الرئيس أميركي والصِهْر لبناني
الوزير السابق : جوزف الهاشم
فـاز ترامب ، تفاءلوا أيها اللبنانيون ، لقد أصبح لكم صهـرٌ رئاسيٌّ آخـر .
تجربةُ الصِهر اللبناني مع الرئيس الأميركي ، قـد تحقّـقُ ما قصَّرتْ عنـهُ التجربـةُ اللبنانية ، لأن الصِهرَ اللبناني في أميركا يقـرأ في كتب جبران خليل جبران .
مع الرئيس الأميركي القوي يرتفع الشعار الأكبر : مصلحة أميركا أولاً.
أمّـا لبنان فهو بلدٌ أُمَـمِيّ ليس عليه أن يحتكر شعار : مصلحة لبنان أولاً ، وليس ما يمنع أن ترتبط مصلحة لبنان بمصلحة أميركا أولاً ، ومصلحة إسرائيل أولاً ، ومصلحة إيران أولاً .
المحاولات النسائية لرئاسة الولايات المتحدة ، لم يتيسّـرْ لها النجاح ، إنطلاقاً من ترشُّح هيلاري كلينتون وكامالا هاريس ، لأن الرئيس الأميركي هو الذي يترأس القوات المسلَّحة ، فلا يتوافق ذلك مع القـوّة النسائية الناعمة في زمـن الحروب ، ولم تتمتّـع إحدى المرشحتين بمواصفات رئيسة وزراء بريطانيا مارغريت تاتشر التي أحرزت لقب المرأة الحديديّة .
شخصيةُ الرئيس الأميركي تلعب دوراً مهمّاً ولا سيما في الحقبات الصاخبة بالحروب والعنف ، دونالد ترامب يتَّـهم جو بايدن بأن شخصيَّته الضعيفة كانت سلعةً للإستغلال من قِبلِ روسيا والصين وإيران على حساب زعامة الولايات المتحدة الدولية .
الرئيس الأميركي الضعيف تحكم من خلاله الدولة العميقة ، هكذا تمثّلت الدولة اليسارية العميقة في حكم جـو بايدن ، واعتُبرت كامالا هاريس الثوبَ النسائي للرئيس باراك أوباما الذي كان عهده حافلاً بالحروب ، وكان العنف والفوضى الخلاّقة وتعزيزُ انتشار الإسلام السياسي .
الرئيس الأميركي ، ديمقراطياً كان أو جمهورياً فهو يتوّج رأسَهُ بالقبَّـعة أو الطاقية اليهودية التي يتحلى بها اليهود المتطرفون ، الرئيس ترامب تصَهْينت السفارة الأميركية على يـده من تل أبيب إلى القدس ، وهكذا الجولان السوري ، والرئيس بايدن بلسانه قال : أنا صهيوني ، من هنا ، كانت الرسالة التي وجّهها اللواء جميل السيد إلى الأميركيين المسلمين يحثّـهم فيها على انتخاب الرئيس ترامب على أساس أن الكِحْل أفضل من العمى .
صهيونيةُ الإدارة الأميركية ، تحتّمُ التصدّي للنفوذ الإيراني وامتداد ساحاته المعسكرة في المنطقة على اعتبار أنها تشكّل تهديداً لأمن إسرائيل وللمصالح الدولية والعربية على السواء .
أمّا بعد ، فماذا عن الوعود التي أطلقها الرئيس المنتخب ..؟
يقولون : إنـه يمتلك شبكةً من الصداقات المباشرة مع سائر رؤساء الدول العربية وحكامها ولا سيما السعودية ودول الخليج ، وهو صاحب مشروع اتفاقية إبراهام التي كادت على وشك إنجاز ما وُصِـف بصفقة القرن ، وإلى جانب هيبةٍ خاصة تمكّن الرئيس ترامب من ترويض الثور الإسرائيلي من قرنَيْه ، فقد تُتاح لـه فرص تحقيق السلام الروسي الأميركي الإسرائيلي الفلسطيني ، بعدما استهلكت الحرب أقصى طاقاتها ، وبات السلام مطلباً ملحّاً حتى لدى الذين لا يعيشون إلاّ على وقْـعِ طبول الحروب .
على الصعيد اللبناني : وقّـع الرئيس ترامب رسالةً خطيّة وعَـدَ بها الجالية اللبنانية بتحقيق السلام والإعمار والإزدهار للبنان ، وما يدعو إلى شيءٍ من الإطمئنان هو أن الرئيس ترامب محاطٌ بلبنانيين بارزين وفي طليعتهم والـدُ الصِهْر الرئاسي الدكتور مسعد بولس ، الذي من المتوقع أن يتسلم مركزاً في الإدارة الأميركية تتيح لـه مواكبة الملف اللبناني .
نحن نعلم أن الأزمة اللبنانية يرتبط حلّها بمعالجة الصراع الإسرائيلي الإيراني ، وقد تكون المرحلة الإنتقالية في السلطة الأميركية حافلة بالمفاجآت وبما يُحكى عن تطوّر عسكري في المنطقة يقدِّمه نتنياهو هدّيـةً منه للرئيس ترامب قبل تسلّمه زمـام الحكم .
ولكن ، هل يستطيع لبنان أن يتحمّل أوزار التطورات ، وأن يتسمرّ في انتشال الجثَث من تحت الركام ولا يتسنّى للأرض أن تدفنَ أبناءها تحت ترابها ..؟
لعلّنا نتوقَّع على الأقل أن تحـلّ علينا أعجوبةُ انتخاب الرئيس القوي لجمهورية لبنان ، بوجود صهرٍ لبناني لرئيسٍ أميركي .
عن جريدة الجمهورية
بتاريخ : 8/11/2024