بوتين يرحّب بالحوار مع ترامب… ومعهد الأمن القومي في الكيان يحذّر من التفاؤل المقاومة تمسك المبادرة براً وناراً… والاحتلال مربك بين العجز الميدانيّ والأوهام
كتبت صحيفة “البناء”: يبدو المسار الأميركي الروسي أول المسارات الجاهزة للحركة في مرحلة دونالد ترامب الرئاسية، حيث تحدّث ترامب عن تواصل قريب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال بوتين إنّه مستعدّ للتحدّث مع ترامب، بعد أن أبدى رغبة في استعادة العلاقات مع روسيا، وأضاف أن أي أفكار بشأن تسهيل إنهاء أزمة أوكرانيا تستحق الاهتمام، وترامب مصرّ من جهته على امتلاكه تصوراً للتسوية في الحرب الأوكرانية تقبلها روسيا، وقد سبق للحزب الجمهوري الذي مثله ترامب في الانتخابات الرئاسية وفاز معه بأغلبية مجلس الشيوخ، ويمكن أن يمضي معه نحو الفوز بأغلبية مجلس النواب، أن أوقف العمل بالموازنة الأميركية وإقرارها لرفضه المصادقة على تمويل الحرب في أوكرانيا.
على ضفة موازية، وفي ظل احتفالات بفوز ترامب في معسكر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وحلفائه في اليمين الديني والقومي المتطرّف، صدر عن معهد أبحاث الأمن القومي في تل أبيب تقرير لافت يدعو لخفض سقف التفاؤل، والتحسّب لما قد تحمله ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، وتوقع التقرير تركيز ترامب على السعي لتحقيق إنجازات اقتصادية تلبي وعوده الانتخابية، وتوجّهه نحو المواجهة الاقتصاديّة مع الصين من بوابة فرض الضرائب والرسوم الجمركيّة على البضائع المستوردة خصوصاً من الصين لفتح الطريق لإنعاش الصناعة والزراعة، ورأى التقرير أن هذه الأولوية سوف تجعل السياسة الخارجية لترامب بعيدة عن الاستجابة لأي دعوات للحروب ولم يستبعد أن يذهب ترامب إلى استئناف المفاوضات مع إيران سعياً لاتفاق نووي جديد، ناصحاً حكومة الكيان بعدم المعارضة لأن الظروف لا تسمح بتكرار الموقف خلال الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس السابق باراك أوباما.
في ميدان المواجهة على حدود لبنان الجنوبية تثبت المقاومة حضورها وإمساكها بزمام المبادرة في الجبهة البرية، وقد تصدت لمحاولات تسلّل على أطراف بلدتي مارون الراس ويارون، وعلى جبهة تبادل النيران، أثبتت المقاومة رداً على الغارات المستمرة لجيش الاحتلال قدرتها على إيصال صواريخها بتقنياتها وأحجامها المختلفة الى عمق الكيان، وفرض نزول أربعة ملايين مستوطن إلى الملاجئ عدة مرات في يوم واحد، بينما تحوّل تهديد المقاومة بجعل حيفا كريات شمونة أخرى إلى أمر واقع تتحدّث عنه وسائل إعلام الكيان، فيما تعيش مستوطنات الحافة الأماميّة تحت نيران المقاومة ويسقط فيها جنود الاحتلال قتلى وجرحى لدقة إصابات صواريخ المقاومة وطائراتها المسيّرة.
داخلياً كان لافتاً وفقاً لمصادر سياسية متابعة المدى الذي ذهب إليه خطاب رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي بدا منفصلاً عن الواقع، كما قالت المصادر، مسوّقاً إنجازات لجيش الاحتلال لا يدّعيها رئيس أركان هذا الجيش، كمثل النجاح باحتلال 200 كلم مربع. وتساءلت المصادر عن نوع الوهم الذي يعيشه جعجع بتوقعات من نوع استهداف المنشآت النووية الإيرانية تمهيداً لتسوية لا مكان لسلاح حزب الله فيها. والأغرب حسب المصادر كان أن يبني جعجع على هذا التحليل دعوة سياسية الى انتخاب رئيس للجمهورية دون الطائفة الشيعية واعتبار ذلك أمراً مقبولاً ميثاقياً، دون أن يجيب عن كيفية تحقيق ذلك دون دعوة من رئيس مجلس النواب الشيعيّ؟
وأعلن المرشد الإيراني السيد علي الخامنئي خلال لقاءٍ مع أعضاء مجلس خبراء القيادة في إيران أنّ «الجهاد المستمر بقوّة في لبنان وقطاع غزّة وفلسطين المحتلة سيؤدي حتمًا إلى الانتصار». وقال إنّه «وبحسب ما يُفهم من التطورات الجارية، والوعد الإلهي، فإنّ انتصار الحق ومحور الحق وجبهة المقاومة قطعيّ». وأشار إلى أنّ هذه الأيام «تتزامن مع أربعينية استشهاد مجاهد عصرنا الكبير الذي ما كان يعرف الكلل الشهيد السيد حسن نصر الله عليه رحمة الله.. نُحيي ذكراه وذكرى الشهيد إسماعيل هنية، والشهيد السيد هاشم صفي الدين، والشهيد يحيى السنوار، والشهيد نيلفروشان، وباقي شهداء المقاومة»، مضيفًا «نحيي ذكراهم كما نحيي ذكرى شهادة الرئيس الإيراني السيد إبراهيم رئيسي، ونسأل الله الدرجات العليا لكل هؤلاء الشهداء الأبرار».
