ملامح حرب كبرى في المنطقة… مواجهة جوية مفتوحة وبحث عن مبررات للغزو البرّي
كتبت صحيفة “الأنباء” الالكترونية: دخلنا في الحرب الكبرى، فيما مدى تمدّدها وتوسّعها وعمقها يعتمد على الرد الإسرائيلي على الضربة الصاروخية التي وجهتها إيران للعدو الإسرائيلي. إنتهى الرد الإيراني وإختلطت الأوراق من جديد، في الوقت الذي لا يمكن فيه إغفال قدرة ما حدث من تطورات على فتح باب التسوية أو وقف أي مسار للتوصّل إلى حل سياسي بما يتعلق بالمفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.
إشتعلت سماء المنطقة رداً على إغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، ونائب قائد الحرس الثوري الإيراني عباس نيلفوروشان، بحسب ما أعلن الحرس الثوري الإيراني. وذلك أيضأ بدعم من الجيش الإيراني ووزارة الدفاع وبموافقة من قِبل المجلس الأعلى للأمن القومي.
هذا الرد الذي سبقه تصريح لمسؤول كبير في البيت الأبيض، يوم أمس، وكشف أن الولايات المتحدة لديها مؤشرات إلى أن إيران تستعد لشنّ هجوم بصواريخ باليستية على إسرائيل قريباً، مشدداً على أن أي هجوم عسكري مباشر على إسرائيل من جانب إيران من شأنه أن يخلّف عواقب وخيمة على طهران.
كذلك، الولايات المتحدة الأميركية علّقت على الضربة الإيرانية، وأشار الرئيس الأميركي جو بايدن أن الولايات المتحدة دعمت دفاع إسرائيل، و”مستعدون لمساعدة إسرائيل في مواجهة إيران”. وكذلك سيتشاور البيت الأبيض مع الإسرائيليين بشأن الخطوات التالية التي يجب اتخاذها في ما يتعلّق بالرد.
رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو قال من الملجأ: “سنردّ بشكل قويّ جداً”، متوعداً طهران بدفع الثمن في أول ظهور له عقب الهجوم. هذا وإعتبر جيش العدو أن إيران تدفع الشرق الأوسط إلى التصعيد وأن إستهدافها سيكون له عواقب، وسيفعلون كل ما هو ضروري لحماية أمن مواطنيهم، معلناً أن سلاح الجو سيضرب أهدافاً في الشرق الأوسط.
وبالمقابل قالت هيئة الأركان الإيرانية انه “في حال تدخلت الدول الداعمة لإسرائيل ستُستهدَف مصالحها ومقارها في المنطقة وبقوة، وعلى الكيان الصهيوني ترقب تدمير بناه التحتية بشكل واسع وشامل إذا رد على الهجوم”.
هذا ودعا مجلس الأمن الدولي الى عقد جلسة مفتوحة وطارئة، اليوم الأربعاء، بشأن التطورات في الشرق الأوسط.
القراءة الإستراتيجية للضربة الإيرانية يمكن تفنيدها بنقاط عدة، يحددها أستاذ العلاقات الدولية الدكتور خالد العزي، إذ يلفت الى أن “إيران كانت مجبرة على هذه الضربة وأعلنت مسبقاً أنها سترد وكأنها تكرّر تجربة نيسان الماضي”.
ويشير العزي في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية إلى أن توقيت الرد يؤشر الى “تعثر فعلي في التفاوض بين طهران وواشنطن”، مذكراً بما قاله الإيرانيون “بأن حزب الله لا يستطيع الدخول وحده في المعركة، وكأنهم يقولون أن حزب الله يمكنه أن ينتظرنا للدخول معه في الحرب، ولكن حماية أمن إسرائيل يتحقق إذا ما عقدتم تسوية معنا”.
ويتوقع العزي أن يكون الرد الإسرائيلي في وقت قريب، بحيث “سيحظى بحماية أميركية، خصوصأ أن الولايات المتحدة منتشرة في مناطق الوجود الإيراني، ومَن يملك الجو والتكنولوجيا يسيطر على الأرض”.
ومن جانب آخر، يشير العزي الى أن رئاسة الأركان هي التي تدير المرحلة، علماً أن رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي تسي هاليفي متخصص في التخطيط الإستراتيجي ومهمته الرئيسية منذ تعيينه توجيه الضربات لأذرع إيران في دول المنطقة.
من الواضح أن المشهد الإقليمي معقّد – سياسياً وعسكرياً – لا سيما أن الدعوات من الأطراف المؤثّرة لتجنب الحرب الشاملة قد تحتاج الى ضغوط لخفض التصعيد والحد من توسّع قُطر المواجهة. من ناحية أخرى، أتى إعلان الكابينت الإسرائيلي بالموافقة على “عملية برية محدودة” في جنوب لبنان، كخطوة تصعيدية واضحة.
وفي هذا الإطار، يشير الخبير العسكري والإستراتيجي، العميد خالد حمادة الى أنه لا بد بداية من التأكيد على التغيير الذي حصل في هذه المهمة المعلنة من قبل القيادة الإسرائيلية بإعادة مستوطني الشمال والتي أصبحت اليوم تدمير البنية التحتية لحزب الله.
وحول وصف هذه العملية بالمحدودة، يشير حمادة في حديث لجريدة الأنباء الالكترونية الى “أن الولايات المتحدة الأميركية لا يبدو أنها أعطت الضوء الأخضر لإسرائيل، وكذلك الدروس المستفادة التي إستخرجتها إسرائيل من حرب 2006 ومن غزة والتي تمنعها من زج قوات برية للتأكد من أن القدرات المقابلة لها لا تستطيع المواجهة، وبالتالي تتجنب أن تعطي حزب الله ورقة ميدانية تقول فيها أنه حقق إنتصاراً أو قلب ميزان القوى. هذا عوضاً عن “دراسة المخاطر التي تجريها القيادة الإسرائيلية حول مدى أو إمكانية نجاح حزب الله في إختطاف أو أسر بعض العسكريين وبالتالي تخوّفها من أن تدخل مجدداً في المأزق نفسه الذي دخلته بعد عملية طوفان الأقصى”، كما يوضح حمادة.
لغاية الآن لم تدخل الآليات الإسرائيلية الحدود اللبنانية، وفقاً لإفادات الجيش اللبناني واليونيفيل، بحيث يقدّر حمادة إستمرار الإشتباكات على الحدود، ويعتقد أن “إسرائيل تريد أن تدخل الى الأراضي اللبنانية من خلال التركيبة التي تشكلت منها القوة المهاجمة والتي تقوم على عناصر الكوماندوز وعناصر سلاح الهندسة، حيث تريد إجتياز الحدود بواسطة هذه العناصر للتحقق من وجود بنية تحتية لحزب الله في الطرف اللبناني من الحدود، ومصادرة وثائق وأسلحة”. أما الأمر الأهم من تدمير القدرات هو “الحصول على مستندات وإثباتات تقدمها للرأي العام الدولي للقول أن القرار 1701 لم يكن مطبقاً وبالتالي كل هذه الإجراءات التي يُقدم عليها اللبنانيون أو الذين يطالبون بتطبيق القرار 1701 وفقاً لما كان مطبَّقاً لم تكن كافية ويجب اللجوء الى أساليب أخرى”، على حد قوله.
ويوضح حمادة أن ما يمكن أن تستفيد منه إسرائيل أو جيشها من هذه العملية المحدودة العابرة للحدود هو إستطلاع قدرات حزب الله في المواجهة، والتي قال عنها نائب الأمين العام الشيخ نعيم قاسم أنها لا تزال موجودة، والحزب جاهز للمواجهة البرية. أما في المرحلة المقبلة، فيرى حمادة أنه قد تتطوّر العملية البرية إذا لم تجد مقومات أو قد تعتقد أو تتيقن بأن هناك مقومات وازنة وتعود الى عملية القصف والغارات الشديدة لتدمير ما أمكن من العقبات التي قد تعترض أي عملية برية.
بالمحصلة، كل ذلك يحصل والشعب اللبناني في مأساة حقيقية. والمؤسسات الرسمية تفعّل أطر وسبل معالجة أزمة النازحين، وتتلقى الهبات والدعم الطبي والإنساني من دول صديقة، بالتوازي مع مساع دبلوماسية وسياسية حثيثة لوقف الحرب وجهود داخلية لإنتخاب رئيس توافقي للبلاد.
****
الأسرار
بحث في الكواليس السياسية بضرورة الاستفادة من لحظة التضامن التي يشهدها البلد لاحداث خروقات عملية على مستوى أكثر من استحقاق.