ما اسقط محاولاته السابقة ويكررها لفك هذا الارتباط، والعمل على تطبيق القرار 1701، لكن المسؤولين اللبنانيين اكدوا للمبعوث الاميركي بان وقف الحرب على غزة، هو شرط لفتح الحديث عن حل سياسي او ديبلوماسي، وهو الذي اكده خلال لقاءاته مع من التقاهم من قيادات رسمية او سياسية وحزبية.
هوكشتاين لم يحمل معه آلية الحل، بل طالب بوقف المواجهة العسكرية، وعودة النازحين من الطرفين اللبناني و”الاسرائيلي”، وهو امر طبيعي ان يحصل اذا انتهت الحرب “الاسرائيلية” على غزة وفق اتفاق سياسي، وليس بشروط العدو الاسرائيلي، وان الكرة هي في الملعب الاميركي، حيث لم تقدم واشنطن على الموافقة لوقف اطلاق نار دائم في غزة، بل دعوات الى هدنة، والاجازة للحكومة “الاسرائيلية” باستمرار العمل العسكري، مع تخفيف عدد الضحايا فقط. اذ تقف الادارة الاميركية، ضد الشرعية الدولية التي طالبت الكيان الصهيوني بوقف الحرب، لكن اميركا كانت تستخدم حق النقض “الفيتو” في مجلس الامن الدولي، وقد لجأت اليه نحو ثلاث مرات، اضافة الى عدم الاستجابة للامم المتحدة التي دعت لوقف اطلاق النار، وتوفير المساعدات على كل الصعد الغذائية والصحية والمياه، وهذا ما لم تستجب له ايضاً الحكومة “الاسرائيلية”، التي ارتكبت اكثر من مجزرة بحق مواطنين فلسطينيين تجمعوا للحصول على الطحين، فامتزج دماء نحو 125 شهيداً ومئات الجرحى بمادة الطحين، حيث يعاني سكان القطاع من مجاعة فعلية، تحدث عنها الامين العام للامم المتحدة ومنظمات تابعة لها.
ففي لبنان، لن يجد هوكشتاين اجوبة على وقف المواجهات العسكرية وحصر التصعيد، لانه هو آت بهدف واحد هو تأمين الامن للكيان، وفق ما تقول مصادر حزبية في خط المقاومة، ولا تعتبر هوكشتاين وسيطا نزيها منذ ترسيم الحدود البحرية، وهو يحاول مقايضة الترسيم البري ، وهو موجود لسحب عناصر المقاومة من جنوب الليطاني واقامة منطقة منزوعة السلاح، لا يكون فيها الا الجيش تنفيذاً للقرار 1701، وهو مطبق من لبنان لجهة انتشار الجيش، وان كان ليس بالعدد الكافي عند الخط الازرق وما وراءه في لبنان، وهو لا يُسمح له بالتسلح بما يكنّه من ردع العدو الاسرائيلي، الذي لولا المقاومة لكان اجتاز الحدود التي يخرقها دائماً، وتقوم قوات الامم المتحدة (اليونيفيل) بتسجيل الخروقات فقط.
فزيارة هوكشتاين الى لبنانلن تختلف عن سابقاتها لانها تخدم العدو الاسرائيلي، الذي يتكل عليه بان يقنع لبنان للقبول بالحل الديبلوماسي، وهو الالتزام بالقرار 1701 الذي نفذه لبنان، ولن يقدم ورقة المقاومة مجاناً للكيان الصهيوني، وهذا ما سمعه المبعوث الاميركي من الرئيس نبيه بري، الذي اكد له بان لبنان في كل تاريخه كان هو المستهدف من العدو الاسرائيلي، فضم سبع قرى لبنانية الى كيانه، ولم يسمح للجيش اللبناني بالتسلح، في وقت بنى جيشاً هو الاقوى، كما لم يلتزم بالقرارات الدولية، ولبنان ارضه بمقاومته التي شكلت قوة ردع بوجه الحروب والاعتداءات الصهيونية.
وهوكشتاين الذي خدم في جيش الاحتلال يأتي الى لبنان بمهمة “امن اسرائيل” فوق كل اعبتار، وهذه قاعدة ثانية لدى اميركا في كل اداراته