وزير الشباب والرياضة يرفض تنفيذ قرار قضائي صادر عن مجلس شورى الدولة انتخابات خمسين اتحاد رياضي مهددة بالإبطال
لم تكن الرياضة اللبنانية يوماً من أولويات الحاكمين، منذ تأسيس الجمهورية، لا بل كانت على الدوام في مراتب متأخرة في سلم الأولويات، الا فيما ندر وفي محطات محددة، عندما كان يتصدر الصفحات الأولى من الصحف اليومية (أيام كان عندنا صحافة يومية) الحدث الرياضي كزيارة بيليه الى لبنان أو افتتاح دورة الألعاب العربية أو كأس آسيا، أو إنجازات الحكمة بيروت العربية والاسيوية أيام رئيس النادي الراحل أنطوان شويري، سواء قبل انشاء وزارة الشباب والرياضة في عام 2001، عندما كانت الرياضة تدار من قبل مديرية تابعة لوزارة التربية، أو بعد ذلك عندما صار لها وزارة خاصة.
وعلى رغم استقتال القوى السياسية الحاكمة للبلد على الوزارات خلال توزيع الحصص، لم تكن وزارة الشباب والرياضة في الحسابات، فكانت احياناً تمنح جائزة ترضية، وأحياناً لإكمال حصة جهة ما، أو تستغل لمنح مقعدها على طاولة الوزراء لتوازنات سياسية.
وعلى الرغم من ذلك الا انها لم تصل يوماً الى ما وصلت اليه مؤخراً، من فوضى وتخبط، وآخرها رفض الوزير جورج كلاس تطبيق قرار قضائي صادر عن مجلس شورى الدولة يهدد بالاطاحة بكل انتخابات كل الاتحادات الرياضية.
تستعد الاتحادات الرياضية في لبنان، لانتخابات لتجديد هيئاتها الإدارية وذلك بعد انتهاء دورة الالعاب الاولمبية في باريس في 11 اب 2024، حيث سنشهد خلال الفترة الممتدة من تاريخه ولغاية انتهاء السنة انتخابات هيئات ادارية لأكثر من خمسين اتحاد رياضي ستتوج بانتخاب لجنة أولمبية جديدة لولاية جديدة تمتد لاربع سنوات.
وعادة تنتخب الإدارات الجديدة للاتحادات في الجمعيات العمومية لكل اتحاد على حدى وهي تكون مؤلفة من الأندية أو ما تصطلح على تسميته وزارة الشباب والرياضة بـ “الجمعيات الرياضية”.
ويشترط على الأندية للمشاركة في الجمعيات العمومية الانتخابية لتلك الاتحادات، أن يكون مندوب النادي مزوداً بإفادة ادارية من قبل وزارة الشباب والرياضة، تثبت صحة وقانونية الهيئة الإدارية وانها مخولة بالمشاركة في العملية الانتخابية.
وبحسب نظام الوزارة فإن هذه الافادات تمنح من المدير العام، وقد كانت تصدر مذيلة بتوقيع المدير العام السابق زيد خيامي. ومنذ احالة خيامي على التقاعد مع نهاية عام 2022، عمد وزير الشباب والرياضة الى اسناد صلاحيات المدير العام الى نفسه، وقام بنفسه بتوقيع تلك الافادات لنحو سنة ونصف، لحين إقدامه في شهر آذار من العام الجاري على اصدار قرار بتعيين السيدة فاديا حلال الموظفة في الوزارة وهي رئيسة دائرة بمنصب المدير العام بالتكليف مع وجود موظفين أعلى منها رتبة في الوزارة وهما رئيسا مصلحة الشباب جوزف سعدالله ومصلحة الرياضة محمد عويدات. هذا القرار دفع رئيس مصلحة الرياضة محمد عويدات لتقديم شكوى لدى القضاء الإداري للاعتراض على عدم قانونيته ووقف تنفيذه وإبطاله، وبالفعل فقد صدر قرار عن مجلس شورى الدولة في أول شهر حزيران المنصرم يقضي بوقف تنفيذ قرار الوزير بتعيين السيدة حلال بمنصب مديراً عاماً بالتكليف.
صدور القرار وتبليغه للجهات المعنية جعل الوزارة تعيش فترة تخبط، حيث لوّح الوزير انه سيعيد اسناد صلاحيات المدير العام الى نفسه، وجعل الوزارة تعيش حالة شلل إداري، وقد جرى بالفعل تعليق تنفيذ قرار تعيين حلال بمنصب مدير عام بالتكليف.
إلا أن الوزير وبعد أيام أعلن صراحة وعلانية أنه لن يلتزم تطبيق القرار القضائي، وطلب من حلال الاستمرار بمنصبها كمدير عام بالتكليف على الرغم من قرار شورى الدولة وهو بحكم القانون قرار نافذ على أصله وساري المفعول، وعادت حلال للتوقيع بصفة ” مديرعام بالتكليف” ما يجعلها متهمة بانتحال صفة المدير العام بالتكليف واغتصاب سلطة ليست لها.
حلال وبغطاء من الوزير واصلت التوقيع على القرارات والافادات والكتب بعد السادس من حزيران كما كانت قبله وكأن شيئا لم يكن، على الرغم من أنه قانوناً كل ما يصدر عنها بعد تاريخ قرار الشورى باطلا ولا قيمة قانونية له.
ولكن خطورة ما يجري لن يبقى فقط بين جدران وزارة الشباب والرياضة وانما سيصل مداه الى كل الأندية والاتحادات الرياضية في لبنان. فانتخابات الاتحادات الرياضية مقبلة خلال أشهر قليلة، وهذه الانتخابات تعتمد على الافادات الإدارية الصادرة عن الوزارة والتي توقعها السيدة حلال وهي بنظر القضاء منتحلة صفة المدير العام بعد صدور القرار بوقف تنفيذ قرار تعيينها، وبالتالي تعتبر هذه الافادات باطلة، وفي حال استعملت في العملية الانتخابية فانها ستهدد تلك الانتخابات بالبطلان، وستحدث فوضى وقلقاً في الوسط الرياضي وستعرض انتخابات الاتحادات جميعها للالغاء والابطال.
وإذ لا يخفى على أحد الصراع والتجاذب الذي تشهده الرياضة اللبنانية وهو من المتوقع ان ينعكس على انتخابات الاتحادات الرياضية المقبلة، حيث سيسعى كل طرف من الأطراف المتنازعة بتكبير حصته من الاتحادات ولاسيما الاتحادات الأولمبية، واذا كانت بعض الاتحادات تملك فيها الأطراف اكثريات مرجحة تحسم الانتخابات بلا معارك، او بمعارك محسومة سلفاً، فإن عدد من الاتحادات ستشهد بلا شك معارك محتدمة سيكون فيها رابح وخاسر، وسيسعى الطرف المتضرر لتعطيل نتائج تلك الانتخابات، ولا شك ان الافادات الصادرة عن جهة غير مخولة بذلك ستكون الباب الاسهل لطعن بتلك الانتخابات، وهو ما سيعرض كل تلك العملية الانتخابية للطعن وصولاً لضرب كل الرياضة اللبنانية.