محليات

«دير ميماس» تواجه مع كنائسها معركة الصمود بوجه العدوان و«عيترون» المقابلة للحدود عرضة دائمة للاعتداءات الإسرائيلية

بيروت ـ أحمد منصور

لاتزال كنائس بلدة دير ميماس القديمة في قضاء مرجعيون، إلى جانب دير البلدة التاريخي، تخوض معركة البقاء والوجود والصمود بوجه العدوان الإسرائيلي، وهي الشاهدة على همجية هذا العدوان على البلدات اللبنانية الحدودية مع فلسطين المحتلة.

دير ميماس هي إحدى القرى اللبنانية الجارة لبلدات كفركلا والطيبة وبرج الملوك، والمقابلة لقلعة الشقيف، والمشرفة على مساحات من شمال فلسطين، تحتضن مختلف الطوائف المسيحية من الأرثوذكس المشرقيين والكاثوليك واللاتين والموارنة والبروتستانت. تبعد عن العاصمة بيروت 92 كيلومترا وترتفع 580 مترا عن سطح البحر. تتربع على أعلى التلال المطلة على مجرى نهر الليطاني، ذات المناظر الطبيعية الخلابة، وتعتبر رائدة في إنتاج زيت الزيتون، لوجود أكثر من 100000 شجرة زيتون، بعضها يعود إلى مئات السنين، وتتميز بزخرفة كنائسها القديمة.

تعود تسمية البلدة، نسبة إلى القديس «ماما»، إذ إن كلمة دير، هي كلمة سامية تعني منزل أو مركز عبادة، و«ميماس» هي نسبة إلى«القديس ماما». ويسمى ماماس باللاتينية، وهو الراعي الذي عاش في القرن الثالث، وكان يحميه أسد.

ففي القرون الوسطى، بني دير لذكرى «القديس ماما» على تلة تحيطها أشجار الزيتون، في العام 1404 على يد الأم المتوحدة ماما، ونمت القرية حول الدير، ويقوم اقتصادها على شجرة الزيتون كما تذكر الكتب.

دمر هذا الدير في 2006 بشكل كامل جراء العدوان الإسرائيلي، وأعيد بناؤه في أبريل 2008، وما يميز الدير أنه متحف لـ37 فسيفساء، تمثل نبوءات العهد القديم عن المسيح، وأحداثا إنجيلية من العهد الجديد بالإضافة إلى والدة المسيح والأقمار الثلاثة.

رئيس البلدية د.جورج نكد، الذي لم يسلم من الاحتلال الإسرائيلي، اذ تعرض للاعتقال عام 1997 إبان الإحتلال للمنطقة، أكد في تصريح لـ «الأنباء»على أهمية الموقع الاستراتيجي الطبيعي للبلدة، مشيرا إلى ان الأيادي الإسرائيلية تخرب الطبيعة الخلابة للبلدة وتدمرها من جراء القصف والغارات المتكررة على محيطها وخراجها في التلال والأودية، لاسيما تلة العزية.

ولفت إلى أن وسط البلدة يتعرض لشظايا القصف والغارات، كونها لا تقع مباشرة على خط النار الحدودي، انما خراجها عرضة دائمة للاعتداءات الإسرائيلية، بفعل تداخله مع بلدات كفركلا والطيبة وبرج الملوك.

واعتبر ان هذا لا يعني ان إسرائيل لا تريد قصف البلدة وحريصة على أهلها، والدليل على ذلك الاعتداء الذي تعرض له الدير في العام 2006 وأدى إلى تدميره كليا.

وإذ أشار إلى أن «50% من أهالي البلدة نزحوا إلى بيروت»، ثمن دور أهاليها في الاغتراب في دعم صمود المقيمين، مؤكدا «ان البلدة تعيش في حالة من الوئام مع جيرانها، ولا خوف أوتهديد أو خطر، إلا من إسرائيل»، مشددا على التعاون وبذل الجهود لرفع مستوى البلدة والنهوض بها.

وتحدث نكد بفخر واعتزاز عن ابنة البلدة الأسيرة المحررة سهى بشارة، التي حاولت اغتيال العميل اللواء انطوان لحد خلال الاحتلال بإطلاق النار عليه في منزله.

