متفرقات

جهوزية “الداخلية” للانتخابات البلدية واقع أم سياسة؟

كتبت سابين عويس في” النهار”: قد يكون من المبكر أو ربما من غير الملحّ اليوم إثارة ملف الانتخابات البلدية والاختيارية كما فعل وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي في ظل الأوضاع السياسية والامنية غير المستقرة السائدة على خلفية التصعيد المتنامي على الحدود الجنوبية أو استمرار حال التعطيل لكل استحقاق دستوري بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية، وصولاً إلى ملء الشواغر في المؤسسات والمصالح والأجهزة الحكومية. ذلك ان اصرار مولوي على تطبيق القانون وإجراء الانتخابات أثار جملة من التساؤلات حول مدى جهوزية وزارته اولاً والأجهزة والدوائر المعنية لوجستياً ثانياً لانجاز هذا الاستحقاق.

لا يختلف استحقاق المجالس البلدية والاختيارية عن الاستحقاقات الداهمة الاخرى من حيث اهميتها وأولويتها لاعادة بثّ الروح في العمل البلدي وتجديد مجالسه بما يعزز العمل الانمائي الذي تحتاج اليه مختلف المناطق اللبنانية، ولِما يدرّه ايضاً من ايرادات على خزينة خاوية. لكن الاكيد اليوم ان الدولة تفتقد كل المقومات المطلوبة لاجراء هذه الانتخابات على مسافة خمسة اشهر من موعد انتهاء الولاية الممددة للمجالس البلدية والاختيارية في 31 أيارالمقبل، الامر الذي تؤكده اكثر من جهة بلدية بسبب عدم توافر الامكانات اللوجستية وتأمين العناصر البشرية التي ستشرف على عمليات الاقتراع والفرز.

ما أبرز المعوقات التي تواجه وزارة الداخلية وتحول دون قدرتها على اجراء الانتخابات؟ لا تقف تلك المعوقات عند الجانب الإداري واللوجستي والمالي فحسب، وانما تتجاوزها ايضاً إلى الجانب السياسي، على ما تقول مصادر سياسية. ذلك ان هاجس السلطات والزعامات يكمن دائماً في الخوف من تفلت قدرتهم على السيطرة، لا سيما في الظروف الاقتصادية الراهنة، حيث يغيب المال الانتخابي وتتعطل المصالح والخدمات والزبائنية. أما على المقلب الآخر، فلا تبدو الصورة افضل، اذ ان العملية الانتخابية تفتقد كل مقوماتها الادارية في ظل عدم توافر الموارد البشرية أو البنى التحتية لجهة تجهيز المراكز وتأمين الطاقة الكهربائية، كما ان لا موازنة مرصودة لتمويل العملية. وتشير التقديرات إلى الحاجة إلى نحو 20 مليون دولار في حين انه لم يرصد في الموازنة اي اعتمادات مماثلة. وتعوّل وزارة الداخلية على دعم يمكن ان يقدمه برنامج الامم المتحدة الانمائي، فضلاً عن مساعدات من منظمات دولية، لكن النقاش لم يبلغ بعد هذا المستوى قبل ان تحسم الدولة امرها وتقرر خوض الانتخابات.

تبدي الامم المتحدة اهتماماً كبيراً بهذا الموضوع، وتسأل المنسقة الخاصة في لبنان يوانّا فرونتيسكا عن مجالات الدعم التي يمكن للامم المتحدة ان تقدمها لإطلاق الوعي حول اهمية انجاز الانتخابات وتحقيق المسار الديموقراطي. لكن يبقى كل دعم خارجي محتمل رهن القرار الداخلي بالتزام موعد يسمح بإطلاق ورشة التحضيرات المطلوبة. والإعلان يجب ألا يتجاوز  شهر شباط المقبل حداً أقصى لكي يُترك هامش تحرك لا يقل عن 3 أشهر لانجاز الترتيبات اللوجستية ودعوة الهيئات الناخبة.

حتى الآن، لا مؤشرات جدية في هذا الاتجاه، ما دامت الاهتمامات الداخلية في مكان آخر!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى