محليات

القرى الحدودية تواجه العدوان الإسرائيلي اليومي “باللحم الحي” واسرائيل تسعى لتفريغ وتهجير الأهالي على غرار ما يصيب مستوطناتها

بيروت – أحمد منصور
تواجه القرى الحدودية اللبنانية مع فلسطين المحتلة، العدوان والقصف الإسرائيلي الذي تتعرض له يومياً، كما تقول الأمثال “باللحم الحي”، لعدم توفر الملاجئ والحماية، حيث تستهدف الطائرات الحربية الإسرائيلية ومسيّراتها ومدفعيتها، المنازل والأحياء السكنية، وكل مقومات الحياة بشكل متواصل، وتلاحق كل تحرك على تخوم تلك القرى المقابلة للمواقع الإسرائيلية، لفرض أمر واقع جديد، وفي محاولة لزرع الرعب والخوف في نفوس الأهالي، ودفعهم الى ترك قراهم وأرضهم، لتكون على غرار ما تعيشه المستوطنات الصهيونية في شمالي فلسطين، والتي تركها المستوطنون بفعل ضربات المقاومة اللبنانية، وأيضاً بهدف تحويل المنطقة الى أرض محروقة مكشوفة للجيش الإسرائيلي لمنع هجمات المقاومة اللبنانية .
ازاء الدمار الهائل للحرب، وضخامة الغارات وحجم الأضرار والتضحيات، يجمع الجنوبيون على التمسك بخيار الصمود والمواجهة مهما كانت التحديات، وإن بالإمكانات المتواضعة، فيما إسرائيل وضع بتصرفها أحدث التقنيات والتكنولوجيا، فتمكنت من السيطرة على شبكات الهواتف الخليوية ومحاطات الأنترنت، الى جانب إمتلاكها أسراب من الطائرات المسيّرة العاملة في الأجواء اللبنانية على مدار الساعة، للتجسس والتصوير والاستطلاع وعمليات الرصد، وباتت عنصرا أساسيا في مسار الإستهداف الاسرائيلي، لتنفيذ عمليات الإغتيالات لقادة المقاومة اللبنانية والفلسطينية .

وتمتد الحدود اللبنانية مع فلسطين من بلدة الناقورة ساحلا، مرورا بقرى وبلدات: علما الشعب وطيرحرفا والضهيرة ويارين والجبين وأم التوت ومروحين ( قضاء صور)، الى بلدات : راميا وعيتا الشعب ورميش ويارون ومارون الراس وعيترون صعودا في ( قضاء بنت جبيل)، وبليدا ومحيبيب وميس الجبل وحولا ومركبا وعديسة وكفركلا ودير ميماس وبرج الملوك وسردة والوزاني والخيام (قضاء مرجعيون)، الى المجيدية ورمتا وكفرشوبا والهبارية وشبعا.. في ( قضاء حاصبيا).

الناقورة، البلدة المميزة على ساحل الجنوب، التي تحتضن المقر الرئيسي للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان، هي آخر بلدة لبنانية حدودية لجهة البحر مع فلسطين، ويبلغ تعداد سكانها أكثر من 4000 نسمة، وقد أكد رئيس بلديتها عباس عواضة في تصريح لـ “الأنباء” بأن “إسرائيل تحاول فرض توازن رعب على الحدود، من خلال تدمير وتكثيف الغارات على المنازل والأحياء السكنية، بغية تهجير الناس، فالدمار الممنهج والشامل أصاب 20 منزلا، فيما التدمير الجزئي والتصدع لحق أكثر من 70 وحدة سكنية، بالإضافة الى أضرار لا تحصى في المزروعات والمحلات والمتاجر والمؤسسات .
وأشار عواضة الى نسبة الأهالي المتوجدين حاليا في البلدة تراجع الى 20 بالمئة، بعد ان كان بنسبة 50 بالمئة، وذلك مرده للمجزرة الاسرائيلية الأخيرة، بعد غارة على البلدة، منذ حوالي الاسبوعين، فاليوم ليس هناك سوى 30 عائلة في الناقورة، وهم من كبار السن .”
وأضاف “كنا نعتقد ان بلدتنا، هي بمنأى عن الإستهداف الإسرائيلي، لوجود المقر العام “لليونيفيل”، إلا أن العدو الإسرائيلي، لم يوفر او يقيم لهذا الموقع وزنا، لا بل إستهدف عدة مراكز للقوات الدولية .”
وإذ اشار عواضة الى “ان المواقع العسكرية الاسرائيلية المقابلة للبلدة وللقرى الحدودية اللبنانية، هي مصدر الخطر الدائم نتيجة القصف المدفعي والتمشيط بالأسلحة الرشاشة، وخط نار بيننا 3 كلم، ومنها موقع “جل العلاّم” وموقع “رأس الناقورة” المقابلين للبلدة ..”
ويتوقف عواضة عند حجم القصف والغارات الإسرائيلية الجارية، فأشار الى “ان المنطقة لم تشهد مثل هذه الحرب التدميرية وليست الدفاعية كما تدعي إسرائيل، وأكد “وجود خسائر كبيرة في الزراعة” بساتين الليمون والموز، فالمواسم تركت على حالها لعدم تمكن اصحابها من الوصول اليها بفعل الإعتداءات الاسرائيلة، والمسيرات الاسرائيلية في الاجواء على مدار الساعة، وتصطاد كل شخص او سيارة على الاطراف المقابلة للحدود، يمكننا التنقل في الشارع العام، ولكن في المناطق المقابلة لا يمكننا الوصول اليها او التحرك فيها، واصفا الاجواء في الليل بمدينة الأشباح .. ”
وشدد عواضة على “تمسك الأهالي بأرضهم، وأشار الى انه في إحدى جولاته على الأهالي الصامدين في البلدة، طلب منهم الانتقال الى بلدات أخرى أكثر أمنا، فكان الرد عليه الإصرار على البقاء رغم كل المخاطر”..
وختم عواضة قائلا:” نحن أبناء وأصحاب هذه الأرض، بينهم هم محتلين، وسف نبذل كل ما أوتينا للحفاظ على أرضنا وبلدنا، والدفاع عنها، بوجه الآلة العسكرية الإسرائيلية..

بلدية طيرحرفا
الوضع لم يختلف في جارة الناقورة، بلدة طيرحرفا، التي نسمع عنها يوميا عن إستهدافها بالغارات الإسرئيلية، وأكد رئيس البلدية قاسم حيدر لـ “الأنباء”، “أنه مع البدايات الأولى للعدوان، تم استهدف البنى التحتية في البلدة، ولا سيما المصدر الحيوي للمياه، حيث أغارت الطائرات الإسرائيلية على مشروع الطاقة الشمسية الخاصة ببئر المياه، وبعدها استهدفت محطات الكهرباء وعين (نبع) البلدة القديمة، بعد أن كانت البلدة في العام 2023 صفر مشاكل بالمياه، وها هي اليوم بلا مياه، فالاسرئيلي يريد أرضنا ومياهنا، فهو نشأ على سياسة التدمير والقتل والتهجير..”
وأوضح حيدر”أن عدد سكان البلدة بين مغترب ومقيم يتجاوز 5000 الف نسمة، يوجد فيها 455 وحدة سكنية، وان نسبة السكن في البلدة في ظل الهجرة تجاه المدينة، ما يقارب 2000 نسمة يعيشون في البلدة، واليوم نتيجة العدوان الجميع نزحوا الى صور ومنطقتها ومنهم الى بيروت . وبلديتنا تعاني الكثير، اذ لا تتجاوز ميزانيتها السنوية 2000 دولار ..”
وسرد حيدر لتفاصيل الحياة اليومية في البلدة، وأكد “ان الغارات والقصف المدفعي، أدى الى تدمير 50 منزلا وتضرر اكثر من 100 آخرين، وباتوا لا يصلحون للسكن، وان غالبية المنازل تعرضت للقذائف المباشرة من الدبابات الاسرائيلية في المواقع العسكرية المقابلة . كما وان الأضرار كبيرة ولحقت بجميع المواطنين، الذين كانوا نفذوا مشاريع الطاقة الشمسية على اسطح منازلهم، وهي اليوم تعطلت بفعل القصف والرشقات النارية التي تتعرض لها”، معتبرا “ان هدف الإسرائيلي هو التخريب والدمار وتهجير الناس..، ويسعى الى عدم عودة الناس، لتكون هذه المنطقة خالية من السكان ..”
ويعدد المواقع الإسرائيلية المقابلة للبلدة، وهي “الجرداح” و”حدب الضهيرة” و”بركة ريشا” و”علما الشعب”، نحن نبعد عن الحدود الفلسطينية وتلك المواقع كخط نار 3 كلم، و”هي تطلق على نيرانها على البلدة بشكل متواصل، داعيا الله أن يحمي الشباب الذين يدافعون بأرواحهم عن الجنوب والوطن، آملا أن يتم التوصل الى اتفاق لاطلاق النار وتتوقف المجازر في غزة والإعتداءات علة الجنوب ولبنان .”
وشدد على انه نحن على الرغم من كل التضحيات لن نترك ارضنا ولا يمكن ان نتخلى عنها مهما بلغت الإعتداءات، ونحن بصدد اعداد خطة لاعادة تشغيل مشروع المياه ونتواصل مع القوات الدولية ومع مجلس الجنوب وجمعيات غير حكومية، وفور اعلان وقف اطلاق النار سنقوم بورشة عمل واعادة اعمار وتأمين وسائل الصمو لأهالي البلدة .

