أخبار الإقليم والشوف

تشييع حاشد للشهيد الدكتور حسين هلال درويش في شحيم

طقوش:” لإحتضان وحفظ مشروع المقاومة ضد الكيان الغاصب..
فواز: شهادته مثالا للعالم بأن لا مكان للاحتلال على أرض لبنان وبيت المقدس.”
شحيم – أحمد منصور
كانت بلدة شحيم ومنطقة إقليم الخروب، على موعد اليوم مع عرس الشهاداة، للطبيب الشاب حسين هلال درويش، في رحلة الوداع الأخيرة، الذي قدّم حياته ودمه فداء للقدس وفلسطين، بعد إلتحاقه في “قوات الفجر” الجناح العسكري للجماعة الإسلامية، عندما إرتقى شهيدا بغارة لطائرة إسرائيلية بالأمس مع رفاقه في خراج بلدة الهبارية (قضاء حاصبيا) بعد عودتهم من تنفيذ مهمة عسكرية ضد أحد المواقع الإسرائيلية المقابلة، فزفّت الجماعة الإسلامية، وشحيم والاقليم، الشهيد في مأتم حاشد، بعد نقل جثمانه الطاهر بموكب من سيارات الإسعاف من العاصمة بيروت، يقودها رفاقه المتطوعين في الجمعية الإجتماعية وجمعية الوعي والمواساة الخيرية، حتى مسقط رأسه بلدته شحيم .
ونظرا لمكانة الشهيد وتكريما له، قام الرفاق والأصدقاء، ولدى وصول موكب الإسعافات الى مفرق مركز الجمعية الإجتماعية، برفع الجثمان من الإسعاف وحمله على الأكف وسط صيحات “الله اكبر ولا إله إلا الله والشهيد حبيب الله..” فيما راحت النسوة تنثر الورود والأرز على الجثمان، الذي تقدم والده وقان بحمله في مقدمة المشيعين، بمشاركة حشد من المشايخ والشخصيات والاصدقاء والاهل والهيات الطبية والاسعافية ومسؤولين في الجماعة الاسلامية .
ولدى وصول الجثمان، تم نقله مباشرة الى براد الجمعية الإجتماعية حتى صلاة العصر، فيما كان والده الشيخ هلال يوزع التحية على الجميع والدموع في عينيه، حزنا وحسرة على فلذة كبده . وبعدها تقبلت العائلة والجماعة الإسلامية التعازي بالشهيد في مركز الجمعية الاجتماعية حتى صلاة العصر، ثم نقل الجثمان بسيارات الأسعاف الى موقع جبانة جبل سويد عند الطرف الشمالي لبلدة شحيم، بعد أن شق طريقه بصعوبة للوصول الى الموقع المقابل للجبانة، حيث أقيم للشهيد حفل تأبيني حاشد .
ولدى وصول الجثمان بالقرب من موقع التأبين، كان في إنتظاره مجموعة من رفاقه باللباس العسكري الميداني وهم يحملون الأسلحة الرشاشة، حيث قاموا برفع الجثمان من سيارة الإسعاف، وحمله على الأكف ونقله الى احد الملاعب الرياضية في جبل سويد، حيث أقيم الحفل التأبيني للشهيد، وسط حضور حاشد، كان من أبرزه النائب بلال عبد الله على رأس وفد من الحزب التقدمي الإشتراكي، ضمً اوكيل الداخلية في الاقليم ميلار السيد، الوزير والنائب السابق علاء الدين ترو، عصام الخطيب ممثلا النائب السابق زاهر الخطيب ورابطة الشغيلة، الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ محمد طقوش، وفد رفيع المستوى من حركة حماس في لبنان،عضو المكتب السياسي عمر سراج، رئيس مجلس محافظة الجماعة في جبل لبنان الأستاذ بلال الدقدوقي، المسؤول السياسي في جبل لبنان الشيخ أحمد سعيد فواز، حشد من المشايخ، ممثل موزعي المحروقات في لبنان فادي أبو شقرا، وحشد من القيادات والمسؤولين في الجماعة الإسلامية، عضو القيادة القطرية المركزية لحزب البعث العربي الإشتراكي في لبنان المهندس أكرم يونس، المهندس أحمد نجم الدين ممثلا جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية، حسن شحادة وابراهيم غصن عن الحزب الشيوعي اللبناني، لقاء الأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية في اقليم الخروب وساحل الشوف، مخاتير وشخصيات وفاعليات وأهالي وأصدقاء .

فواز
وكان إستهل الحفل التأبيني بآيات قرآنية للحاج جمال عويدات، ثم ألقى الشيخ احمد فواز فرحب بالجميع في هذا العرس، عرس الشهادة الذي نودع به شابا تربى في بيته على الإيمان والعقيدة، وعلى قول الله:” من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا” . أنها طريق الشهادة، طريق العزة والكرامة والإباء، طريق اختارها الشهيد، الذي تربى في بيت العلم والرسالة والدعوة إلى الله، ومن نعم الله بأن نال هذه الشهادة في الليلة الأولى من رمضان، ورمضان ليس شهر صوم فقط، ولكنه في زمن رسول الله والصحابة هو زمن الجهاد والانتصارات وقهر النفس والانتصار على الاعداء، ولهذا ارتوت أرض الجنوب بدم الشهيد الدكتور حسين هلال درويش وبدماء، الشهداء على أرض غزة، العزة لتعبّرعن وحدة الدعوة والانتماء، ووحدة الرسالة إلى الله سبحانه وتعالى، فكانت هذه الدماء التي ارتوت من دم الشهيد الطاهر على أرض لبنان دفاعا عن أرض وطنه لبنان، وليكون مثالا للعالم اجمع، بأن لا مكان للاحتلال على أرض لبنان، وعلى أرض الجنوب وعلى أرض بيت المقدس.”

الشيخ محمد طقوش
ثم تحدث الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان الشيخ محمد طقوش فقال:”يا أهلنا في الإقليم الاشم، ارفعوا رأسكم عاليا، فقد غدا منكم شهيد، واي شهيد قد ارتقى وسما وارتفع، أنه ابن عائلة مجاهدة، من بيت العلم والتقوى والورع والإيمان، أنه الطبيب الشاب الخلوق فارفعوا رأيكم عاليا يا أبناء شحيم، وهذا الذي نحن بصدده الآن يرتب عليكم مسؤولية عظيمة وكبيرة أن تحتضنوا المشروع المقاوم بوجه المشروع للصهيوني الإثم، الذي أراد أن يحتل الأرض وأن يدنس المقدسات، فحافظوا على الدم الزكي الذي اهرق من ابننا وولدنا وولدكم من حسيننا، علينا أن نحفظ هذا الدم وأن نحفظ هذا العهد والا نفرط به وذلك من خلال أن نحفظ مشروع المقاومة للكيان الغاصب، للمشروع الصهيوني.”
اضاف: إلى الاخ الحبيب الصابر المحتسب، إلى العالم الجليل، وإلى الوالدة المكلومة والى العائلة الكريمة هنيئا لكم ذلك الاصطفاء، فقد اصطفاكم الله تعالى وحباكم بهذا الشرف العظيم، وعندما تختلط دموع الفرح بعرس الشهادة ودموع الحزن بألم الفراق تختلط الأحاسيس والمشاعر في هذه اللحظات، أنفرح أن اختاره الله شهيدا وكرمه، وهو عند ربه الآن له نوره، فهنيئا لكم. وقد وعد الله الشهداء بأطيب حياة. هو عند ربه الجواد، ولا أدري ما السر بأن تتوافق تلك الشهادة مع الليلة الأولى التي تفتح فيها أبواب الجنان وتغلق فيها أبواب النيران، ويبدو انها من عاجل البشرى لولدنا حسين.”
وتابع: نحن في الجماعة الإسلامية قد عاهدنا الله وصدقنا في ذلك، ونحن نقدم ابناءنا وقادتنا في سبيل مشروعنا وفي سبيل الله، نحن حينما نتحدث عن مشروع تحرير الأرض والمقدسات لا نطلق ذلك على أنه ادعاء، بل على أنه حقيقة، وأكبر دليل على تلك الحقيقة إننا نقدم خيرة الشباب، فهذا حسين والقائد محمد ومحمد جمال واخوانهم الجرحى ومن سبقهم محمد بشاشة ومحمود شاهين ومن سبقهم من قادة الجماعة الإسلامية، ومن قادة “قوات الفجر” .

وقال: هذا حسين الطالب الجامعي على أبواب التخرج ما غرته الدنيا، إنما أراد أن يقصر المسافة وحسم قراره وامره، واختار الطريق الاقصر، طريق ذات الشوكة لكنها سهلة يسيرة ومضى إلى ربه، فما غرته الدنيا وما غرته الألقاب ولا الوظائف ولا السمعة ولا المناصب، فالتحق “بقوات الفجر” وهو الشاب الوسيم الذي فتحت له الدنيا بأبوابها على مصراعيها، لكنه كان يردد قول النبي:” واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. أن ما قدمناه من ثلة مباركة من شباب الجماعة هو دفعة من الدفعات المعدة باذن الله اما للحظة التحرير والنصر واما للحظة الشهادة لنكون سويا مع اخواننا على أرض غزة .”
وأضاف “أقول ورغم الاتصالات التي انهمرت علي من قادة حركة حماس يعزون او يهنئون بالشهادة، وانا اشعر بأن ما قدمناه لا زال يسيرا في جنب ما يقدمون في كل ساعة حيث لا يوجد بيت على أرض غزة الا ويوجد فيه شهيد، بل باتوا يتنافسون كيف يحوز كل واحد منهم تلك الكرامة. اسأل الله ان يقر أعيننا وعين شهيدنا وإخوانه الشهداء والجرحى بنصر كبير، وأن نشهد لحظة النصر وأن نرى اقصانا محررة ونصلي في الاقصى. نم يا حسين قرير العين، هادئ البال، اخوانك الذين تربيت ونشأت معهم في بيروت والإقليم وشحيم هم على العهد والميثاق ليلقوك غدا على حوض قائد المجاهدين محمد صلى الله عليه وسلم.

تسليم سلاح الشهيد
بعدها سلم الشيخ طقوش مسدس وبندقية الشهيد الى والده الشيخ هلال، الذي شكر الجميع على مشاركتهم هذا المصاب الجلل، وقال: نشكر الله على هذه الشهادة في الأول من أيام شهر رمضان المبارك، وها هم رفاقه جاءوا من كل المناطق لوداعه، والشكر للجميع من أحزاب وجامعات وبلديات ومشايخ وأصدقاء وأهالي ومخاتير ومحبين، وأسأل الله تعالى أن لا يضيمكم هذا المضام.”

وأضاف “الحياة هي الأساس، والموت هو الإستثناء. نحن المسلمون نحب الحياة، اما حياة عزيزة طيبة يعز فيها البشر، ويعز فيها العباد، وإما إستشهاد كما يقدم أبناؤنا دماءهم . هذه رسالة الى العام، فنحن نقدم أغلى ما يمكن أن يقدم دماء أبنائنا، فلذات أكبادنا قطعة منا، نقدمها ولكن لله، لأن المقدسات هي عقيدة ودين ندين لله بها، الأقصى الذي رفع شعارا بأهل غزة في معركة طوفان الأقصى، نريد أن نعلم العالم ان دماءنا ودماء أهلنا في غزة هي دماء واحد، العرب والمسلمون هم جسد واحد، على أرض غزة أو القدس أو شحيم أو الاقليم أو بيروت أو شبعا أو الهبارية، أو صيدا فكلنا واحد .”

ثم أقيمت الصلاة على الجنازة، وبعدها ووري الثرى في جبانة جبل سويد في شحيم، فيما تتقبل العائلة التعازي اليوم الثاني والثالث في مركز الجمعية الاجتماعية في شحيم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى