متفرقات

جيش روبوتات “أوكرانية” يثير قلق خبراء الذكاء الاصطناعي

 

مهندسو مكتب التصميم والإنتاج في يوكربروتوتايب أثناء عملهم على صنع أجزاء جديدة للمسيرة الأرضية (أسوشيتدبرس)

في ظل صراعها مع النقص في القوى البشرية، وظروف سلبية مهيمنة ومساعدة دولية غير كافية، تعقد أوكرانيا الأمل على إيجاد تفوق استراتيجي ضد روسيا، وتبحث عنه في مجموعة من المخازن المهجورة.

وثمة منظومة متكاملة من مختبرات في مقار سرية تسعى إلى الإمساك بمقاليد الابتكار كي تصنع جيش روبوتات تأمل أوكرانيا أنه سيقاتل القوات الروسية، وينقذ الجرحى والمدنيين الأوكرانيين.

ووفق تقديرات تلك الصناعة، يقدر أن نحو 250 شركة ناشئة تعمل في الدفاع العسكري، تنتشر عبر أوكرانيا، وتعمل على تكوين آلات قاتلة داخل مواقع سرية تبدو في العادة كأنها محال ريفية لتصليح السيارات.

وحاضراً، تملك أوكرانيا أسلحة نصف مؤتمتة قوامها مسيرات هجومية وأخرى مضادة للمسيرات، مزودة بتقنيات الذكاء الاصطناعي. ويثير هذا المزيج من الأسلحة الرخيصةوأدوات تلك التقنية، قلقاً لدى خبراء عديدين ممن يفيدون بأن انخفاض كلفة تلك المسيرات سيمكنها من التكاثر والانتشار.

ويبدي قادة شؤون التكنولوجيا في الأمم المتحدة والفاتيكان، قلقهم من أن استعمال المسيرات وأسلحة الذكاء الاصطناعي، قد يخفض الموانع أمام استخدامها على نحو فتاك، ويصعد الصراعات بصورة دراماتيكية.

وتدعو “هيومن رايتس ووتش” Human Rights Watch [مراقبة حقوق الإنسان] وعدد من المجموعات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان، إلى فرض حظر على الأسلحة التي تخرج البشر من عملية اتخاذ القرار. وقد ترددت أصداء تلك المخاوف في الأمم المتحدة، ولدى إيلون ماسك، إضافة إلى مؤسسي الشركة الناشئة “ديب مايند” اللندنية المقر والتي يملكها “غوغل”.

وبحسب توبي والش، بروفيسور الذكاء الاصطناعي في جامعة نيو ساوث ويلز بمدينة سيدني الأسترالية، “المسيرات الأقل كلفة تتيح تكاثرها وانتشارها. وكذلك يرجح أن تتزايد استقلاليتها”.

وفي مخبأ تستعمله شركة ناشئة يديرها المستثمر أندري دنسينكو، يستطيع الموظفون تجميع مسيرة مؤتمتة تسمى “أوديسا” خلال أربعة أيام. وأبرز سماتها هو أن سعرها يساوي 35 ألف دولار، أي ما يعادل 10 في المئة من كلفة نموذج مماثل مستورد.

وطلب دنسينكو من وكالة “أسوشيتدبرس” عدم نشر تفاصيل ذلك الموقع بهدف حماية البنية التحتية والبشر الذين يعملون فيه.

وينقسم الموقع إلى مجموعة من الغرف الصغيرة تستعمل في التلحيم وصنع هياكل تلك الآلات. ويتضمن ذلك صنع عربات صغيرة من مادة “فايبر غلاس”، ورش طلاء على المركبات باللون الكاكي المألوف عسكرياً، وتركيب المعدات الإلكترونية الأساسية، ومحركات تعمل بالبطاريات الكهربائية، وكاميرات من النوع المتوافر في الأسواق، ومجسات حرارية.

وينكب العسكريون الأوكرانيون على تقييم عشرات من مركبات جوية وبرية وبحرية لا يقودها بشر، وينتجها قطاع الشركات الناشئة المغمورة التي تتبع أساليب في الإنتاج بعيدة تماماً عما يسود في الشركات الدفاعية الغربية العملاقة.

وفي مايو (أيار) 2024، انضم إلى الجيش الأوكراني فرع “أنظمة التحكم من بعد [أو تحكم ذاتي]” Unmanned Systems Forces فصار الرابع بعد فروع القوات البرية والبحرية والجوية.

ويستوحي مهندسو الفرع الرابع أفكارهم من مقالات المجلات العسكرية أو أشرطة الفيديو المنشورة على الإنترنت، كي يصنعوا تراكيب أساسية زهيدة الكلفة. ومن المستطاع إضافة أسلحة أو مكونات ذكية إلى تلك التراكيب الأساسية، في مرحلة لاحقة.

وبحسب دنسينكو مدير “يوكربروتوتايب”، وهي شركة دفاعية ناشئة، “نحن نقاتل بلداً ضخماً، ولا حدود لما يملكونه من المصادر. نفهم أننا يجب ألا نفقد كثيراً من الأرواح البشرية. إن الحرب هي رياضيات [موازين قوى]”.

وفي الشهر الماضي، دارت إحدى مسيرات تلك الشركة، وهي بحجم سيارة وتسمى “أوديسا”، وأثارت الغبار حولها أثناء جريها إلى الأمام في حقل للذرة بشمال البلاد. ويزن هذا النموذج الأولي 800 كيلوغرام (1750 رطلاً)، ويشبه دبابة صغيرة من دون برج، وتستطيع السير معتمدة على دواليب تتحرك على الجنازير، وتقطع مسافة تصل إلى 30 كيلومتراً (18.5 ميل) في كل شحنة لبطاريتها التي لا تزيد على حجم مبرد صغير للجعة.

ويعمل هذا النموذج الأولي كمنصة للإنقاذ والإمداد، لكن من المستطاع تعديله كي يحمل رشاشاً ثقيلاً يدار من بعد أو عبوات لإزالة الألغام.

وعقب إطلاق “أنظمة القوات غير المأهولة”، أورد موظف حكومي صغير يعمل في جمع التمويل [لهذه الأسلحة]، “ستغدو فرق من الروبوتات أدوات لوجيستية، وشاحنات لقطر المركبات، ومركبات لزرع الألغام ونزعها، وروبوتات تدمر نفسها بنفسها. وبالفعل، لقد أثبتت الروبوتات الأولى فاعليتها في ميدان المعركة”.

ويشجع نائب رئيس الوزراء للتحول الرقمي، مايكيلو فدوروف، المواطنين على أخذ مقررات تعليمية مجانية على الإنترنت، ثم يجمعون المسيرات الجوية في المنازل. ويريد من الأوكرانيين صنع مليون آلة طائرة في العام الواحد.

وبحسب الموظف الذي يعمل في جمع التمويل، “سيظهر مزيد منها [الأسلحة المسيرة] في القريب العاجل، بل مزيد ومزيد”.

وتعمل الشركة التي يقودها دنسينكو على مشاريع تشمل هيكلاً خارجياً آلياً للجسد من شأنه تعزيز قوة الجندي [الذي يضعه على جسمه] ويقوي مركبات نقل الأفراد خلال عمليات نقل معدات الجنود، بل قد يساعدهم أثناء سيرهم على منحدرات. وقد ورد في تدوينة لفودروف على الإنترنت، “سنفعل كل شيء كي تتطور التقنيات غير المأهولة، وبسرعة أكبر [من حالها الآن]. إن المجرمين (الروس) يستخدمون جنودهم كطعام للمدافع، فيما نحن نفقد نخبة أفرادنا”.

المصدر: عربية Independent

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى