متفرقات

هل السلاح شـرٌّ لا بـدَّ منـهُ …؟

الوزير السابق جوزف الهاشم

نَـزْعُ السلاح ، تسليمُ السلاح ، دمْـجُ السلاح ، وجودُ السلاح … ليست هنا المشكلة .
السلاحُ : ليس آلـةً متحّركةً بذاتها ، وليس رجُـلاً آلياً ، أوْ ترسانةً تخوض الحرب بواسطة الذكاء الإصطناعي والفانوس السحري .
السلاحُ بحـدِّ ذاتـهِ بريءٌ من دمِ الصدّيقين الذين تساقطوا ويتساقطون كالطيور المذبوحة ، كلّما شاء الهنودُ الحمر أنْ يمارسوا لعبة الرقص حول مهرجان النار .
الذنبُ ليس ذنبَ البندقية التي تلفظُ النار ، بلْ هو ذنبُ الإصبع التي تضغطُ على الزناد .
عندما تتجيَّشُ النفوس بجنون العظَمـةِ وشهوةِ السيطرة بالعنف ، فلا تعود أداةُ الحرب محصورةً بالسلاح ، بل تصبح الغريزةُ سلاحاً ، والعصبيّة سلاحاً والإيديولوجية سلاحاً ، والأحزابُ سلاحاً ، والدين سلاحاً .
يقول وزير الخارجية الأميركي في عهد إيزنهاور “جون فوستر دالاس” : “إنّ الدين هو السلاح الأكثر فعالية في العالم الثالث …”
لبنان ، ليس دولةً محاربة ، الدولة التي تصنعها الحرب تصبح دولةً للحرب، وغـرَضُ السلاح في لبنان هو غرَضٌ دفاعي لا هجومي ، يقتصر على الدفاع عن النفس ، والدفاع عن النفس هو غـرَضُ الحرب في الإسلام : “قاتلوا الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا .. (1)”.
تجنّدنا للحرب وحدنا دفاعاً عن القضيّة الفلسطينية ، كمثل ما قام الضابط الفرنسي “المركيز دي لافاييت” على رأس قـوة عسكرية لمساندة أميركا في حرب استقلالها ضـدّ الإنكليز سنة 1777 ، فكان ما أنفقَتْـهُ فرنسا من كِلْفـةِ الحرب لمساعدة أميركا ، أنْ أدّى إلى اندلاع ثـورةٍ في داخلها .
حمَلَ لبنانُ السلاح دفاعاً عن قضية العرب الأولى ، وراح معها يطوف في الأرض كأنّـه مخـوَّلٌ للدفاع عن قضايا الأمم ، فيما كان الأردن يوقّـع اتفاق “وادي العرَبـة” للسلام مع إسرائيل سنة 1994 .
وكانت معاهدة السلام المصرية ـ الإسرائيلية مع إسرائيل سنة 1979 .
وسبقتها إتفاقية “فضّ الإشتباك “، بين سوريا وإسرائيل سنة 1974 .
وهناك من التَحَـقَ بالركْبِ الذي اعتبروه من المعاصي ولم يستتروا .
أما ، وقد أدينا قسطنـا للعُلى في “إسناد غـزة” ، وأدّتْ هي أيضاً قسطها للعلى ، فلا بـدّ للسيف من أن يعتصم في الغِمْـدِ ، إلاّ من أجل إسناد لبنان … ومثلما يكون السلاح أداةً للحرب يمكن أن يكون السلاح أيضاً آليَّـةً للحـلّ .
عندما تنحرف مهمـة السلاح عن الهدف الطبيعي ترتـدُّ حرباً على الذات ، هكذا قام هتلر بقصف منزل إبـن أخيه “ليفربول” فانضمّ إبـنُ أخيه إلى البحرية الأميركية لمحاربته .
وعندما ينخرط السلاح في مشروع خارجي ، يناهض سلاح الدولة في الداخل يرتـدُّ السلاح الداخلي حرباً ضـدّ الذات .
الإمام موسى الصدر إعتصم صائماً في الكنيسة ، منتفضاً “ضـدّ السلاح الداخلي الذي يستعمله المواطن بصورة وحشية ضـدَّ مواطنيه ، ودعا إلى الصيام عن العنف وعن الأسلحة التي تعرّض المواطن والأمـة للإنفجار (2) …”
تعالوا ، لنصلّي مع الإمام الصدر ، ونصوم عن العنف المسلّح الذي يعرّض الأمـة للإنفجار حتى لا نقول مع الشاعر :
صلّى وصامَ لأمـرٍ كان يطلبُه فلما انقضى الأمرُ لا صلَّى ولا صاما .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ سورة البقرة : 190 .
2 ـ مجلة الحوادث : 11/7/1975 .

عن جريدة الجمهورية
بتاريخ : 30/5/2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى