إقليم الخروب استقبل أكثر من 18 ألف نازح جنوبي البلديات مربكة و«خلية الأزمة» تنتظر وعود الحكومة
بيروت – أحمد منصور
مازالت منطقة إقليم الخروب (قضاء الشوف) تشهد تدفقا للنازحين من القرى الجنوبية، جراء استمرار العدوان الإسرائيلي على القرى والبلدات هناك.
وتبدو المنطقة الوجهة الأولى للنازحين الجنوبيين لاعتبارات عدة، أولها كونها تعتبر بوابة الجنوب الشمالية، وثانيا نظرا إلى صلات القربى والعلاقات العائلية والمصاهرات المتبادلة.
وسط ذلك، شرع أبناء الإقليم أبواب قراهم وبلداتهم أمام إخوتهم، وأبدوا كل ترحيب واهتمام ومساعدة للعائلات النازحة، التي وصلت إلى العديد من قرى وبلدات الإقليم.
وتخطى العدد الـ 18 ألف شخص، وكانت لكبرى بلدات الإقليم، وعلى وجه الخصوص برجا وشحيم وكترمايا ومزبود والمغيرية والجية وعانوت وبعاصير والوردانية وجون، الحصة الأكبر في استضافة تلك العائلات. وتم توزيعها على المدارس الرسمية والشقق المتوافرة، بالتعاون والتنسيق مع البلديات وخلية الأزمة، إضافة إلى استضافة العديد من أبناء المنطقة للعائلات والأصدقاء في البيوت والأماكن الخاصة.
وعلى الرغم من استنفار البلديات والأحزاب والمخاتير والجمعيات والأندية والأهالي كفريق واحد «لمساعدة الإخوة والأهل»، لتأمين ما توفر وفق الإمكانات المتاحة، إلا ان الأوضاع الاقتصادية الصعبة فرضت نفسها في هذا الوضع الدقيق على مختلف الأصعدة وخصوصا المعيشية.
مؤسسات الدولة منهكة وصناديق البلديات فارغة وإمكاناتها معدومة، لذا كان التوجه أكثر إلى المبادرات الفردية من خلال دور الشباب المتطوع، اذ هب أفراده إلى مساعدة البلديات في إعداد الإحصاءات وإصدار المنشورات وتوزيع العائلات.
وشكلت لجان تنسيق وعمل، ضمن خطة مشتركة لتأمين الحاجات والمستلزمات المطلوبة والضرورية للنازحين، وخصوصا الفرش والبطانيات والمواد الغذائية والمستلزمات الأخرى الأولية، التي تعتبر الهم الأكبر والأساسي لبلسمة جراح النازحين والتخفيف من شدة المعاناة.
وفي مقابل ذلك، وعلى المستوى الرسمي، تجهد خلية الأزمة المركزية الخاصة بالنازحين في الإقليم، والتي تضم نوابا وممثلي أحزاب وبلديات المنطقة، لتأمين المساعدات والحاجات من الحكومة والوزارات والإدارات المعنية بهذا الملف، وخصوصا وزارات الصحة والشؤون الاجتماعية والطاقة والمياه والداخلية والتربية والهيئة العليا للإغاثة.
الخلية مربكة، وتنتظر تحقيق الوعود الرسمية لتزويدها بالحاجات المطلوبة، مع الإشارة إلى ان القدرة الاستيعابية باتت مقفلة حاليا في إقليم الخروب، لعدم توافر المكان والإمكانات.
وعكس هذا الاهتمام ارتياحا كبيرا لدى النازحين، الذين شكروا أهالي الإقليم واللبنانيين على هذا الاحتضان والتضامن الوطني في وجه العدوان الإسرائيلي.
وبطبيعة الحال، لا يخلو الوضع من وجود جهات تسعى إلى الاستغلال وتحقيق المنفعة والربح، حيث قامت برفع بدل الايجارات بالدولار الأميركي، ما دفع ببلديات المنطقة إلى التعميم على المواطنين بعدم رفع الإيجارات واستغلال الأوضاع.
وفي برجا توزع النازحون على المدارس الرسمية، ومهنية المفتي الجوزو وجمعية التنمية (مستوصف الرئيس رفيق الحريري) ومركز المطران مارون العمار، بالإضافة إلى الشقق والمنازل. وفي شحيم عاصمة الإقليم، توزعت العائلات على مجمع الرئيس رفيق الحريري للمدارس الرسمية، بالإضافة إلى مهنية شحيم ومدرسة سلوى والمنازل، كما فتحت المدارس الرسمية والثانويات في عانوت وكترمايا وجون والجية ومزبود ودلهون والمغيرية وغيرها أبوابها.
النائب د.بلال عبدالله «الأب الروحي» لخلية الأزمة في إقليم الخروب، قال لـ«الأنباء»:«مصرون كأهالي وأحزاب وبلديات وجمعيات في إقليم الخروب على القيام بواجبنا الوطني. وقد بدأنا بامكاناتنا المتاحة، ولن نألو جهدا في مطالبة الدولة بتحمل مسؤولياتها. والتقيت منذ فترة مع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وطالبته بهذا الموضوع، وقد ساعدنا بالأمس، على أمل ان تتأمن الأمور اللوجيستية في اليومين المقبلين. ويبدو ان هناك ارباكا في الدولة، لأن الأزمة اكبر من الجميع».
وأضاف: «هناك مبادرات خاصة من الاهالي والأحزاب والجمعيات، وأناشد المؤسسات الدولية والأممية تأمين الميزانيات لمساعدة الناس».
النائب حليمة القعقور لفتت إلى ان «منطقة إقليم الخروب تستوعب الكم الأكبر من أهالي الجنوب بكل محبة وتضامن». وقالت: «لدينا طاقة بشرية ولكن للأسف ليست لدينا طاقة مادية».
وأعربت عن أملها بعودة الأهالي إلى قراهم وبلداتهم في أقرب وقت ممكن. وشددت العمل مع جميع المعنين لتأمين الحاجات والمستلزمات للعائلات النازحة.
بدورها، اعتبرت قائمقام الشوف مارلين قهوجي «ان ما حصل كان بقدر التوقعات، ولكنه لم يكن بقدر الاستعدادات مع الأسف. والمهمة التي ألقيت على عاتق البلديات والجمعيات الأهلية والدفاع المدني والصليب الاحمر كبيرة».
وقالت: «مهمتنا إدارة الكوارث وليس تأمين المستلزمات. علينا ان نطلق الصرخة وان ننظم، ونسمع ونحاول ان نلبي، ولكن القرار ليس عندنا».
وأكدت أن «اتخاذ قرار ضمني بوضع المدارس كمراكز إيواء، كان أمرا جيدا، وبعدها بدأت عملية فتح المدارس تباعا مما ساعد على امتصاص الصدمة واستيعاب النازحين».
وتابعت: «طالبنا ورفعنا الصوت للحصول على المستلزمات، ووصلت اصواتنا إلى مواقع القرار، والظاهر لا توجد إمكانية لتلبيتها».
وفي هذا الوقت، ومع توسع رقعة العدوان الإسرائيلي مناطق خارج الجنوب، بعد استهداف الطائرات الحربية الاسرائيلية لـ «هنغار» معد لصيانة السيارات في بلدة الجية الساحلية فجر أمس الأول، واستهداف المبنى السكني في بلدة جون بالأمس، غادرت بعض العائلات المنطقة بشكل محدود خوفا من التدهور الأمني، إلا ان استمرار توافد العائلات لم ينقطع عن المنطقة.
إلى ذلك، تنشط الجمعيات والأندية الشبابية، بإطلاق حملات دعم ومساعدة للعائلات النازحة، والتي تدعو فيها أبناء المنطقة إلى التبرع بما تيسر من فرش وبطانيات وألبسة ومواد غذائية ومواد تنظيف، وجمع التبرعات، لتأمين المستلزمات للنازحين، خصوصا كبار السن والمرضى والأطفال.
وكان لافتا الدور الذي تقوم به جمعية الوعي والمواساة الخيرية في بلدة كترمايا، والتي كانت وضعت خطة طارئة لهذا الوضع، على المستوى الصحي والاجتماعي والغذائي. فقامت بتوزيع الفرش على بلديات المنطقة والجمعيات لتسليمها إلى العائلات النازحة في قراهم.