متفرقات

طفرة الدولار المُجَمَّد: شبكات تعمل على خط لبنان وسوريا والعراق وتركيا.. ما حقيقة الأمر؟ احذروا الوقوع في الفخ!

كتب عزت ابو علي في موقع LebanonOn

مناظر مُغرية لكميات مهولة من الدورات الأميركية من فئة الـ 100 دولار تغزو مواقع التواصل الاجتماعي، على أنَّها دولارات مُجمَّدة ليبية كانت أم عراقية، وتجارب من عارضيها عبر تمريرها على ماكينات الفحص تارةً والاختبار بالإبرة تارةً أُخرى بغية إيهام من سيتحولون إلى ضحايا بأنَّها صحيحة مئة بالمئة.
وتُروج هذه الإعلانات لأرباح خيالية وسريعة، عبر بيع تلالٍ من الدولارات، ويزعم أصحابها سلامتها من الناحية المالية، ويشيرون إلى أن منع التداول بها يعود لأنها من ضمن المبالغ التي كانت بحوزة نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، والعقيد الليبي الراحل معمر القذافي.
هل هناك فعلاً ما يُسمى بالدولار المجمَّد؟
تفتقر ادعاءات مروجي هذه النقود للمنطق، لأنَّ ما حصل في ليبيا، كان عبارة عن تجميد أصول وحسابات مصرفية، وليس وقف التعامل بأوراق نقدية مباشرة ضمن أرقام متسلسلة، حيث نصَّ القرار الأميركي الذي حمل الرقم 13566 بشأن ليبيا، بتجميد جميع الممتلكات وفوائدها المتواجدة في الولايات المتحدة، والتي تدخل فيما بعد إليها أو التي تصبح لاحقاً في حوزة أو سيطرة أي شخص أميركي، بما في ذلك أي فروع خارجية للحكومة الليبية، ووكالاتها وأجهزتها والكيانات الخاضعة لها ومصرف ليبيا المركزي، وعندما سقط نظام القذافي، وتولى المسؤولية نظام جديد، تمَّ رفع الحظر عن ليبيا، ولكن العقوبات الدولية لم تتطرق إلى أوراق نقدية بعينها، لأنه من الصعب في أي مكان في العالم أن تستهدف العقوبات نقوداً أو أوراقاً مالية بعينها حيث من الصعب تتبُّع سير هذه السيولة النقدية، وهو ما يدلُّ على أن لا شيء اسمه الدولار المُجمَّد إنما القضية لا تعدو كونها خديعة يعمل مروجوها على بثِّها للإيقاع بضحياهم.
كيف تعمل هذه الشبكات؟
تتبَّع موقع LebanonOn شبكات عدَّة تعمل على الترويج لهذا الأمر، حيث تنشط هذه الشبكات في 4 دول بشكلٍ كبير وهي لبنان، سوريا، العراق وتركيا.
“محمد” شابٌ من التابعية السورية يعيش بين منطقة البقاع في لبنان والعاصمة السورية دمشق، ادعى في حديثه لـ LebanonOn أن هذا الدولار الذي يقوم بعرضه على وسائل التواصل الاجتماعي هو دولار صحيح يتم تصريفه في الأسواق كافة ما عدا البنوك، ويشترط أن يتم التسلُّم والتسليم باليد فمقابل كل 4 آلاف دولار صحيح يتم تسليم 10 آلاف دولار من أوراق دولاراته المُجمَّدة ويرفع محمد عرضه إلى 25 ألف دولار مقابل 10 آلاف دولار!.
يدعي محمد في حديثه لـ LebanonOn أنَّه يقوم بهذه العمليات منذ أكثر من 3 أعوام في لبنان، ويزعم أن زبائنه من كافة المناطق اللبنانية، ويتخذ من بلدة طليا في البقاع وتحديداً من مفرقها مقراً لتنفيذ عملياته، وحول تأمين هذه الأموال الضخمة يقول محمد إن بحوزته مبالغ ضخمة جداً يحصل عليها كل 20 يوماً إلى شهرٍ تقريباً ومصدرها سوريا، ويعترف بأنَّ آخر مبالغ تسلمها كانت منذ نحو 3 أيام!.
كلام محمد سَخِرَ منه سوري آخر يعمل في هذا المجال ويُقيم في مدينة اسطنبول في تركيا، حيث اعتبر أن الدولار المُجمَّد لا يتواجد لا في سوريا ولا في لبنان ولا حتى العراق أو ليبيا بل في تركيا حصراً حيث يدعي أن هذه الأموال المُجمَّدة تتواجد فقط في تركيا، وتطلب هذه الشبكات المتواجدة في تركيا من ضحاياها إمَّا القدوم إلى تركيا أو القيام بحوالات لصالح أشخاص من بلدانهم إلى تركيا ليستلموا في نفس الوقت من أشخاصٍ يتبعون للشبكات في تركيا المبالغ من الدولارات المجمَّدة في بلدانهم!.
وتتم المراسلات بين الجناة وضحاياهم عبر تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي كافة، ويعملون في البيئات الفقيرة أو التي تتعرض لأزمة اقتصادية مثل لبنان ومصر وينتقون ضحاياهم من بين الجاهلين بحقيقة ما يُسمى الدولار المُجمَّد!.
حقيقة الدولار المُجمَّد
يقول المحامي اللبناني شريف الحسيني في حديث لـ LebanonOn إنه لا يوجد شيء يُسمى الدولار المُجمد والحقيقة أنَّ هذه الأمور ما هي إلا ضروب من النصب والاحتيال والخداع، حيث يقوم الجُناة بإيهام ضحاياهم بشراء مبلغ مليون دولار بـ 300 ألف دولار، وهنا يتمُّ تسليم الضحية مبلغاً زهيداً من الأموال الصحيحة المُختَبَرَة على أجهزة كشف التزوير فيما السواد الأعظم من المبلغ المُسَلَّم يكون من الدولارات المُزوَّرة.
ويؤكد الحسيني في حديثه لـ LebanonOn استحالة معرفة وجود ما يُسمى دولارات عراقية وليبية في المصارف اللبنانية بسبب قانون السريَّة المصرفية في لبنان، ويدعو المواطنين لأخذ الحيطة والحذر وعدم الوقوع في فخ هذه العصابات التي تسعى إلى نهب مدخراتهم واستغلال حاجتهم للربح السريع ومضاعفة أموالهم بطرق سهلة وبسيطة، والدليل حول ما يقوله الحسيني أن هذه العصابات لا ترضى باستبدال مبالغ زهيدة بل إن الحد الأدنى لأية عملية لا يجب أن تقل عن الـ 4 آلاف دولار بغية خداع الضحايا.
من جهتها تقول المحامية اللبنانية دعاء منصور لـ LebanonOn إن الوقائع تُثبِت أن هذه العمليات خارجة على القانون وهي تندرج تحت المادة 655 من قانون العقوبات التي تنص على أنَّه “كل من حمل الغير بالمناورات الاحتيالية على تسليمه مالاً منقولاً أو غير منقول أو أسناداً تتضمن تعهداً او إبراء أو منفعة واستولى عليها يعاقب بالحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وبالغرامة المالية”، ويُضاف إليها جرم التزوير واستعمال المُزوَّر في حال كان الشخص الذي قام بشراء هذه الأموال مُدرِكاً لحقيقتها، وتنصح منصور المواطنين بالابتعاد عن هذه العصابات التي تسعى للاحتيال عليهم وخداعهم.
وإلى تركيا حيث قال مصدرٌ تركي لـ LebanonOn إن الأجهزة الأمنية التركية تعمل على هذه القضية الشائكة منذ مدة طويلة وتحديداً من تاريخ سقوط نظامي صدام حسين ومعمر القذافي، حيث استغلَّت عصابات عديدة قصة الدولار المُجمَّد بغية تزييف الدولارات وترويجها، ويؤكد أن السلطات التركية ضبطت في وقت سابقٍ حوالي كميات تصل إلى مليار دولار كانت مُعدة للتهريب نحو أفريقيا بغية توزيعها هناك، وكشف المصدر أن آخر عملية قامت بها الأجهزة الأمنية التركية قبل مدة قصيرة هي مداهمة قبو قديم في منطقة الفاتح في اسطنبول حيث ضبطت مبلغ 12 مليون ودولار وماكينة لطباعة العملة من فئة الـ 100 دولار أميركي، وتضم هذه الشبكة أتراكاً وسوريين وأوقفتهم.
في المُحصِّلة على المواطن أن يُدرٍك أن لا شيء اسمه الدولار المُجمَّد وعليه أن يحذر من التعاطي مع هذه العصابات التي تُلحِق به تبعات اقتصادية وقانونية، وعليه أن يسأل نفسه لطالما أنَّ هذه الدولارات المعروضة صحيحة فلماذا يسعى أصحابها لاستبدالها؟ علماً أن بإمكانهم تصريفها في أية محال للصيرفة، ويقع على عاتق الأجهزة الأمنية ملاحقة هؤلاء المجرمين والإيقاع بهم وتوقيفهم نظراً للضرر اللامحدود الذي يوقعون به اقتصاد البلاد المنهار أصلاً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى