محليات

كفركلا غارقة في الدمار ولسان حال أهلها “منرجع منعمّر”

 

أحمد منتش

في بدايات العام 1975، كانت أولى اغاني الفنان خالد الهبر عن بلدة ##كفركلا، ويقول مطلعها (من تأليف الهبر وألحانه) “كفركلا تزرع في الأرض أقحوانة، كفركلا تغرس في الأرض بندقية لتحمي القضية، كفركلا قرية جنوبية تجابه الموت بقبضة وحدتها، لتحيا وتحييك معها”…

يومها استهدف العدوان ال#إسرائيلي بلدة كفركلا بعملية تسلّل لقوة “كوماندوس”، فجوبهت بمقاومة عنيفة على يد عناصر الأحزاب الوطنية اللبنانية، وفي مقدّمتهم الشهيد عبد الأمير حلاوي “أبو علي” (لقّب بـ”أسد كفركلا” بعد استشهاده)؛ واليوم، بعد 49 عاماً على أغنية خالد الهبر، لا تزال كفركلا حتى يومنا هذا تجابه الموت بالموت لتحيا، وقدرها أنها تقع على خط التماس الأول مع الاحتلال الإسرائيلي، الذي بنى في جوارها مستوطنة “المطلّة”، وعلى أعلى تلة فوق المستوطنة وتخوم كفركلا أنشأ قاعدة ومواقع عسكريّة محصّنة ومزوّدة بكلّ العتاد الحربيّ والدبابات وأجهزة المراقبة والتنصّت وما شابه. وأخضع الجيش الإسرائيلي كفركلا كما سائر القرى والبلدات الحدودية إلى احتلال وسيطرة كاملة على كل شؤون الحياة، بعد أن اجتاجت القوات الإسرائيلية المنطقة لغاية العام 2000، قبل أن تتمكّن المقاومة من تحرير الجنوب في 25 أيار، وتُجبر القوات الإسرائيلية على الانسحاب من معظم الأراضي اللبنانية، باستثناء قرية الغجر وتلال كفرشوبا ومزارع شبعا.

وبعد التحرير، شهدت كفركلا كما سائر قرى المنطقة الحدودية نهضة عمرانية ونشاط اقتصاديّ وتجاريّ وزراعيّ لا مثيل له، إلا أنها نالت نصيبها من العدوان الإسرائيلي في حرب تموز العام 2006 كما العديد من المناطق اللبنانية

اشتعال جبهة الجنوب

ومنذ اشتعال جبهة الجنوب في الـ8 من تشرين الأول العام الفائت على خلفيّة عمليّة طوفان الأقصى في غلاف غزة، والعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، وبلدة كفركلا مثل قرى عيتا الشعب والضهيرة وعلما الشعب وطير حرفا وحولا وعديسة ومركبا وميس الجبل ومارون الراس وعيترون وبليدا وعيناثا وكفرشوبا، تتعرض بشكل شبه يوميّ لقصف صاروخيّ ومدفعيّ من الجو والبرّ، أجبر في النهاية معظم أهالي القرى على النزوح بعد استهداف وتدمير بيوتهم ومراكز أعمالهم.

وأوضح أحد عناصر الهيئات الصحيّة في البلدة أن عدد الذين سقطوا في كفركلا منذ اشتعال جبهة الجنوب بلغ 16 شخصاً، من بينهم امرأة.

وتحوّلت مراسم تشييع الجثامين إلى فرصة سانحة لعودة موقّتة للنازحين ولتفقّد بيوتهم المدمّرة أو المتصدّعة.

وفي كل مراسم التشييع، تشهد قرى المنطقة عودة للأهالي، مثلما حصل خلال تشييع فرج الله حمود، حين قامت “النهار” بجولة ميدانية مع الأهالي في البلدة، بمحاذاة الجدار الحدودي الفاصل، واطّلعت على الأضرار في داخل مستوطنة المطلّة المقابلة، التي لم يظهر فيها أيّ حركة على الإطلاق، فيما احتمى عناصر الجيش الإسرائيلي في داخل آليّاتهم، خلف سواتر وبلوكات مسلّحة ومواقعهم المحصّنة.

وقد تبيّن في بلدة كفركلا أنّ حجم الدمار كبير وهائل جداً، فعشرات المنازل والمحالّ والمؤسّسات التجارية والسيّارات دُمّرت كلّياً وسوّيت بالأرض، ولم يسلم منها أيّ شيء، فيما البعض الآخر تهدّم أو تضرّر جزئيّاً. وبعض مَن كانوا يقفون على أطلال بيوتهم المهدّمة كانوا يردّدون جملة واحدة: “الله بيعوّض، وفدا المقاومة والسيد نصرالله، وبكرا منرجع منعمّر مرّة ثانية من جديد”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى