أجواء الإرتياح تخيم على النازحين في اقليم الخروب لوجودهم بين أهلهم والمطلة ودير الراهبات يستضيفون العائلات من المنطلق الأخوي والوطني
بيروت – أحمد منصور
على الرغم من الجراح والآلام الكبيرة والمعاناة التي تصيبهم جراء العدوان الإسرائيلي، تبدي العائلات النازحة، الى بلدات اقليم الخروب، إرتياحها للأوضاع التي يعيشونها بين أهلهم في المنطقة، الذين “لم يشعروا فيها أنهم غرباء”، وتجمعُ على “أن ما لمسوه من أهالي الاقليم، من رعاية وإحتضان وإهتمام، أظهر مدى المحبة والمودة والأخوة الحقيقية التي يكنونها لأبناء الجنوب والضاحية، الذين فتحوا لنا قلوبهم قبل بيوتهم”.
عبارات شكر وتقدير وإمتنان، لسان حالهم، لخصت أحوالهم يوميا في مراكز الإيواء والمنازل التي تستضيفهم، مثمنين الجهود والدور الذي يلعبه الشباب والشابات المتطوعين من أبناء بلدات الاقليم والجمعيات والبلديات المستنفرة لتأمين حاجاتهم .
واعتبرت العائلات التي إلتقت “الأنباء” مع عدد منها في بلدتي عانوت والمطلة، “ان الوحدة الوطنية والعيش الواحد، تتجلى في أبهى صورها اليوم، في المنطقة التي تتنوع بالمذاهب والطوائف اللبنانية، وتشكل نموذجا ومثالا يحتذى به في التعايش”، والتي باتت تستضيف حوالي 200 ألف نازح، موزعين على مراكز الإيواء والجمعيات والشقق السكنية، ودور العبادة من مساجد وكنائس وأديرة، التي فتحت ابوابها، بعد أن ضاقت الأمكنة .
وقد أبت بلدة المطلة في الاقليم، التي لها خصوصية معينة، كون غالبيتها من الطائفة المارونية، إلا ان تستقبل وترحب بأبناء الجنوب الوافدين اليها، حيث تستضيف 120 عائلة، توزع منهم 70 عائلة في دير ومدرسة “راهبات المحبة”، والبقية الأخرى في المنازل .
وأكد رئيس بلديتها المهندس إرنست عيد، ” نحن فتحنا بيوتنا في البلدة، كبقية بلدات الاقليم، أمام أهلنا النازحين جراء الغارات الاسرائيلية”، وشدد على ان هؤلاء إخوتنا في الوطن، ولا يمكن إلا ان نقف الى جانبهم، لأننا نولي العامل الإنساني الوطني كل الإهتمام بعيدا عن السياسة”.
وأشار الى “اننا كبلدية نعمل بكل ما اوتينا من قوة، لنؤمن لهم كل ما يحتاجونه، ليشعروا وكأنهم في منازلهم، ونسعى مع الجمعيات الى تأمين الحاجات، وعبر التواصل مع خلية الأزمة المركزية في الاقليم، لتوفير الإحتياجات الضرورية، من مواد غذائية وأدوات تنظيف وفرش وبطانيات وغيرها، بالإضافة الى رعاية صحية، عبر فحوصات طبية اسبوعيا من خلال العيادة النقالة .”
وشكر عيد الأخت وديعة تابت، المسؤولة عن النازحين في دير راهبات المحبة في البلدة، منوها بالجهود التي تقوم بها في توفير حياة كريمة للمقيمين من نساء واطفال ورجال، معربا عن اعتزازه وفخره بهذه اللحمة الوطنية والتضامن الأخوي في المحين التي تصيب الوطن وأبنائه”، آملا ان “نشهد وقفا لاطلاق النار لوقف مسلسل القتل الذي يتعرض له لبنان “.
العائلات وتجمع شملها
واشار عيد الى “ان المشكة تكمن في النقص في المياه، ويتم تأمينها من الدفاع المدني”، لافتا الى “ان هذه المشكلة باتت في خواتيمها بعد اتمام التصليحات والصيانة لبئر المياه”، معربا عن أمله المساعدة في تأمين مادة المازوت للتدفئة ونحن على ابواب فصل الشتاء .”
وفي لقاء مع عدد من العائلات في الدير، فأبدى محمد عوض الحلبي من بلدة ” البازورية” الذي وصل الى الدير مع زوجته، عن إرتياحه لوجوده في دير الراهبات في المطلة، شاكرا الراهبة تابت على كل دورها الكبير في تأمين الأجواء لإشعارنا أننا في بيوتنا وبين أهلنا”، وقال:” “لقد خرجنا من بين الدمار، ووصلنا الى بلدة المطلة، وإستقبلنا بكل حفاوة من قبل البلدية، فنحن اهل، ونعيش مع بعضنا البعض في بلدنا لبنان الحبيب”، مؤكدا على “متابعة التواصل والعلاقة مع الأهل في المطلة بعد انتهاء الحرب”.
من جهته إيلي سعد، إبن جديدة مرجعيون، الذي نزح وأفراد عائلته الى المطلة قال: “نحن هنا في الدير نشعر بأننا بين اهلنا وبيئتنا، ولم نشعر بأننا أغراب، على الرغم من صعوبة الأوضاع وآلامنا..”
