الفنادق خالية وحجوزات الشاليهات محدودة والمخاوف كبيرة من الحرب
ترخي الأوضاع الجنوبية، في ضوء العدوان الإسرائيلي المستمر، والمدمر للقرى والبلدات الحدودية في لبنان، بظلالها على مجمل الأجواء ومختلف القطاعات والمرافق والمؤسسات في لبنان، ومنها القطاع السياحي في منطقة ساحل الشوف وعاليه، والتي تعتبر إحدى المواقع السياحية المقصودة والهامة على صعيد الخارطة السياحية في لبنان، القريبة من العاصمة بيروت والجنوب في آن معا، حيث يعيش هذا القطاع، حالة من القلق وعدم الارتياح إطلاقا، بفعل تداعيات تلك الاعتداءات، وسط مخاوف كبيرة من تصاعد لهجة التصعيد الإسرائيلي وتوسع رقعته، لتطول كل معلم، أو جسم مازالت تضج فيه الروح والحياة.
هذا الواقع المرير، يعكس أيضا حالة من الضياع، فيجمع أصحاب تلك المؤسسات، على وصف الموسم السياحي الموعود بالكارثي، فالفنادق شبه فارغة وما من حجوزات، والشاليهات خالية، ويلفتوا إلى ان تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد، يزيد من تفاقم الأوضاع سواء على وجود تلك المؤسسات، حيث أصبح العديد منها مهدد بالإقفال، «بعد ان بتنا نعيش بين فكي، الحرب الإسرائيلية من جهة، والسياسة الحكومية الضرائبية الخانقة والقاضية على آخر نبض في تلك المؤسسات على حسب تعبير أصحاب تلك المؤسسات».
أمين سر المؤسسات السياحية – نقابة المؤسسات السياحية في لبنان، وصاحب منتجع ومطعم «الجسر» في الدامور، غسان عبدالله، أشار إلى ان الفنادق، الأكثر عرضة لتأثير العدوان الإسرائيلي، فهي شبه خالية من الزبائن، معتبرا ان المنطقة الممتدة من مركز حزب الكتائب في منطقة الصيفي، وباتجاه الجنوب حتى الناقورة تسمى منطقة ميتة سياحيا، والمنطقة من الصيفي باتجاه المدفون وجبيل شمالا، يعتبر وضعها أفضل إلى حد ما، لعدة اعتبارات، ومنها ان منطقتنا تتأثر بشكل مباشر بالحرب، لأن معظم الذين يقصدونها، هم من أبناء الجنوب وبيروت والضاحية الجنوبية.
وأكد عبدالله ان الاغتراب هو المنعش والمحرك الأساس للدورة الاقتصادية في هذه المؤسسات، ولفت إلى انه في مثل هذه الأيام التي تتزامن مع الأعياد، كنا نشهد إقبالا كثيفا في تسجيل الحجوزات للمغتربين بهدف تمضية إجازة العيد وفصل الصيف، لكن اليوم وبحسب آخر إحصائية، والتي أظهرت ان حوالي 60% منهم هم من أبناء الجنوب، لذلك أعتقد انه طالما ان الجنوب ملتهبا، ستصاب مؤسساتنا بشلل كامل.
وأشار إلى ان الاغتراب لم يبادر ولم يتصل ولم يحجز حتى الساعة، لأن الصورة قاتمة وسوداوية، والواضح ان الأمور مستمرة، وهذه المناطق ستكون أكثر عرضة لمفاعيل الحرب بعكس المناطق الأخرى.
وإذ أكد عبدالله ان التحضيرات للموسم، جارية على قدم وساق، وانطلاقا من ان الآمال تبقى معقودة على تحسن الأوضاع وعودة الاستقرار والهدوء، لكنه أسف قائلا: «نحن شبه قاطعين الأمل من الموسم».
وشدد عبدالله على ان اللبناني المغترب والمقيم، يحب وطنه، لافتا إلى انه إذا تم التوصل إلى هدنة، هذا المغترب سيترك كل شيء ويقصد وطنه، مؤكدا ان الحرب الإسرائيلية كارثية على لبنان ومؤسساته السياحية وغيرها، إضافة إلى سياسة الحكومة الضرائبية الباهظة التي تفرض على المؤسسات السياحية، والتي يتجه العديد منها إلى الإقفال، إذ ان المؤسسة التي يفرض عليها 150 ألف دولار سنويا، كيف يمكن لها ان تستمر وهي تعمل موسميا فقط، لـ 3 أشهر فقط في السنة.
من الدامور إلى خلدة، المشهد والواقع نفسه، اذ اعتبر غسان بركات صاحب مسبح «بيتش كلوب» (خلدة) ان اي شيء يحدث في لبنان، ينعكس مباشرة على المؤسسات السياحية، لا بل على السياحة بشكل عام، وقال: «نحن تأثرنا بالعدوان الإسرائيلي على جنوب لبنان وبقية المناطق، إذ اننا في طور التحضير لبداية الموسم، ونقوم بمحاولات لاستقطاب الزبائن عبر تنظيم اشتراكات وتأجير الشاليهات، ولكن من خلال الواقع على الأرض، الخوف ينتاب الناس، وتأكيدا على ذلك ان عدد حجوزات الشاليهات مازالت محدودة على عكس الموسم الماضي، فالناس تتخوف من تجديد اشتراكاتها.. نحن في مثل هذه الأيام، كنا لا نهدأ، أما اليوم ليس هناك من شيء يذكر.. وهذا الوضع المأساوي الذي نعيشه، يقابله وضع مماثل من الدولة اللبنانية التي قامت قيامتها علينا، لجهة رفع الضرائب والرسوم التي باتت تفوق إمكاناتنا.
وأضاف: «نحن على كف عفريت، ونتخوف ان يصيبنا ما جرى في حرب (يوليو 2006)، من ان نصل إلى نصف الموسم وتقع الحرب وعندها يضيع كل شيء، والخوف الأكبر من ألا يبدأ الموسم إطلاقا، فما يجري مخيف جدا. ولابد من ان نشير إلى ان لدينا زبائن كثر من الجنوب، إذ ابن الجنوب المهجر والمعتدى عليه لا يمكن ان يفكر بالذهاب إلى البحر.. السائح يقصد المنطقة الآمنة، وإذا لم يتوافر فيها الأمن لن يقصدها نتيجة التهديدات الإسرائيلية والغارات التي تستهدف المناطق اللبنانية كافة.
ويؤكد صاحب منتج «الجية مارينا» محمد صالح، «ان التحضيرات للموسم السياحي قائمة على مختلف الصعد، على الرغم من يقيننا انه سيكون موسما تعيسا، لأن اتكالنا على الجنوب، أما اليوم ونتيجة العدوان الإسرائيلي فنتوقع ان تصل نسبة الحضور السياحي إلى 40%، وثانيا ان الناس لم تتحضر سياحيا، بسبب الوضع الاقتصادي الضاغط».
وأشار صالح إلى «ان مؤسسته تأثرت بنسبة 100%، فالحجوزات الفندقية تراجعت بشكل كبير، حتى باتت خالية، بعد أن كنا نشهد إقبالا من أفراد وأشخاص لديهم مؤتمرات وزيارات وجولات في الجنوب والمنطقة، واليوم ألغيت كل هذه الزيارات والجولات خوفا من الأوضاع الأمنية».
واعتبر صالح «أن السائح لن يقصد منطقة ساحل الشوف، القريبة من الجنوب، مؤكدا ان الكل ينتظر التطورات، والخوف يسيطر على الجميع في لبنان وخارجه»، لافتا إلى «انه وبسبب الأوضاع، ألغى المغترب اللبناني او السائح العربي او الأجنبي، زيارته إلى لبنان، وقصد دولا أخرى»، مؤكدا «اننا كنا نستقبل السواح من أوروبا، من أصحاب جنسيات لبنانية وفلسطينية وسورية يعيشون في أوروبا، لتمضية إجازاتهم الصيفية في مناطقنا، من خلدة إلى الناعمة والدامور والجية والرميلة، لكنهم اليوم غيروا وجهة سياحتهم نتيجة العدوان الإسرائيلي،» مبديا الأسف من «ان الحجوزات عادة في مثل هذه الأيام تكون مكتملة، أما حاليا، فليس هناك من حجز لغرفة واحدة، معتبرا ان الموسم انتهى، وقد وجهت إليه ضربة إسرائيلية قاضية».
وأما صاحب مسبح ومطعم «بهاماس» في الجية أحمد الجنون، فكان له رأي آخر، إذ أكد «ان التحضيرات جارية للموسم على نطاق واسع، على أمل ان يكون الموسم واعدا، لكنه أبدى تخوفا من انه بعد وضع استراتيجية العمل، قد تحصل انتكاسة او ضربة إسرائيلية في لبنان، عندها تقضي على كل شيء، وعلى كل الوطن وليس فقط على المؤسسات السياحية، لافتا إلى ان الاتصالات لحجز الشاليهات لم تتم بعد، اذ انها عادة تظهر جليا بعد 15 أبريل، لكنه اعتبر انه اذا بقي الوضع على ما هو عليه، فمنطقة خلدة والدامور والجية الساحلية ستنتعش سياحيا، لأن منطقة الناقورة وصور وشاطئ البحر في الجنوب، ستكون غير آمنة بفعل العدوان الإسرائيلي، لذلك قد تتحول منطقتنا إلى وجهة للسياحة. ان الشعب اللبناني يحب الحياة، على الرغم من كل الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة، وما يساعدهم في ذلك، توافر الأموال بحوزتهم، التي باتوا يدخرونها في بيوتهم، لا في المصارف.
وقال الجنون: «اذا تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، لبنان سينطلق بقوة، «ولن نلحق على الشغل..» ورأى «ان حزب الله لا يريد الحرب، لأن الاستثمار الذي تم في الجنوب بعد حرب 2006، من مؤسسات سياحية ومصانع وأبنية ومناطق بكاملها، ليس له مصلحة في إعادة هدم مناطقه، التي أسسها بتمويل إيراني وقطري وخليجي، متوقعا ان يكون الموسم على المستوى الجيد في حال بقي الوضع على ما هو عليه، وأما غير ذلك فالله يسترنا».