تحذير من مخاطر تسرب غبار القذائف الفوسفورية الى المياه الجوفية “ميس الجبل” المزنّرة بالمواقع الإسرائيلية عرضة للإعتداءات اليومية وحولا ” بلدة أم الشهداء” مسلسلها مع العدوان الإسرائيلي تاريخي منذ 1948
بيروت أحمد منصور
تستمر آلة الحرب الإسرائيلية عدوانها السافر في تدمير القرى والبلدات الحدودية اللبنانية المتاخمة لفلسطين، ليلا نهاراً، دون إنقطاع، مستخدمة سلاح الطيران الحربي التدميري من جهة، ومن جهة أخرى سلاح المسيّرات المخصصة للرصد والتجسس وتنفيذ الإغتيالات بحق رجال المقاومة، إضافة الى سلاح المدفعية والدبابات المتحصنة في المواقع العسكرية الإسرائيلية المزنّرة للبلدات اللبنانية على الحدود، والتي تطلق حممها يوميا على المنازل والأحياء السكنية، في محاولة اسرائيلية لإقامة زنار نار لحدود فلسطين، عبر التدمير الممنهج للقرى، وزرع الرعب والخوف في نفوس الأهالي لترك قراهم، إلا أن تلك المحاولات الإسرائيلية، باءت جميعها بالفشل، إذ تواجه بإصرار أبناء الجنوب، وخصوصا تلك البلدات على التمسك بالأرض وبذل كل ما بوسعهم للحفاظ عليها، ومواجهة العدوان لمنعه من تحقيق أهدافه التوسعية، وهذا ما يؤكده الجميع ” ان الإسرائيلي يدمّر ونحن نعمّر..”
مسلسل الإعتداءات الإسرائيلية اليومية، تعيشه القرى والبلدات على الخط الحدودي في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون وصولا الى قضاء حاصبيا وأعالي مزارع شبعا وجوارها، ومن هذه البلدات ميس الجبل ( قضاء مرجعيون) الشاهدة يوميا على الإجرام الإسرائيلي على البلدة وجوارها، وميس الجبل التي يبلغ عدد سكانها المتواجدين بشكل دائم 7000 نسمة، وفي فصل الصيف الى حدود 15000 نسمة، بعد مجيئ المغتربين لتمضية اجازاتهم في ربوع بلدتهم، إلا أنه وبسبب العدوان المتواصل، فإن غالبية الأهالي نزحوا عن البلدة الى القرى المجاورة والعاصمة والضاحية، ولم يبقى فيها سوى 100 شخص، الذين لم تسمح لهم ظروفهم بمغادرة البلدة، وأصروا على البقاء، كما أكد رئيس بلديتها عبد المنعم شقير.. والذي شدد على “أن ثقافة التمسك بالأرض هي من سمات أبناء البلدة والجنوب ..”
وإذ أكد شقير “ان الموقع الجغرافي لميس الجبل، يجعلها عرضة لتلك الإعتداءات، فالمواقع العسكرية الإسرائيلية تقع عند الأطراف الشرقية من البلدة: “العبّاد” و”المنارة” و”العاصي” و”البغدادي”، وهي مقامة على أرض نطاق البلدة العقاري، وهي تعتدي علينا يوميا، إضافة الى الإعتداءات بالطيران الحربي والمسيّرات .”
ولفت شقير الى “وجود دمار كبير لحق بالمنازل، اذ سجل تدمير 80 وحدة سكنية بشكل كلي، وتعرض 700 منزل للدمار الجزئي، من أصل 4800 وحدة سكنية”، وأشار شقير الى “أن كشافة المهدي والرسالة الأسلامية، هم من يؤمنون المواد الغذائية والأدوية وكل الحاجات للأهالي المتواجدين في البلدة “.
وأشار الى “انه تم إحصاء تضرر وهدم اكثر من 100 مؤسسة غذائية وتجارية بفعل القصف الاسرائيلي، وهناك 65 مؤسسة (التعاونيات والسوبرماركت والصيدليات..) فان المواد الغذائية والأدوية الموجودة فيها، انتهت تاريخ صلاحيتها لعدم استهلاكها وبقائها على الرفوف منذ بداية الحرب في العام الماضي، إضافة الى اجتيح الجرذان لتلك المؤسسات والبيوت الخالية من اصحابها، المخلعة الأبواب، والتي تحولت الى اوكار للجرذان، التي بعثرت محتوياتها من مواد غائية وحبوب..”
واكد رئيس البلدية “انه سجل اكثر من 70 غارة للطيران الحربي الإسرائيلي على البلدة منذ الثامن من أوكتوبر الماضي، وهي إستهدفت المنازل والأحياء السكنية والأراضي الزراعية، بالإضافة الى القنابل العنقودية”، وأشار الى “انه سجل ايضا سقوط 1000 قذيفة على البلدة وضواحيحها، من العيار الثقيل (120 و175 والقذائف الفوسفورية)، والتي منعت الأهالي من الوصول الى محاصيلهم ومزروعاتهم، من قطاف مواسم الزيتون والقمح والدخان وغيره، بفعل القصف الذي يتعرضون له .”
وحذّر شقير من “خطورة القذائف الفسفورية المحرمة دوليا إلا على إسرائيل”، مشيرا الى “ان مفاعيل وأضرار تلك القذائف تسربت الى باطن الأرض والمياه الجوفية، بفعل غبار تلك القذائف وانتشارها على أسطح المنازل البلدة واختلاطها مع مياه الامطار التي تصب عادة في آبار المنازل والآبار الإرتوازية، والتي تستخدم للشرب وللخدمة”، معتبرا “ان الأمراض السرطانية في جنوب لبنان تسجل ارقاما مرتفعة اكثر من بقية المناطقة، وهو نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية والقصف واستخدام المحرمات .”
وأوضح شقير الى ان الإعتداءات الإسرائيلية أسفرت عن إرتقاء 7 شهداء من البلدة، إضافة الى عشرات الجرحى . وحذّر شقير من “التوسع الإسرائيلي في جنوب لبنان وفلسطين والأراضي العربية، لافتا الى “ان القرى الجنوبية ومنذ العام 1948، تاريخ قيام الكيان الصهيوني، وهي تتعرض للقصف والغارات الاسرائيلية، حيث تدمر منازلنا وتقتل اطفالنا ونسائنا”، لافتا الى “ان الحرب هذه المرة تختلف عن سابقاتها، نحن نتمسك بالارض، المجبولة بالدم، وان حمايتها لا تكون إلا بالدم والمقاوم وبالثلاثية بالجيش والشعب والمقاومة”، مؤكدا “ان الهدف هو تهجير ابناء القرى الحدودية ليرتاح الإسرائيلي”، لكنه شدد على “انه على الرغم من كل الاوضاع الصعبة، هناك من بقي في البلدة تحت القصف والدمار، للتأكيد على تمسكنا بالأرض، وهذا ما بدا واضحا من خلال اصرارنا على البناء على الحدود وشرفات المنازل تطل على حقول الالغام الاسرائيلية على الحدود، وهذا دليل قاطع على عدم تخلي الاهالي عن ارضهم مهما بلغت التضحيات والأثمان ..”
وأكد شقير” ان اسرائيل تدمّر ونحن نعمّر”، لافتا الى انها قصفت البنى التحتية وجميع المرافق الحيوية في البلدة”، وقال:” نحن لم نفقد الأمل، وسنعود الى بيوتنا وأرزاقنا وارضنا من جديد، وهناك إصرار كبير من الأطفال على تعلقهم بالضيعة، والذين يطالبون أهاليهم النازحين في بيروت وبقية المناطق العودة الى ضيعتهم لكي يلعبون فيها مع بقية الأطفال في البلدة .”
حولا
وفي بلدة حولا الحدودية، التي يبلغ عدد سكانها 4000 نسمة، تعرف عبر التاريخ أنها بلدة “أم الشهداء”، والتي تعرضت لمجزرة اسرائيلية في العام 1948 وذهب ضحيتها أكثر من 90 شهيدا من أبناء البلدة، وهي كانت ومازالت عصيّة على الإسرائيلي، الذي يسعى من خلال قذائفه ووصواريخ طائراته اليومية المكثفة، التأثيرعلى التلاحم والوحدة في مواجهة هذا العدوان..
وفي هذا الإطار أكد رئيس بلدية البلدية شكيب قطيش في تصريح لـ “الأنباء” “لقد تعودنا على هذه الحروب في الجنوب، فهذه ليست المرة الأولى، ومن الطبيعي ان يكون لأي حرب أثماناً، واليوم نحن ندفع ثمن استمرارنا في تشبثنا بأرضنا وبعقيدتنا، دفاعا عن البلدة والوطن بوجه الإسرائيلي .”
واشار الى “ان القسم الأكبر من اهالي البلدة نزحوا عنها، وان من بقي في البلدة 60 شخصا، الذين لم تسمح لهم أوضاعهم بالمغادرة .”
وأكد “أن اسرائيل تستهدف كل احياء البلدة، وتلفها بزنار من النار جميع الطرقات لنشر الخوف والهلع والرعب”، مشددا على “ان الهدف من القصف والغارات على البلدة التدمير والتهجير، والذي لن نسمح للاسرائيلي ان يحقق مشروعه التوسعي في أرضنا ووطننا مهما كانت التحديات، وهو يستهدف البيوت المحاذية والمقابلة لموقع العباد في الطرف الشرقي من البلدة، اذ يقومون بتدمير كل المنازل في المنطقة لتصبح مكشوفة للمواقع الاسرائيلية المقابلة للبلدة .”
وتحدث رئيس البلدية عن “سقوط 8 شهداء بالقصف الاسرائيلي على البلدة، وحتى أنها لم توفر مسجد البلدة من إعتداءاتها”، مشيرا الى “ان العدوان الإسرائيلي على حولا ليس جديدا، بل هو مسلسل تاريخي، منذ العام 1948، عند قيام اسرائيل، حيث تعرضت البلدة لمجزرة في ذاك الوقت، وكان ضحيتها أكثر من 90 شهيداً، وبعدها كرت مسبحة الإعتداءات، في كل مناسبة واجتياح، حيث كانت تدفع حولا الأثمان ..”
وأكد قطيش “نحن تربينا على مواجهة اسرائيل، ونعتبر هذا العدو الغاشم، غدة سرطانية ويجب إستئصالها، والذي يتطلب لذلك أثمانا كبيرة، وان ما يجري اليوم هو دفع ثمن البقاء في أرضنا والحفاظ عليها وعلى كرامتنا وأرزاقنا وممتلكاتنا .. ”
وختم “ان شاء الله سننتصر على اسرائيل، فنحن أصحاب حق، ولا يمكن ان يضيع حق وراءه مطالب. وسنبقى نطالب بإسترجاع هذا الحق ولو استمر عبر الأجيال القادمة والعمل على تحقيق هذا الهدف، الذي نعتبره من أسمى الأهداف، ومن ااولوياتنا .. ونحن في إنتظار اعلان ساعة الصفر لوقف اطلاق النار، للعودة الى قرانا وبلداتنا وممارسة حياتنا الطبيعية، فمن تربّى وصمد في أرضه أكثر من 40 و50 سنة، وأصبح جزءا، منها، من المستحيل أن تسلخه عنها في أي ظرف من الظروف او أي سبب من الأسباب، فقد بات هناك توأمة بين المواطن ومنزله وأرضه ورزقه…”