متفرقات

تزايد مخاوف أهالي القرى الحدودية من عدم إنسحاب إسرائيل وإقامة شريط حدودي جديد لحماية مستعمراتها في شمال فلسطين

بيروت – أحمد منصور
تبدي الأوساط المعنية بوضع وشأن القرار في جنوب لبنان، تخوفها وقلقها العميق من تطورات المرحلة المقبلة، لما بعد الـ 60 يوما من إتفاق وقف إطلاق النار، في ضوء إستمرار العدوان الإسرائيلي في إنتهاكاته اليومية الميدانية، عبر تفجير ونسف وجرف منازل القرى الحدودية، مع إرتفاع منسوب الحديث عن محاولات إسرائيلية لرسم شريط حدودي أو منطقة عازلة في تلك القرى، لحماية المستوطنات الإسرائيلية في الشمال الفلسطيني المحتل .
وسط ذلك، تؤكد تلك الأوساط ان الحياة التي قضت على معظم مقوماتها، “آلة الموت” الإسرائيلية، سيتم إعادة بث الروح فيها من جديد على أيدي أصحابها، وستضج الحياه فيها بلغة أبنائها، بعد أن سئمت سماع أصوات التفجير وجنازير الآليات الإسرائيلية واللغة العبرية لجنودها .
وتتحدث معظم القرى الحدودية الممتدة من الناقورة ساحلا في قضاء صور مرورا بعدد من قرى وبلدات أقضية بنت جبيل ومرجعيون وصولا الى الهبارية وكفرشوبا وشبعا في قضاء حاصبيا، تتحدث لغة واحدة، لغة الصموت والعودة والتمسك بالأرض والتاريخ رغم كل الجراح والآلام والتضحيات .
وعبارات الخوف لا تفارق ألسنة أبناء البلدات الحدودية، وهي لسان حالهم من خشية بقاء التواجد الصهيوني، في عملية إحتلال إسرائيلية جديدة للمنطقة، حيث لا نستبعد أي عمل إسرائيلي في هذا الخصوص، إذ أن العدو يستهدف قرانا منذ العام 1948، كما أكد رئيس بلدية الوزاني ( قضاء مرجعيون ) أحمد المحمد .
وإذ أشار المحمد الى “أن الوزاني تعتمد على الزراعة، وأنها بلدة صغيرة في حجمها، لكنها كبيرة في موقعها، وتشكل أهمية استراتيجية، لوجودها عند تقاطع مثلث يربط، لبنان مع فلسطين وسوريا لجهة الجولان، وجارة بلدة الغجر اللبنانية المحتلة، التي يفصلها عنها نهر الوزاني .”
وأضاف “للأسف ان بلدتنا شبه مدمرة، وما من أحد يستطيع دخول البلدة بتاتاً، بعد إحتلالها من الجيش الإسرائيلي عندما دخل الى اطراف بلدة الخيام خلال فترة الحرب، وعندها نزح الأهالي الذين كانوا متواجدين في الوزاني نتيجة غزارة الغارات والقصف المدفعي، وقد وقعت وقتها مجزرة في البلدة ذهب ضحيتها اكثر من 21 شهيد من ابناء البلدة المزارعين وهم كانوا في منازلهم، وهذا تسبب بخوف ورعب لدى الاهالي الذين تركوا البلدة فورا الى مناطق اكثر أمناً، كما وأن الطائرات الاسرائيلية كانت ألقت في بداية الحرب منشورات دعت الأهالي الى اخلاء البلدة “.
وقال :”نحن تركنا جميعا البلدة عندما اشتدت الحرب، وبات خالية من سكانها، مؤكدا ان جميع محاصيل تلك الزراعات قد اتلفت بفعل العدوان الإسرائيلي جراء غارات الطيران الحربي والقصف المدفعي، ونحن في انتظار انتشار الجيش اللبناني في المنطقة والإنسحاب الإسرائيل منها، ومخاوفنا من ان لا تنسحب، فيبدو انها تتجه نحو اقامة شريط حدودي جديد لمستوطناتها في شمال فلسطين .”
وتابع “نحن نصر على العودة ونتحضر وعلى أهبة الإستعداد، فيكفينا تهجير، للاسف لقد تعرضنا لمآسي ومعاناة كبيرة ولم نأخذ حقوقنا كنازحين من المساعدات المقدمة من الحكومة اللبنانية، نحن ننازع وما من أحد تطلع بأوضاعنا، فهناك تقصير كبير من الدولة تجاهنا كبلدات حدودية وكنازحين .”
“ونحن كقرى حدودية عرضة دائمة للإعتداءات الإسرئيلية، فمنطقتنا تخضع لوجود قوات “اليونيفيل”، ولكن للأسف هذه القوات لم تفعل شيئا امام الخروقات الإسرائيلية وتوغل الدبابات الاسرائيلية في تلك القرى بعد وقف اطلاق النار، والتي لم تستطع دخولها في الحرب بسبب المقاومة”، واعتبر “ان ما يجري وراء الكوايس مخيف ولا يطمئن، ونحن نتخوف من تجدد الحرب، بسبب الانتهاكات الإسرائيلية، خصوصا وان لبنان ليس مهيأ ولا يملك مقومات الحرب، ونحلم في اليوم الذي سنكون فيه في البلدة وانسحاب اسرائيل “.

ومن الوزاني الى بلدة الجبين في قضاء صور، المشهد والمآسي والمعاناة نفسها، حيث أكد رئيس البلدية طلال عقيل “أن الجبين مدمّرة بنسبة 90 بالمئة، جراء سلاح الطيران والقصف المدفعي خلال الحرب، واستكملت إسرائيل عمليات التدمير بعد الاعلان عن وقف اطلاق النار من خلال نسف وتفجير للمنازل التي مازالت شاهدة على العدوان والتي كان آخرها بالأمس “.
وأبدى عقيل “أسفه الشديد تجاه العدوان الإسرائيلي الجديد في توغل دباباته في القرى اللبنانية، فيما لم يسجل اي تحرك من الدول للجم اسرائيل”، ولفت الى “ان الصواريخ الإسرائيلية تساقطت على معظم منازل البلدة بهدف تدمير ممنهج لتفريغ القرى الحدودية من سكانها”، محذرا من “خطورة استمرار الاحتلال لاقامة حزام أمني إسرائيلي جديد .”
وأشار الى”ان بلديات المنطقة الحدودية بصدد القيام بتحرك بهذا الخصوص لرفع الصوت بوجه المحتل”، واكد “اننا سنعود الى قرانا وبلداتنا بعد انتشار الجيش اللبناني، وسنعيد اعمارها مهما كلف الأمر ولن نترك أرضنا للغزاة المحتلين، فالشهداء الذين سقطوا، هم عزتنا وفخرنا وكرامتنا، وهناك عدد منهم مازال في عداد المفقودين تحت الركام .”
وأكد “ان الاحتلال ابقى على مبنيي البلدية والمدرسة لتمركزهم بهما”، مبدياً مخاوف الأهالي “من عدم انسحاب اسرائيل بسبب اطماعها وتحت حجج واهية لحماية مستعمراتها، وان المقاومة كانت في موقع الدفاع عن النفس وليس في موقع الهجوم، وللأسف ما من احد اليوم يردعها، فإسرائيل احتلت القرى اللبنانية اليوم بالإتفاق وبالسلم وليس بالحرب، وهي احتلت أطراف البلدة في الحرب، وبعد إتفاق وقف إطلاق النار، دخلوا الى البلدة والى بلدتي شمع والبياضة أيضاً..”

وسأل أين اصحاب السيادة والحرية والإستقلال الذين ينادون بها ؟ ونوه “بدور الجيش اللبناني الوطني”، معتبرا “أنه ليس هناك أي قرار سياسي للقتال، حيث لا يمكن للجندي اللبناني مجابهة طائرة الـ” ال أف 16″ او دبابة “الميركافا” الإسرائيلية ببندقية “الـ م 16” أو “الكلاشينكوف”، داعيا “الحكومة اللبنانية الى تقديم شكاوى الى مجلس الأمن الدولي عن الخروقات الإسرائيلية “.
وشدد عقيل على “أن رجال المقاومة هم أبناء القرى والبلدات وليسوا من دول أخرى وجاءوا الى لبنان، فهم أبناؤنا، أبناء السيد موسى الصدر”، مثنيا على “دور الرئيس نبيه بري الوطني والوقوف بوجه الأطماع الإسرائيلية .”
وأعرب عن “قلقه من المرحلة المقبلة في ضوء التطورات المتسارعة في المنطقة في ظل العدوان الإسرائيلي وانهيار النظام في سوريا، وتوسّع إسرائيل بإحتلالها سفح جبل الشيخ، حيث باتت بحدود 10 كلم عن العاصمة السورية”، متخوفا من إقدام اسرائيل على إحتلال مناطق لبنانية اخرى لتحقيق أهدافها بإقامة إسرائيل الكبرى .”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى