إسرائيل تحتفظ بمزارع شبعا لأهميتها الإستراتيجية.. وللطيبة تاريخ طويل في المواجهة
بيروت – أحمد منصور
يؤكد أبناء القرى والبلدات الحدودية اللبنانية مع فلسطين المحتلة، على طول الخط الممتد من الناقورة عند البحر في قضاء صور، مرورا بقرى قضاءي بنت جبيل ومرجعيون، وصولا إلى مرتفعات شبعاومزارعها في منطقة العرقوب في قضاء حاصبيا، أن الاعتداءات الإسرائيلية بدأت على لبنان منذ العام 1948، تاريخ تأسيس الكيان الصهيوني على أرض فلسطين.
وتشكل بلدة شبعا التي تقع على مثلث بين لبنان وفلسطين وسورية، موقعا إستراتيجيا كبيرا وهاما في المنطقة، اذ تضم جبل الشيخ والمزارع ذات الإستراتيجية الهامة، التي تشرف على بحيرة طبريا في فلسطين، وتتميز بخصوبة تربتها وتنوع زراعاتها. وتقع تلك المزارع التي احتلتها إسرائيل في العام 1967، على الحدود بين لبنان والجزء المحتل من الجولان السوري، وتمتد طولا بحدود 24 كيلومترا، وبعرض بين 13 و14 كيلومترا، وتقع على منحدرات وتلال وبعض السهول والهضاب، وترتفع 1200 متر عن سطح البحر.
ويبدو واضحا أن أبرز ما يدل على إستراتيجية مزارع شبعا، إبقاء إسرائيل على احتلالها بعد انسحابها من جنوب لبنان في العام 2000، ووجود عدد كبير من المواقع والمراصد العسكرية الإسرائيلية، ومنها مرصد الفوار الذي يعد من أضخم المراصد العسكرية في منطقة الشرق الأوسط.
وتطل المزارع وتشرف أيضا على جبل عامل والجليل الأعلى والجزء الجنوبي من سلسلة جبال لبنان الغربية وهضبة الجولان وسهول البقاع وحوران والحولة، لا بل تكشف العديد من الدول العربية.
وتتعرض شبعا التي تعتبر من كبرى بلدات العرقوب في شكل متواصل للاعتدات الإسرائيلية، من خلال القصف المدفعي وغارات الطائرات الحربية، فيما تواصل المقاومة اللبنانية عملياتها اليومية في استهداف المواقع الإسرائيلية في المزارع للتأكيد على لبنانيتها، كما تعلن في بياناتها.
رئيس البلدية محمد صعب، قال لـ «الأنباء»: «ضواحي وخراج شبعا ومنازلها، عرضة في شكل يومي للقصف والغارات الإسرائيلية، وأدت إلى سقوط عدد من الشهداء».
ولفت «إلى ان هذا الوضع دفع بالعديد من الأهالي إلى مغادرة البلدة إلى أماكن أخرى»، مقدرا نسبة النزوح بحوالي 25%.
وأشار إلى «ان تحركاتنا في البلدة، تتم ونحن في دائرة الخطر، اذ ان قرانا هي تحت مرمى المدفعية الإسرائيلية والطائرات الحربية والمسيرات التابعة لها، وهذا الوضع لم يسمح للأهالي الذهاب إلى حقولهم وبساتينهم، لاسيما وان شبعا تعتمد على زراعة الفواكه، التي باتت متروكة في البساتين، وهذا ما يزيد من الخسائر والأعباء الاقتصادية..».
ولفت صعب «إلى ان إسرائيل كان يفترض ان تنسحب من مزارع شبعا مع انسحابها من جنوب لبنان في العام 2000. لكن للأسف لاتزال تحتلها مع تلال كفرشوبا والغجر، وتصر على البقاء في جبل الشيخ، الذي هو جزء لا يتجزأ من شبعا، اذ يمكن ان ترى منه قبرص ومناطق واسعة من سورية والدول العربية، لذا فإن هذا الموقع الاستراتيجي يهم إسرائيل للتجسس ومراقبة الدول المحيطة بها. وللغاية تقيم على سفح جبل الشيخ أهم موقع للتجسس، وهو يعرف بمرصد جبل الشيخ، ويتبع عقاريا إلى شبعا».
وأكد صعب «ان مزارع شبعا هي المورد الوحيد لأهالي شبعا، اذ كان يوجد فيها خمس معاصر لزيت الزيتون، وتوقفت منذ احتلال المزارع في العام 1967. تشتهر شبعا بالزيتون والحبوب. وفي حوزة أهاليها صكوكا عقارية التي تثبت ملكيتهم لأراضي مزارع شبعا».
وتابع: «لن نترك أرضنا مهما كانت التهديات الإسرائيلية، في شبعا أوالمزارع. هذه أرض عربية لبنانية ولن نقبل بالاحتلال الإسرائيلي الصهيوني، لقد كان أجدادنا وأهلنا يذهبون إلى فلسطين سيرا على الأقدام، ولم يكن هناك أي عوائق أو حواجز، إلى ان جاء الاحتلال الصهيوني وقطع أوصال هذه المنطقة العربية، طمعا بالأرض وثرواتها لتحقيق المشروع الصهيوني المزعوم، لذا سنحمي وندافع عن أرض الأهل والأجداد مهما كانت التضحيات (…)».
المشهد في شبعا يتكرر في كل قرية وبلدة جنوبية لبنانية، أكانت حدودية أو في العمق. بلدة الطيبة تقع على تلتين إستراتيجيتين، وتبلغ مساحتها 45000 دونم، وترتفع عن سطح البحر 725 مترا، هي إحدى بلدات قضاء مرجعيون وواحدة من قرى جبل عامل. يحدها من الشمال وادي ومجرى نهر الليطاني وبلدة دير ميماس، وشرقا بلدتي العديسة وكفركلا، ومن الجنوب بلدات العديسة ورب ثلاثين وبني حيان وطلوسة، ومن الغرب دير سريان وعدشيت والقنطرة. تتميز بعدد من المداخل التي تربطها بالبلدات المجاورة لها. وهي من البلدات الجنوبية الحدودية التي عرفت الاحتلال الإسرائيلي في الاجتياح الاول العام 1978، ولها تاريخ طويل في مواجهة ومقاومة العدوان الإسرائيلي.
رئيس بلدية الطيبة عباس علي دياب تحدث إلى «الأنباء» وقال: نزح 70% من أهالي البلدة بسبب العدوان الإسرائيلي. وتتعرض الطيبة لغارات إسرائيلية وقصف مدفعي، وخصوصا على تلة العويضة التي تقع في خراج البلدة وتطل على نهر الليطاني، وتبعد عن حدود فلسطين ثلاثة كيلومترات، وتقابلها المواقع الإسرائيلة في مسكاف عام والمطلة.
وأكد رئيس البلدية تدمير 15 منزلا من اصل 2200 وحدة سكنية في شكل كلي. وكشف العمل على تأمين مقومات الصمود للأهالي المتواجدين في البلدة، «لدحر الاحتلال ومنعه من تحقيق أهدافه التوسعية والإجرامية».
وتابع: «العدوان الاسرائيلي اليوم هو استمرار لما اعتادت إسرائيل القيام به منذ العام 1948. ولاتزال القرى الحدودية اللبنانية عرضة للقصف الإسرائيلي الهمجي (…) مررنا بفترة هدوء بفعل سياسة الردع التي اوجدتها المقاومة، التي لجمت العدو الصهيوني».
وقال: «اعتدنا القصف والاعتداء الإسرائيلي. ففي العام 1975 دخل الجنود الإسرائيليون إلى الطيبة واستشهد ثلاثة من شبان البلدة من آل شرف الدين اثناء مقاومتهم الاحتلال، وكانت تلك المواجهة الأولى في الطيبة».
وأكد دياب «ان الطيبة ارتبطت بمشروع مياه جبل عامل او مشروع الطيبة كما يعرف، والذي أنشئ عام 1952 من قبل مصلحة مياه جبل عامل، التي تحولت بعدها إلى مؤسسة مياه لبنان الجنوبي. تستفيد من المشروع 47 بلدة جنوبية في قضائي مرجعيون وبنت جبيل، وتضخ المياه من مجرى نبع الوزاني ونهر الليطاني الذي يمر بالبلدة. هذه المحطة تضخ على تلة المشروع، الذي كان عرضة دائمة للاجتياح والاحتلال الإسرائيلي، ذلك ان التلة تشرف على المنطقة، وكانت تضم أهم موقع إسرائيلي إبان فترة الحزام الامني خلال الاحتلال».
وختم: «للطيبة تاريخ سياسي عريق، فمنها رئيسان لمجلس النواب هما أحمد الاسعد وكامل الاسعد. وقد فرضت علينا الحرب منذ تأسيس الكيان الصهيوني في قلب الأمة العربية. وسياسة الردع التي اوجدتها المقاومة والجيش والشعب، تحمينا ونرد للعدو الصاع صاعين. وهذه المرة الاولى في تاريخ الكيان، تشهد نزوحا للمستوطنين من المستعمرات الصهيونية في شمال فلسطين نتيجة صواريخ المقاومة».