مبدأ تعزيز العتاد والجنود الأميركيين في المنطقة
أعلنت الولايات المتحدة الأميركية أنها تعمل على تعزيز قوّاتها في منطقة الشرق الاوسط من خلال آلاف من الجنود، حيث العمل حالياً على تعزيز عدد محدّد من الوحدات المنتشرة في الشرق الاوسط من دون إغفال إرسال أسراب إضافية من طائرات حربية. وإذ يأتي هذا التطوّر متزامناً في توقيته مع مرحلة أكثر اشتعالاً من المواجهات الحربية الناشبة بين الجيش الإسرائيلي و”حزب الله” مع بدء العمليات البريّة الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية، فإنّ هذا التحرّك الأميركيّ يتبلور في خضمّ لهيبٍ حربيّ متمدّد على خريطة المواجهات الاستهدافية بين إسرائيل ومحور “الممانعة”، رغم أن ترجيحات الحرب الإقليمية بين إسرائيل وإيران لا تزال خافتة. في الغضون، ثمة انطباعات لبنانية مراقبة فحواها أنّ تعزيز الوجود العسكري الأميركي في الشرق الاوسط، هو بمثابة إجراء مواكب لإسرائيل مع تأجّج المعارك الحربية فيما يمكن لتوطيد بنية الردع الأميركي أن يساعد في حماية إسرائيل في حال نشبت حربٌ إقليمية إيرانية إسرائيلية.
عملياً، يمكن أن يحتاج الجيش الاسرائيلي إلى تحفيز معنويّ أو بالعتاد على الأقلّ، خصوصاً أنّه ناشط حربياً في جبهات عدّة قتالية، فيما إن ما يجري على الحدود اللبنانية الجنوبية هو نمط انتقال نحو مواجهات مباشرة مع “حزب الله” في مرحلة لالإسرائيليا يمكن الاستهانة فيها بالقدرات القتالية لـ”حزب الله” خصوصاً أنّ الكمين الذي وضع لجنود إسرائيليين أكّد أن لدى “الحزب” مواقع وقدرات تتصدى للتوغّل الإسرائيلي. وثمة شرارات من نار تواجهها إسرائيل من العراق واليمن حيث تطلق مسيّرات وصواريخ باتجاه الداخل الإسرائيلي. وتحاول تل أبيب إقفال المجال أمام رشقات حربية ممكنة لاحقاً من الأراضي السورية، مع استهدافات إسرائيلية للوجود الإيرانيّ هناك، رغم أن تلك البقعة الجغرافية لم تشكّل بعد منصّة حربية باتجاه الداخل الإسرائيلي. لا يمكن إغفال التحضيرات الحالية لردّ إسرائيلي على الصواريخ الإيرانية المحصورة التي أطلقت قبل أيام، مع ترجيحات في أن يكون الردّ مدروساً حتى لا تنشب حربٌ اقليمية في المنطقة، فيما لا تسعى إيران من جهتها للدخول في حرب بحسب ما أكّد الرئيس الايراني مسعود بزشكيان. بذلك، كثيرة هي الوجهات التي تشخص نحوها إسرائيل في رصدها الحربيّ، فيما تعمل الولايات المتحدة على مواكبة متغيّرات الأوضاع.
يتحدّث الكولونيل المتقاعد في الجيش الأميركي أوكتافيو بيريز لـ”النهار”، وهو سابقاً مدرّب أول في مركز القيادة العامة للقوات الجوية ومدير إدارة الاستخبارات، عن تطوّر إرسال جنود أميركيين إضافيين إلى منطقة الشرق الأوسط، فإذا به يشير إلى أنّ “الآلاف من الجنود الإضافيين يشكّلون مجرد لفتة لن تحلّ مشاكل. إنهم سيذهبون إلى العراق أو دول أخرى. لكنّ إحضار حاملتي طائرات وطرّادات يعني الكثير حيث في الإمكان المساعدة في إسقاط الصواريخ”. ويردف أن “إسرائيل ستنشئ منطقة عازلة وتدمّر جميع الأنفاق ومواقع التخزين على الحدود اللبنانية الإسرائيلية وتطهّر 25 إلى 50 قرية من مواقع “حزب الله” داخل المنازل والشركات. إن الجيش الاسرائيلي سيستمر في شنّ هجمات دقيقة على القيادة وتدمير أكبر قدر ممكن من الترسانة لجعل المقاتلين غير قادرين على القتال”. ولماذا إضافة هذا العدد من العسكريين الأميركيين في هذه المرحلة؟ هل يمكن أن يشارك الجنود الأميركيون في الحرب؟ يصرّح بيريز أن “أي جندي لن يدخل هذه الحرب، إنما سوف يعزّز المهام الحالية على حدود سوريا. وهناك قوات الطوارئ المتبقيّة في الأردن والعراق وكذلك في قطر. أحدٌ من هؤلاء لن يقاتل. يمكن لحاملتي الطائرات والمدمِّرات الحاملة للصواريخ المجنّحة إطلاق الصواريخ لإسقاط صواريخ أخرى. تستطيع الطائرات الموجودة على حاملة الطائرات والتي يصل عددها إلى 76 القيام بتلك الوظيفة. كما يمكن لـ3500 من مشاة البحرية المشاركة في عملية إنقاذ إذا لزم الأمر، ولكن ليس في القتال المباشر”.
وعن أهداف الولايات المتحدة الأميركية في هذه المرحلة أثناء الحرب بين لبنان وإسرائيل، يقول: “دعم إسرائيل في دفاعها. بالنسبة لأولئك الذين لا يعرفون، فإن إسرائيل والولايات المتحدة لديهما مشاريع عدّة مشتركة في تطوير الأسلحة العسكرية. هذا مستمر منذ أكثر من 40 عاماً”. وينتقد أوكتافيو بيريز عمل قوّات “اليونيفيل” على الحدود اللبنانية الإسرائيلية في اعتباره أنّ “الأمم المتحدة لم توقف حرباً أو صراعاً أبداً. الخوذ الزرقاء التابعة للأمم المتحدة هي مجرد وسيلة لإعطاء المال لجيوش العالم الثالث للحصول على الدخل. متى سمعت أيّاً منها أوقف عضواً في “حزب الله” من المنطقة التي حصل إنشاؤها منذ عام 2006؟”. وهل يرجّح اندلاع حرب شاملة في منطقة الشرق الأوسط؟ يجيب: “الكلّ خاسر، لذلك سيكون هناك لاعبون آخرون متورطون. تعتمد الصين على النفط الإيراني ومنتجاته. إذا دمّرت إسرائيل مصافي النفط والموانئ الإيرانية، فستكون هذه أزمة كبرى، لذلك يمكن الافتراض أن الصين تتحدث إلى إسرائيل وإيران”. في استنتاجه، إنّ “حركة “حماس” و”حزب الله” هما من يسعيان للحرب”.
المصدر: النهار