وشدّد الخامنئي على أنّ «الشهيد السيد حسن نصر الله وغيره من شهداء هذه الأيام الأعزاء، رفعوا من عزة الإسلام حقًا، كما رفعوا من عزّة جبهة المقاومة وقوتها». وتابع عن نصر الله «سيدنا العزيز استشهد وباستشهاده نال أعلى المراتب وما كان يتمنّاه، لكنّه ترك هنا إرثًا كبيرًا وهو حزب الله»، مردفًا أنّ «حزب الله بفضل شجاعة السيد وحكمته وصبره وتوكله العالي نما وتعاظم وتحوّل إلى قوةٍ لم يتمكّن العدوّ من هزيمتها على الرغم من كلّ إمكانياته المادية والإعلامية وإن شاء الله لن يتمكّن من ذلك».
وواصلت المقاومة عملياتها النوعية فأعلنت استهداف مستعمرة «الكريوت» شمالي مدينة حيفا المُحتلّة بصلية صاروخيّة، ومستعمرات شلومي وشوميرا ويفتاح ودوفيف.
وقصفت قاعدة «ستيلا ماريس» البحريّة (قاعدة استراتيجية للرصد والرقابة البحريين على مستوى الساحل الشمالي) شمال غرب حيفا، بصلية صاروخيّة، وقاعدة «إلياكيم» (تحوي معسكرات تدريب تتبع لقيادة المنطقة الشماليّة في جيش العدو الإسرائيلي) جنوبي مدينة حيفا المُحتلّة، بصلية صاروخيّة نوعية.
برياً كَمَنَ مجاهدو المقاومة الإسلامية لقوة مشاة حاولت التقدّم باتجاه بلدة يارون، وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح.
ونشر الإعلام الحربي في المقاومة مشاهد من عملية استهداف المقاومة الإسلامية مدينة صفد المحتلة بصواريخ «ملاك 1». كما نشر نشيدًا بعنوان «هَذَا زَمَانُكَ يَا سِلاحِي فَارتَقِ».
وأعلن جيش العدو في بيان، أن خمسة جنود إسرائيليين قتلوا وأصيب 16 آخرون في معارك بجنوب لبنان في الأسابيع القليلة الماضية. فيما أشارت الجبهة الداخلية الإسرائيلية الى إطلاق صفارات الإنذار في نهاريا وعكا وخليج حيفا وبلدات في الجليل الغربي. وبعد قصف المقاومة قاعدة عسكرية إسرائيلية محاذية لمطار بن غوريون ما أدّى إلى تضرره وتعطيل العمل به، أفادت القناة 12 الإسرائيلية، عن تضرر مبنى ومرأب للمركبات في كريات يام بخليج حيفا في الرشقة الصاروخية الأخيرة من لبنان.
وقالت إن «طواقم الإطفاء تتوجّه إلى موقع سقوط الصاروخ بكريات يام لإخماد النار في عدد من المركبات».
وأشارت مصادر ميدانية لـ»البناء» الى أن قصف المقاومة لقاعدة إسرائيلية قرب مطار بن غوريون وأهداف عسكرية قرب خليج حيفا، يشكل رسالة من المقاومة للعدو بأنها تملك القدرة على استهداف أي مكان في كيان العدو وتحديداً في تل أبيب، وكل حديث المسؤولين الإسرائيليين عن شلّ قدرات حزب الله الصاروخية والعسكرية مجرد ادعاءات»، كما لفتت المصادر الى أن «على قيادة العدو الاستعداد لمرحلة جديدة من التصعيد كماً ونوعاً ضد مواقعه وقواعده وتجمعاته في كامل شمال فلسطين المحتلة وخصوصاً في حيفا وتل أبيب». وشددت المصادر على أن المقاومة تعمل على إحباط الأهداف التي وضعها العدو لهذه الحرب. كما أوضحت أن المقاومة فرضت معادلة جديدة هي استهداف قواعد عسكرية في محيط مطار بن غوريون، مقابل أي عدوان إسرائيلي على مناطق لبنانية قريبة من مطار بيروت.
في المقابل، زعم رئيس أركان العدو هرتسي هليفي، أن «لا شيء يعبر عن الانتصار أكثر من إعادة الإسرائيليين إلى بلداتهم في الشمال بأمان»، لافتاً الى أنه «في كل تسوية سياسية لو تحققت سيتعيّن على الجيش الإسرائيلي ملاحقة الانتهاكات بقوة النار». فيما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، نقلاً عن مصدر أمني، بأنه «بإمكان سكان البلدات الشمالية العودة إلى منازلهم بحلول نهاية العام»، وفق ما نقلت قناة الجزيرة.
الى ذلك، استمرّ العدوان الإسرائيلي على لبنان، وطالت الغارات الجنوب. وسجل استهداف لسيارة على طريق الجمهور – الكحالة أدّت الى سقوط شهيد وجريح. وفي صيدا عند جسر الأولي استهدفت سيارة هوندا ما تسبب بسقوط 3 قتلى وعدد من الجرحى، وأفاد بيان للجيش أن «العدو الإسرائيلي استهدف سيارة أثناء مرورها عند حاجز الأولي – صيدا ما أدّى إلى استشهاد ٣ مواطنين كانوا بداخلها، إضافة إلى إصابة ٣ عسكريين من عناصر الحاجز و٤ من عناصر الوحدة الماليزية العاملة ضمن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان – اليونيفيل، وذلك أثناء مرور آليات تابعة للوحدة عند الحاجز المذكور. من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 5 جنود في معارك في جنوب لبنان.
دبلوماسياً، سجلت سلسلة مواقف لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وموقف لمستشار الرئيس الجديد جو بايدن، وذكر البيت الأبيض، «أننا سنواصل العمل من أجل التوصل إلى حل في لبنان». ولفت إلى «أننا سنواصل الجهود الدبلوماسية من أجل إنهاء الحرب في غزة واستعادة الأسرى». فيما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، أن «وزير الخارجية أنتوني بلينكن يعتزم العمل في ما بقي من وقت لتحريك قضايا منها وقف إطلاق النار في غزة ولبنان». وقالت «نواصل المحادثات مع الوسطاء لإيجاد صيغة مناسبة لوقف إطلاق النار والخروج من حالة الجمود»، مضيفة «سنواصل مساعي الضغط من أجل التوصل إلى وقف إطلاق النار وإيجاد طريقة لإنهاء الحرب».
بدورها، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، أن «وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن أكد أهمية اتخاذ خطوات فورية لمعالجة الوضع الإنساني المروع في غزة»، لافتاً الى أن «الولايات المتحدة تريد حلاً دبلوماسياً على طول الخط الأزرق يسمح للمدنيين من البلدين بالعودة لمنازلهم».
من جهته، كشف منسق العلاقات العربية لترامب بولس مسعد، في تصريح تلفزيوني، أنه «إن شاء الله أول زيارة لي ستكون الى بيروت وبأسرع وقت ممكن والموضوع قد يكون خلال الأيام المقبلة أو الأسبوعين المقبلين». وذكر أن «سياسة ترامب في الشرق الاوسط الوصول الى سلام دائم، وكي يتحقق عليه أن يكون عادلاً وشاملاً مع ضرورة وجود خطة اقتصادية مواكبة لأي حلول بحيث إن النهوض الاقتصادي للفلسطينيين مؤثر لديمومة السلام».
ووفق تقدير جهات دبلوماسية غربية فإن المنطقة ستكون أمام فترة انتقالية وانعدام وزن في الولايات المتحدة الأميركية، فلا الإدارة الحالية ستستطيع في ما تبقى من الفترة الانتقالية تحقيق إنجاز بوقف إطلاق النار، ولا إدارة ترامب تستطيع اتخاذ أي خطوة قبل تسلم صلاحياتها الرئاسية رسمياً، ولفتت لـ»البناء» الى أن «نتنياهو سيستفيد من هذه المرحلة الانتقالية والوقت الضائع لتصعيد إضافي للعمل على تحقيق إنجازات ميدانية تغير المعادلة العسكرية والسياسية على الجبهة اللبنانية».
على صعيد آخر، كتب وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية على منصة «إكس»: «مطار رفيق الحريري الدولي بيروت يعمل بشكل طبيعي». وجاء كلام حمية بعدما تعرّضت منطقة الأوزاعي بمحاذاة المطار ليل أمس لغارة عنيفة، كما سُجّلت بعض الأضرار في حرم المطار جراء قوّة القصف. وأفيد بأن لا أضرار في المطار نتيجة الغارات الإسرائيلية، واقتصر الأمر على تناثر الأحجار على المدرج الغربي وطريق الخدمة إضافة إلى أضرار بسيطة في محيط المدرج 17، وبأن عملية تنظيف المكان بدأت فجراً، كما أن الأمور عادت إلى طبيعتها والمطار يعمل بكل أقسامه وبشكل طبيعي.