وأضاف “لم نلاحظ اي فرق بين بلدية مرجعيون وبلدية المطلة، والذين منذ اليوم الاول يتابعوننا هم ومسؤولة الدير التي تعاملنا كابنائها.. وان شاء الله تنتهي الحرب ونعود الى بلدتنا، ونعيش حياة طبيعية، وعندما تستقر الامور سنعاود زيارة بلدة المطلة التي احببناها واحببنا اهلها ولم نشعر بينهم بالغربة. .”
أما ابو جواد كحلون من بلدة السكسكية، الذي وصل الى الدير منذ حوالى الشهر، تحدث بإرتياح وهو يحمد الله “أننا نعيش في مكان لائق، ونشعر فيه بالأمان، حيث كل متطلباتنا مؤمنة”، وأشار الى ان هذ الدير بيت من بيوت الله، نشكر القيمين عليه، واهالي المطلة ورئيس البلدية، الذين يعاملوننا كالأهل، حتى بتنا نعتبر انفسنا بين اهلنا وناسنا.”
وتدخلت الطفلة ريتاج ابنة الست سنوات من بلدة شقرا فطالبت عبر ابتسامة لا تفارق ثغرها، بتأمين كتبها المدرسية والدفاتر والأقلام ،لانها اشتاقت لمدرستها ومدرسيها، فيما تقدم طفل أخر منا طالبا تأمين الألعاب له ولرفاقه..”
كما أشار ابن بلدة كفرا، اللاعب الرياضي في نادي شباب الساحل علي أيوب، المقيم في الدير مع أفراد عائلته، الى انه “ترك بلدته تحت القصف والدمار”، وأكد على حسن الاستقبال والإهتمام والمعاملة الأخوية، ويحسسوننا اننا بيوتنا ويساعدوننا قدر المستطاع”، وقال:” كلنا ثقة بهذه البلدة والمنطقة ككل، التي يتصف اهلها بالوفاء والوحدة الوطنية، ولنا كل الفخر بأننا تعرفنا على هذه البلدة واهلها الطيبين..”
ومن المطلة الى عانوت، حيث مركز الإيواء في الثانوية والمدرسة الرسمية، فقد أشادت أم البنين حسن الشامي، من بلدة حاروف التي نزحت مع 17 فرد من العائلة الى المدرسة في عانوت، بجهود أهالي البلدة والجمعيات والمتطوعين في تقديم المساعدات وكل ما نحتاج”، معتبرة “اننا نعيش وكأننا في منازلنا، فكل ما نحتاجه مؤمن، فضلا، والمعاملة مميزة، ولا ينقصنا إلا وقف إطلاق النار والعودة الى قرانا وأرضنا التي لن نتركها”.
وأشار هشام السيد الذي فرّغ نفسه مع مجموعة من الشباب والشابات الى جانب الجمعيات، في الحضور الى باحة المدرسة بشكل دائم، لمتابعة ومواكبة متطلبات النازحين، مع الجهات المقتدرة والجمعيات، الى انه “يستضيف في منزلهن ومنزل شقيقه ودار العائلة 42 نازحا”، مؤكدا “ان معاناتهم كبيرة، اذ لا تصلهم المساعدات، بل تذهب الى مراكز الأيواء”، ولفت الى “انه تم بالأمس توزيع مبلغ مئة دولار على كل عائلة نازحة في مراكز الايواء من المرجع السيستاني في العراق، ولم تشمل النازحين في المنازل، الذين لا يملكون الإمكانات”..
واشار الى انه وفريق الشباب يقومون بتأمين المستلزمات المتعددة، ومنها تم توزيع اليوم الألبسة الشتوية على العائلات في مركز الايواء في المدرسة .
وأكدت الدكتورة ألاء إسماعيل التي تستضيف 20 نازحا، من الضاحية الجنوبية، ان المشكلة تكمن لدى العائلات النازحة في المنازل، التي لم تعد تملك الإمكانات المادية، ولا تصلها المساعدات إلا بشكل ضئيل جدا”، وناشدت الجهات المسؤولة “ايلاء موضوع المقيمين في المنازل الاهتمام والرعاية لأنهم باتوا على شفير الهاوية في متابعة مسيرتهم المعيشية..”
وشكر الحاج حسن يونس من عربصاليم، الذي نزح الى عانوت لدى آل السيد منذ شهر والنصف، الأهالي على هذه النخوة، ودعا الله يطول بعمرهم ويبعد عنهم كل أذى وعن البلدة والمنطقة، ويعم فيها البركة والخير والاستقرار.”
وقال:” نحن خرجبنا من منازلنا باللحم الحي وتركنا كل شيء، ونشكر الله اننا وعائلاتنا بخير، فكل شيء يمكن ان يعوض إلا الأرواح” .
وأكد “ان اصحاب المنزل يقومون بكل الواجب ولا يتركونا ابدا .. واهل عانوت قاموا بواجبهم بكل معنى الكلمة”، مؤكدا “اننا سنعود فورا الى ارضنا وبلدتنا فور توقف اطلاق النار، ولن ننسى وقفة أهالي اقليم الخروب الى جانبنا .”