بلدية الجبين

رئيس بلدية الجبين طلال عقيل، اشار الى “ان البلدة خالية كليا من سكانها على الإطلاق، الذين نزحوا، لأنها عرضة دائمة للإعتداء والقصف”، مؤكدا “بأن العدو دمر 13 منزلا بالغارات، وأدت الى إرتقاء 3 شهداء من ابناء البلدة، بالاضافة الى استشاهد 3 الصحافيين في 21 نوفمبر الماضي في البلدة بالقرب من منزلي، عندما استهدفتهم طائرة اسرائيلية وهم يقومون بتغطية الأحداث، وهم الصحافية فرح عمر والمصور ربيع المعماري( قناو الميادين) والشاب حسين عقيل”.
وأشار عقيل الى “انه نزح عن البلدة بعد اصابة منزله وتدميره، لافتا الى ان الاستهداف يتم للمنازل والبنى التحية وجميع مقومات الحياة بهدف تهجير السكان”، وقال :”نحن منذ ولادتنا وحتى الساعة ونتعرض للعدوان الاسرائيلي، ولكن نحمد الله، أن ارسل لنا رجال المقاومة ليدافعوا عن الجنوب وعن لبنان، ونتمنى ان تنتهي الحرب وتكون خاتمة للجراح، نحن قدمنا الشهداء وكل ما نملك في سبيل الوطن والقضية العربية، وان شاء الله سننتصر على العدوان . .”
وتضم حوالي 4000 نسمة، وهي تمتاز بزراعة التبغ والحنطة، وهي بلدة مواجهة للحدود وموقعي “الجرداح” و”بركة ريشا” الإسرائيليين، وهما يبعدان حولي كلم ونصف عن البلدة، التي يصبون حمم نيرانهم يوميا عليها ..”

وأكد عقيل ان الحرب هذه المرة لم تكن كسابقاتها، فهي قوية وكبيرة الحجم، على عكس عدوان تموز(يوليو) 2006 ، لكننا لن نستسلم وسندافع عن وطننا وأرضنا وعن هويتنا وتاريخنا ولو اجتمع العالم ضدنا، نحن أصحاب حق ولسنا وندافع عن وجودنا وعن حضارتنا وقيمنا وكرامتنا وعرضنا ..” مؤكدا “ان هدف اسرائيل هو اخلاء القرى من شعبها، ولكن نحن صامدون، وشبابنا على جهوزية لمواجهة اي عدوان ..”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى