صيدا تؤكد «بإشارة القدس» أنها محفورة بالقلوب مهما بعدت المسافات
بيروت – أحمد منصور
رغم كل التحديات والمسافات والتضحيات الكبيرة، تؤكد عاصمة جنوب لبنان مدينة صيدا التزامها ودعمها للقضية والأرض العربية، وعلى رأسها قضية فلسطين، التي كانت مدنها وأماكنها المقدسة مقصدا ووجهة لأجدادنا وأهلنا عبر الزيارات والرحلات وقوافل التجارة والوفود المتبادلة والمشتركة بين القرى والمدن اللبنانية والفلسطينية وقتذاك، والتي لا يزال يتحدث عنها الكثير ممن عايشوا تلك المرحلة، التي انقطعت أوصالها بفعل الاحتلال الإسرائيلي في العام 1948.
وانطلاقا من التمسك بالهوية العربية، والتأكيد على تاريخها الكبير، تشدد فاعليات المدينة وشخصياتها وأحزابها، على أن الأرض العربية ليس لها «تاريخ لانتهاء الصلاحية»، بل إن صلاحيتها مفتوحة في الزمان والمكان وليس من حدود لها. وما الحقبات التاريخية والعصور إلا شاهد على هذا التاريخ، إذ تجدد صيدا من خلال وضعها معالم إشارة التعريف باتجاه القدس، شأن مدن وبلدات جنوبية عدة، والمسافة الفاصلة مع مدينة القدس، عبر اللوحة التي وضعت على مدخلها الشمالي عند بوابة الجنوب لتذكير العابرين والزائرين والأجيال بهذه المدينة العربية المقدسة، وأن القدس ليست بعيدة، وهي محفورة بالقلوب رغم المسافات الطويلة.
نائب صيدا د.عبدالرحمن البزري أكد لـ «الأنباء» أن «مدينة صيدا، عروبية، وملتزمة بالقضية الفلسطينية، وأن جزءا من التزامها بهذه القضية إبقاء المعالم الرئيسية الوطنية والدينية في الذاكرة، من خلال وضع إشارة على مدخل المدينة تدل على المسافة ما بين مدينتي صيدا والقدس بـ 199 كيلومترا، ولتذكير اللبنانيين والفلسطينيين، الذين كانوا يعيشون قبل النكبة والاحتلال الصهيوني لفلسطين في العام 1948، ان هذا الخط البحري الممتد من صيدا إلى مدينة القدس هو خط واحد، وكان أحد الأتوسترادات العربية، وطريق التواصل والنقل العربية، والتي نأمل أن تعود لتصبح مفتوحة مرة ثانية، بعد عودة حقوق الشعب الفلسطيني لأهل فلسطين وتحريرها، وبالتالي فإنه من واجبنا تذكير الأجيال الجديدة بأن هذه المنطقة كانت منطقة واحدة، وأن التواصل كان جاريا بين لبنان وفلسطين والأمة العربية».
وأشار إلى «ان اتفاق سايكس – بيكو وغيره من الاتفاقات الدولية رسمت للأسف حدودا في منطقتنا، والتي ندفع ثمنها اليو، لذا يجب أن نعمل على إزالة هذه الحدود المصطنعة».
وأشار البزري إلى «ان كل محاولات إسرائيل للسيطرة على الأرض العربية فشلت»، مؤكدا على طبيعة العدو الصهيوني العدوانية، «الذي زرع على أرضنا العربية لينفذ مخططات خبيثة»، معتبرا «أننا دخلنا مرحلة جديدة من مراحل الصراع العربي – الإسرائيلي، فالمعركة تدور على أرض فلسطين المحتلة، وهذا له الكثير من المعاني والدلالات».
كذلك قال الأمين العام لـ «لتنظيم الشعبي الناصري» النائب أسامة سعد لـ «الأنباء»: «تلاحم مدينة صيدا مع قضية الشعب الفلسطيني يعكس العلاقة والتواصل الذي كان قائما بين الشعب الفلسطيني وأبناء مدينة صيدا والجنوب، والذي يعود إلى بدايات عمليات الاستيطان الصهيوني في فلسطين عام 1936، حيث هب الشعب الفلسطيني في مواجهة حركة الاستيطان عام 1948 بمشاركة من أبناء مدينة صيدا وأبرزهم الشهيد معروف سعد، في مواجهة العصابات الصهيونية في الجليل الأعلى».
وأضاف: «صيدا وفلسطين تواصل وحضور دائم، وما اللوحة إلا تجسيد لوحدة الموقف والأرض العربية وتعبير عن هذه العلاقة والتاريخ النضالي ما بين صيدا والشعب الفلسطيني»، مشددا على تمسك المدينة بالهوية العربية والتزامها بقضاياها وعلى رأسها القضية الفلسطينية».
وقال الرئيس السابق للبلدية محمد نذير السعودي الذي وضعت اللوحة في عهده: «من صيدا هنا القدس وغزة وحيفا وعكا ويافا وميرون وكل شبر من أرض فلسطين، كل فلسطين، من البحر إلى النهر ومن الشمال إلى الجنوب».
وأضاف: «من صيدا هنا فلسطين، التي أصبحت في كل شبر فيها تجسد أمثولة للصمود والشجاعة والكرامة والعنفوان وكل المعاني السامية (…) من صيدا إلى القدس، 199 كيلومترا في حسابات العالم، وصفر كيلومتر في حساباتنا، لأن فلسطين كل فلسطين تسري في وجداننا كمسرى الدم في الجسد».
البلدات الحدودية اللبنانية ترفع لوحات تشير إلى الضفة الأخرى من الحدود: فلسطين. والأخيرة تحضر في اليوميات اللبنانية عدا الجغرافيا طبعا، وللبنان مع المحتل الإسرائيلي قصص لن تنتهي.