قضية رياض سلامة بيد قاضي التحقيق بلال حلاوي
في السادس من تشرين الثاني، أصدر الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، القاضي حبيب رزق الله، قرارًا يقضي بتكليف قاضي التحقيق في بيروت، بلال حلاوي، بمهمة قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة، بدلًا عن القاضي شربل أبو سمرا الذي سيحال على التقاعد في التاسع من تشرين الثاني.
إشكالية التكليف
المعروف أن هذا المركز من حصة الطائفة السنية، وحساسيته دفعت بجميع قضاة تحقيق بيروت إلى التمنع عن تسلّم أي ملف قضائي يحوّل إليهم من القاضي وائل صادق (سنيّ) الذي جرى أولاً تكليفه منذ أسابيع لهذا المنصب، اعتراضاً على هذا التكليف “لعدم مراعاة درجات القضاة وأعمارهم”. فقد كان من المفترض أن يكلّف القاضي فؤاد مراد (كاثوليكي) بهذه المهمة، كونه الأعلى درجة. وبعد اعتذار صادق عن هذه المهمة حرصًا منه على سير الملفات القضائية داخل دائرة التحقيق بشكل طبيعي، كُلّف القاضي بلال حلاوي (شيعي) لهذا المنصب.
ووفقًا لمعلومات “المدن “، فإن القاضي فؤاد مراد لم يعيّن، لأنه منتدب كقاضٍ للتحقيق في بيروت وليس أصيلًا، سيما أن حلاوي هو أعلى درجة من القاضي وائل صادق. وقد جرى تعيينه في هذا المنصب كقاضٍ أصيل بموجب مرسوم التشكيلات القضائية الصادر عام 2017.
تنبثق أهمية هذا المركز انطلاقًا من “حساسية” الملفات القضائية التي تصل إلى هذه الدائرة، وعلى رأسها تلك التي تحرّك الرأي العام، كملف حاكم مصرف لبنان السابق رياض توفيق سلامة، إضافة إلى تنفيذ الإستنابات القضائية المتعلقة بقضية سلامة وأعوانه، وقضايا الصرافين..
داخل قصر عدل بيروت، همس متواصل حول هذا المركز، على اعتبار أن القاضي المكلّف سيتوجب عليه متابعة قضية سلامة، وأن المراجع السياسية من الممكن أن تتدخل من أجل هذا الأمر، خوفًا من إلقاء القبض على سلامة وإصدار مذكرة توقيف بحقه وزجّه في السجن.
أسئلة كثيرة تصدرت واجهة النقاشات بين القضاة بعد الإعلان عن هُوية صاحب هذا المنصب، وأهمها: “كيف سيتابع ملف سلامة؟ هل سيكون حلاوي شبيهًا بأبو سمرا؟ أم أنه سيشكل صدمة قضائية؟”.
من هو بلال حلاوي؟
قاضي تحقيق في بيروت، يعرّف عنه داخل قصر عدل بيروت بأنه محبوب من الجميع، تابع مجموعة من الملفات القضائية داخل دائرة التحقيق، وأبرزها قضية العميل عامر الفاخوري، التي شغلت الرأي العام آنذاك. ووفقًا لمعلومات “المدن”، تابع حلاوي الدعاوى المقدمة من بعض الأسرى المحررين من سجن الخيام، بعد أن تقدموا بشكاوى قضائية ضد الفاخوري بجرم حجز حريتهم وتعذيبهم. تابع حلاوي قضية الفاخوري وصولًا إلى إصدار مذكرة توقيف غيابية بحقه.
توزعت آراء القضاة حول عودة ملف سلامة للواجهة مجدّدًا. ففي حديث خاص لـ”المدن” رأت مصادر قضائية أن الجليد المسيطر على ملف سلامة بدأ بالذوبان، خصوصًا أنه سيكون قادرًا على متابعة هذا الملف بطريقة مختلفة تمامًا عن تلك التي اعتمدها أبو سمرا.
مصادر قضائية أخرى اعتبرت أن هذا الملف سيكون مشابهًا لملف المرفأ، ولن يُحرك أبدًا، لأنه بحاجة إلى متابعة مختلفة. كما توقعت المصادر أن حلاوي قد يشكل مفاجأة قضائية لناحية تعاطيه مع هذا الملف، مؤكدًا أن ما من أحد يملك أي إجابة حول الطريقة التي سيعتمدها حلاوي.
من المفترض أن يتولى حلاوي هذا المنصب في العاشر من تشرين الثاني المقبل. وهنا يجب أن نوضح أن قضية سلامة لن تحول إليه في هذا التاريخ، فالملف يتواجد حاليًا لدى الهيئة الاتهامية التي خاصمها سلامة في آب الماضي فرفع يدها عن قضيته، والقاضية اسكندر خاصمت أبو سمرا فرفعت يده عن الملف أيضًا.
الحل الوحيد؟
وفقًا للقانون، يجب أن تُنتدب غرفة من غرف محاكم الاستئناف للبت -كهيئة اتهامية- بالاستئناف المقدم من هيئة القضايا في وزارة العدل، حين اعترضت على قرار أبو سمرا بإنهاء جلسات استجواب سلامة، بعد أن طالبته بضرورة استجوابه لساعات أطول وإصدار مذكرة توقيف بحقه، وهو الأمر الذي لم يفعله أبو سمرا.
هذا واعتبر مصدر قضائي بارز لـ”المدن” أن الحل الوحيد لإعادة الحياة لهذا الملف، يكون برد الاستئناف المقدم أمام الهيئة الاتهامية. وهذا معناه بأن الهيئة الاتهامية الجديدة يجب أن تتخذ مسارًا مختلفًا عن الهيئة السابقة (التي حددت جلسة استجواب لسلامة وجرى التداول حينها بأنها تتجه لإصدار مذكرة توقيف بحقه).
مضمون هذا الكلام يعني أن المسار القضائي ساعد سلامة في التلاعب بالقانون والتهرب من موعد جلسته، خصوصًا أن مضمون الدعاوى القضائية التي تقدم بها وكيله القانوني أمام محكمة التمييز في شهر آب الماضي، أكد فيها أنه سيخاصم جميع القضاة الموجودين في الهيئة الاتهامية، وسيخاصم أي هيئة اتهامية ستحاول وضع يدها على ملفه.
المقصود هنا، أن حيل سلامة القانونية ستكون قادرة على حمايته، وحينها لن تتمكن الهيئة الاتهامية من ملاحقته أو استجوابه حتّى، لذلك رجحت المصادر القضائية بأن يكمن الحل الأنسب بتغيير المسار القضائي المعتمد، وذلك تجنبًا لقدرة سلامة على تعطيل الملف.
غادر قاضي التحقيق الأول، شربل أبو سمرا(68 عامًا) مكتبه في الطابق الأول داخل قصر عدل بيروت، بعد إحالته على التقاعد. خرج من قصر عدل بيروت من دون أن يصدر أي مذكرة توقيف بحق سلامة وأعوانه، ولم ينه هذه القضية. فهل سيتمكن حلاوي من متابعة قضية سلامة بأسلوب مختلف عن أبو سمرا؟
المصدر : المدن