وندد نكد بالعدوان، مؤكدا أن الدمار كبير جدا في القرى الحدودية، ومشيرا إلى أن إسرائيل لا تميز في عدوانها بين مسلم ومسيحي، ولا بين مسجد وكنيسة. وشدد على التمسك بالأرض مهما كانت التحديات، آملا ان تتحسن الأوضاع نحو الأفضل، ومعتبرا أن إسرائيل تحاول تفريغ القرى اللبنانية من أهاليها.

وتوقف نكد عند الميزة التاريخية للبلدة، والبعد الروحي من خلال دير ميماس، مشددا على اهمية التنوع في البلدة، لافتا إلى ان المشكلة هي في الوصول إلى البلدة، اذ تتعرض طريقها لجهة جسر الخردلي للقصف الإسرائيلي المستمر.

عيترون

بالانتقال إلى بلدة عيترون (قضاء بنت جبيل)، فهي تقع عند أقصى الحدود الجنوبية المتاخمة للحدود الفلسطينية. تحدها من الشرق بلدة المالكية المحتلة، وجزء من بلدة بليدا شرقا وشمالا، وغربا بنت جبيل، إضافة إلى جزء من مارون الراس، وشمالا بلدة عيناتا.

لا شك في أن عيترون هي بلدة زراعية ناشطة وفعالة، إذ يتواجد فيها بشكل دائم حوالي 8 آلاف نسمة، يعملون في الزراعة والوظائف الصغيرة، إضافة إلى القطاعات النباتية والحيوانية.

اشتهرت البلدة في تربية المواشي وزراعة التبغ، وباتت تعتبر الأولى في لبنان. تزرع حقولها المتاخمة لفلسطين المحتلة، وتربي الدواجن والمواشي في نطاقها الجغرافي. فيها معملان للألبان والاجبان، أحدهما تابع للبلدية والآخر خاص، مما ساعد في تنشيط الدورة الاقتصادية، بالإضافة إلى تجارة المواد الغذائية وغيرها من الأمور.

ولفت رئيس البلدية سليم مراد في تصريح لـ «الأنباء» إلى ان موقع عيترون الجغرافي، والتي تحيطها المواقع الإسرائيلية، جعلها عرضة دائمة للعدوان الإسرائيلي، وأدت إلى سقوط 12 شهيدا.

وقال «مع بداية الحرب، كانت عيترون كغيرها من البلدات، جبهة المساندة لفلسطين المحتلة على طول الخط. ونتيجة العدوان ترك قسم كبير من الأهالي البلدة، وحاليا توجد نسبة بسيطة من السكان فيها. يتردد الناس، والدورة الاقتصادية متعثرة إلى حد ما، كون الزراعة تتطلب العمل في الحقول». وتحدث مراد عن إحصاء ما يقارب الـ 50 منزلا مهدمين كليا، فضلا عن أضرار وتصدع في عشرات المنازل في البلدة التي يبلغ عدد سكانها حوالى الـ 20 الف نسمة.

وأضاف «نحن متجذرون في هذه الأرض، وموجودون بهويتنا الاقتصادية والوطنية الدائمة والتي لم ولن نتخلى عنها يوما. نعتبر أن جبهة المساندة لإخواننا في فلسطين حق وواجب. ونحن كسلطات محلية نقوم بما نستطيع أن نقدمه من خدمات عامة: دفاع مدني واسعاف وإنقاذ، إضافة إلى مستوصف للحالات الصعبة، كما أننا نتابع حالات النازحين. لذا لابد لنا أن ننتصر. نحن مقتنعون بأن هذا النصر حليفنا لتحرير فلسطين. وعلى رغم إطالة أمد الحرب فإن الناس يحتضنون المقاومة الموجودة على كامل الحدود الحدود (…)».

وختم «ليس بجديد على عيترون مساندتها للقضية الفلسطينية، باعتبارها ذات إرث وطني كبير وذات تنوع حزبي. فمنذ أن نشأت الثورة الفلسطينية وحتى تاريخه، كانت مساندة ويوجد العديد من الشهداء على مستوى الصراع مع هذا العدو. كما احتضنت الثورة الفلسطينية مع بداية انطلاقتها، ثم احتضنت المقاومة الوطنية والمقاومة الإسلامية، وحاليا تحتضن هذه الجبهة المساندة، هذه هي عيترون بما تمثل من إرث مقاوم عبر التاريخ».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى