النزوح السوري أمام مؤتمر بروكسل وملف السجناء في سوريا علامة لـ “الديار: دول أوروبيّة تؤيّد موقف لبنان الذي لن يكون شرطياً لهجرة غير شرعيّة
كتّاب الديار
كمال ذبيان
يتصدر النزوح السوري، الاهتمام اللبناني، كما الاقليمي والدولي، لما يشكله من قلق لدى اللبنانيين على كل المستويات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية والامنية، حيث تكاثرت الجرائم التي يرتكبها نازحون سوريون، ضد مواطنين لبنانيين، اضافة الى عمليات السرقة والسلب والاتجار بالمخدرات وترويجها وتعاطيها، مما زاد من التفلت الامني، في ظل وضع مالي مأزوم، وانكماش اقتصادي بدأت بوادره منذ عقود، وانفجر مع الحراك في الشارع، الذي قام به من ادعوا “الثورة” و “التغيير”، ليتبين انها شعارات فارغة، استاخدمت لمشاريع خارجية، وتحديداً الاميركية، لخلق الفوضى، وانهيار لبنان، وهذا ما حصل منذ 17 تشرين الاول 2019، ومستثمر في انحلال المؤسسات وتغييبها، وكل ذلك للنيل من المقاومة وتحميل سلاحها، ما حصل، ووصف “حزب الله”، بانه “دويلة ضمن الدولة” ويخطف قرارها.
فالنزوح السوري، هو بسبب “الحرب الكونية” على النظام السوري، الذي رُفعت بوجهه شعارات الاصلاح وهو ضروري، كما في ما سمي “ثورات الربيع العربي” التي انكشفت فيما بعد ان محركتها هي الادارة الاميركية زمن الرئيس باراك اوباما، ووزير الخارجية هيلاري كلينتون، التي اعترفت بانها نسقت مع “الاخوان المسلمين” لوصولهم الى السلطة، ويعود الصراع بين القيادة السورية، وتنظيم “الاخوان” الى منتصف سبعينات القرن الماضي.
لذلك، فان السوريين نزحوا الى لبنان والاردن وتركيا لاسباب امنية، وهم فعلوا ذلك داخل سوريا، فتوجهوا الى المناطق الامنة، وكان ذلك مبررا لهم، كما يحصل في دول اخرى تشهد حرباً اهلية او معارك عسكرية بين اطراف في الجيش كما في السودان، او اوكرانيا التي تخوض حربا مع روسيا، وكالة عن الحلف الاطلسي، وكذلك في دول اخرى، حيث يكون النزوح اقتصادياً ايضاً، من المكسيك ودول في اميركا الجنوبية، الى اميركا الشمالية وكندا واخرى في اوروبا.
لكن النزوح السوري في لبنان، والذي بدأ منذ عام 2011، يختلف عن دول اخرى، لصغر مساحته الجغرافية، وقلة عدد سكانه، اذ بات عدد النازحين السوريين يقترب من نصف عدد اللبنانيين، حيث يتوقع ان يتعادلا بعد سنوات قليلة، مع الولادات السورية التي بلغت نحو 250 الف مولود، يكبرون في لبنان، ويتعلمون في مدارسه.
والاخطر في وجود النازحين السوريين، هو ما كشفه وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين، عن وجود نحو 20 الف مسلح في اماكن متعددة من لبنان، وهذا ما يشكل تهديداً للامن، حيث تتحدث تقارير امنية، عن ان العدد اكبر من ذلك، ويصل الى نحو مئة الف مقاتل، لان غالبية النازحين خدموا في الجيش السوري، وبعضهم شارك في القتال معه، وقد يستخدم هذا الوجود المسلح، في مشاريع ضد لبنان، تقوم بها دول او تنظيمات، اذ لا تخفي المعلومات الامنية، عن ان تنظيمي “النصرة” و “داعش” وغيرهما اسماء خلايا نائمة لهما، يتم ايقاظها في الوقت المناسب، وقد يتكرر مشهد مخيم نهر البارد مع تنظيم “فتح الاسلام” الذي اسسه شاكر العبسي.
من هنا بدأ النزوح السوري ضاغطا على لبنان، الذي فشل في ادارته لهذا الملف، بسبب الانقسامات السياسية في النظرة الى النازح السوري، الذي اعتبره “السياديون” “ثائرا” ضد النظام السوري ويعمل لاسقاط الرئيس بشار الاسد، فتم احتضانهم من قبل قوى 14 اذار، التي امنّت لهم الاقامة التي بدأت من عرسال، واعتبر “السياديون” ان هؤلاء “الثوار” سيكونون لهم عونا بمواجهة “الاحتلال الايراني” الذي يمثله “حزب الله” فوقعوا في خطأ التقدير، لان “حزب الله” ذهب الى سوريا يقاتلهم فيها، كيلا يأتوا الى لبنان، فحماه منهم، وحرر عرسال مع الجيش اللبناني من وجودهم.
وانتقل ملف النزوح السوري الى كل الدول، التي باتت تشعر بخطورته، لا سيما منها الاوروبية التي تشهد هجرة غير شرعية اليها، وهي لا تقبل عودتهم من لبنان الى سوريا، واشترطت العودة الطوعية التي رفضتها اطراف لبنانية، وفيما يؤكد مصدر سياسي مطلع على الملف، الذي تعاطت معه الحكومات المتعاقبة، عدم مسؤولية وادارة الظهر، الى ان اصبح ازمة وجودية، لانه لم يتم تنظيمه كما فعل الاردن وتركيا، ولم تطبق القوانين اللبنانية.
وفي هذا الاطار يكشف رئيس لجنة الشؤون الخارجية النيابية الدكتور فادي علامة لـ “الديار”، عن بدء حصول تغيير في المجتمع الدولي تجاه موضوع النازحين السوريين لا سيما المواجودين في لبنان، اذ بدأت مواقف لدول في شرق البحر الابيض المتوسط تتعاطف مع لبنان، ومنها اليونان وقبرص وتركيا وبلغاريا، مع مرونة تظهر في فرنسا، والى حد ما المانيا التي تواجه مع دول اخرى النزوح من اوكرانيا.
ويعوّل لبنان على اجتماع بروكسيل، الذي سيبحث المشاركون فيه موضوع النزوح، وقد اعدت الحكومة ملفا اشمل مما قدمته سابقا، كما سمع علامة من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الذي زاره مع وفد من اللجنة، فاشار علامة الى ان العمل يجب ان يتركز خارج لبنان، مع الدول التي تمول النزوح السوري، وان يكون ذلك في سوريا، مما يخفف اعباء اقتصادية على لبنان، الذي طالبته دول اوروبية بتطبيق القوانين على النازحين كالاقامة والعمل وفتح مؤسسات والضبط الامني، وهذا ما بدأت الحكومة فعله، كما قال ميقاتي للجنة الشؤون الخارجية، وتم تكليف المدير العام بالانابة اللواء الياس البيسري متابعة الملف مع المسؤولين السوريين لا سيما السجناء الذين بلغت نسبتهم 35% في السجون ويجب نقلهم الى سوريا، لان سجون لبنان لا تستوعبهم.
ويقول علامة، ان لبنان ابلغ دول في الاتحاد الاوروبي بانه لن يكون شرطياً في موضوع الهجرة غير الشرعية للنازحين، وهو يريد عودتهم الى سوريا التي اصبحت مساحات واسعة منها آمنة وبدأت دول عديدة تتفهم موقف لبنان، وما يشكله خطر النزوح السوري عليه.